الإثنين 12/مايو/2025

تداعيات خطف الإسرائيليين

تداعيات خطف الإسرائيليين

كسرت أخبار خطف مستوطنين أو جنود إسرائيليين صمتاً مذهلاًفي الضفة الغربية التي عانت من ركود المقاومة الفلسطينية على مدى سنوات. اعتادالناس في الضفة الغربية الترهل والكسل، وأخذوا يتلهون بالأمور الاستهلاكية بدل الانشغالبالقضايا الوطنية.

ظن الناس أن الضفة قد مات فيها نفَس المقاومة، وأنهاأصبحت مجرد مرتع وملعب للجيش الإسرائيلي والمستوطنين، جاءت عملية خطف الجنود ضربةقوية هزت النفوس وأيقظت المشاعر والأحاسيس الوطنية، وبثت في الناس آمالاً جديدةتمزج حب الوطن بمتطلبات التضحية والفداء.

كانت عملية الخطف حيوية في ما يتعلق بإيقاظ الضميرالوطني لدى العديد من الناس، والشعب ما زال بحاجة إلى هزات أخرى لكي ينفض عن نفسهالغبار المتراكم عبر السنين.

حقائق عن الاختطاف

حتى لا نقع بسوء التحليل، من الضروري إبراز الأمورالتالية كحقائق، لا يمكن للتحليل أن يكون دقيقاً دون أخذها بعين الاعتبار:

1- عملية الاختطاف حقيقية، وهي ليست مجرد مسرحيةإسرائيلية لتحقيق أهداف باطنية، لقد أعلنت “إسرائيل” أن اختفاء الجنودأو المستوطنين عبارة عن اختطاف، وهي لم تعلن ذلك إلا بعدما فحصت معاييرها المختلفةالتي يتحدد وفقها تصنيف الاختطاف. “إسرائيل” ليست متسرعة في العادة فيإعلاناتها، وهي تستند إلى خبرائها قبل أن تنطلق ألسنة السياسيين بالتصريحات.

2- لا نعلم حتى الآن شيئاً عن الجهة الخاطفة، نتنياهوأعلن أن الخاطف هو تنظيم حماس لكنه لم يقدم أدلة وإنما قدم قرائن، والقرائن لاتكفي للإثبات. حماس لم تعلن شيئاً، وكذلك لم يفعل أحد على الساحة الفلسطينية، إنمامن الممكن أن نتكهن أن حماس هي التي قامت بالخطف بسبب إمكاناتها الكبيرة، وانتشارعناصرها في أنحاء الضفة الغربية.

وقد سبق لحماس أن أعلنت أن اختطاف إسرائيليين يشكلإستراتيجية جديدة لها وذلك بهدف تحرير الأسرى الفلسطينيين من السجون الصهيونية،الآن هو موسم إضراب الأسرى الإداريين الفلسطينيين، وخطف إسرائيليين يبعث الأمل لدىالفلسطينيين عموماً ولدى المضربين خصوصاً.

وواضح أن “إسرائيل” لن تستجيب لمطالب الإفراجعن الأسرى، وهي لن تفعل ذلك إلا إذا أرغمت على ذلك. التبادل هو إرغام ل”إسرائيل”،ولا يوجد لديها بديل عن التبادل عندما يقع أبناؤها في الأسر.

3- “إسرائيل” تتخبط في أقوالها وأفعالها، وهذاانتصار للخاطفين لأنهم منعوا عن “إسرائيل” طرف خيط من المعلومات يمكن أنتبني عليه، قادة “إسرائيل” يصرحون بدون رصيد معرفي، نتنياهو يعلن أنالخاطف هو حماس دون أن يملك معلومة، أما ليبرمان فيقول إن “إسرائيل” لنتبادل الأسرى. هذا قول فيه سذاجة وجهل، وكأن ليبرمان لم يقرأ تاريخ عمليات تبادلالأسرى بين “إسرائيل” والفلسطينيين.

4- الخاطفون محترفون أمنياً من حيث إنهم لم يتركوا خلفهمما يدل عليهم، ولم يتفوهوا بتصريحات تساعد “إسرائيل” على تتبعهم، اتبعالخاطفون معايير أمنية دقيقة لم تشهد الساحة الفلسطينية مثيلها عبر سنوات المقاومةضد الاحتلال.

الحرص الأمني

إذا كان الخاطفون فلسطينيين فإن العملية تشير إلى تطورفي المفاهيم الأمنية الفلسطينية، وإستراتيجية أمنية جديدة تعتمد الكتمان المطبق.حصل عبر الزمن أن استهترت المقاومة الفلسطينية بالسرية وأهميتها في مواجهةالاحتلال، وبقيت عرضة للاختراقات الأمنية الإسرائيلية والعربية، ووصل الحد إلى أنيشي المقاوم الفلسطيني بنفسه خاصة في بوح أسراره للآخرين بدافع المفاخرة وإثباتالبطولة.

لقد دفع الشعب الفلسطيني ثمناً باهظاً نتيجة التسيبالأمني، واستطاعت “إسرائيل” أن تصل بسهولة إلى المقاومين بسبب اختراقهاالصفوف، ووقوفها عند أدق تفاصيل نشاطات المقاومين.

بدأت حماس والجهاد الإسلامي منذ سنوات خطة أمنية جديدةمن شأنها تنظيف صفوف المقاومة من العملاء والجواسيس، وقد حققت الحركتان نجاحاواضحا في هذا المجال كان ظاهراً إبان الحربين اللتين شنتهما “إسرائيل”على قطاع غزة، لكن الحركتين لم تتمكنا من تنظيف صفوف الجماهير حتى الآن من هؤلاءالعملاء، خاصة أن حماس تتعرض للكثير من الانتقاد عندما تعتقل جاسوساً على اعتبارأنها تعتقل فلسطينيين مدنيين.

تحاول حماس أن تبرر تصرفها لكن المناكفات الداخليةالفلسطينية شكلت حماية للعملاء والجواسيس وأعطتهم ضمانات السلامة وشجعتهم علىالعمل مع “إسرائيل”.

تدل عملية الاختطاف -إن كان الذين قاموا بها فلسطينيين-على أن الحس الأمني لدى حماس قد تطور بصورة كبيرة، فقد سبق لها أن اختطفت جنوداًلكنها فشلت بسبب الاستهتار الأمني.

وهنا أذكر بعملية اختطاف الجندي فاكسمان، إذ خسرت حماسالعملية بسبب اتصال هاتفي، هذه المرة لم يستخدم الخاطفون الجهاز الخلوي، ولميستعملوا أي وسيلة إلكترونية، أو أي وسيلة اتصال من أي نوع آخر.

أصبح المقاومون يعلمون تماماً أن الإشارة الإلكترونية لنتعود ملكهم بمجرد خروجها من الجهاز، وأن كل وسائل الاتصال الفلسطينية مخترقة تماماًمن قبل الإسرائيليين سواء كانت أرضية أو إلكترونية.

ومن المهم الملاحظة أيضاً أنه من الممكن أن يكونالخاطفون قد تخلصوا من أجهزتهم الاتصالية الخاصة مخافة أن تكون “إسرائيل”قادرة على تحديد موقع الأجهزة فتهتدي إلى مكان الخاطفين والمخطوفين.

الاحتفاظ بالمختَطَفين

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات