هل نجت غزة من حرب الضفتين؟

انفتحتأبواب أسئلة غزيرة على قرار حماس توقيع اتفاقية المصالحة الفلسطينية مع الرئيسمحمود عباس وباقي قيادات فتح رغم أنها لم تحسم أهم بنود التوافق الوطني الفلسطينيفي إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية أولاً كممثل شامل للشعب الفلسطيني بناء علىالشرعية الديمقراطية والنضالية معاً، والتي يمثل سهم حماس فيها كواقع على الأرضنسبة كبيرة من أبناء الشعب.
كماأن الاتفاقية وتشكيل الحكومة الجديد لم ولن يوقفا التنسيق الأمني مع تل أبيب والذييستهدف في الأصل اجتثاث المقاومة ومحاصرة حاضنتها الاجتماعية في غزة بعد محاصرةالضفة الغربية، وهذا ضمن الأهداف المعلنة لمنتجات أوسلو وتطوراتها على الأرض وليستحليلاً سياسياً.
يأتيهذا في وقت تقدمت فيه غزة عبر تضحيات كبيرة وصمود لتصنع أرض مقاومة ثابتة تحويمعهداً بشرياً لفكرة التحرير لكامل الأرض الفلسطينية وقلبها القدس، في أجواء لمتتحقق للشعب الفلسطيني طوال عقود.
فلماذاتقدم حماس على مثل هذه الاتفاقية وتعرّض هذه المحاضن ومشروع المقاومة الفكريوالميداني لإختراق أمني واسع؟
والحقيقةأن الجواب عن هذا السؤال المهم والإستراتيجي للقضية الفلسطينية وليس لحماس فقط ينطلقمن المفهوم والمخاوف ذاتها، ولكن عبر بعد وعمق أشد خطورة على مشروع غزة وهو اجتثاثهذا المشروع بأداة وإرادة عسكرية عنيفة يدعمها أكبر توافق دولي وإقليمي وعربيعاشته فكرة المقاومة الفلسطينية في تاريخها.
لقدتغير المشهد كلياً بعد النقض الدامي للربيع العربي وأضحى أهون ما على محاورالمنطقة الرئيسية إقليمياً في طهران وتل أبيب والبعد العربي طرح تصفية غزة كملفتلاقٍ وتقاطع لتوافقات أخرى تعبر على جسد غزة والمقاومة الفلسطينية، ولا توجدمطلقاً في حسابات المشهد وإعادة تصويره الدقيقة أي مساحة نفوذ لمشروع غزة للبقاء سوىالعمل على ترحيل هذا المضيق العنيف إلى دائرة تاريخ أفضل لم تُقرأ معالمها، لكنالواقع يؤكد يقيناً أن ظروف هذا الزمن صعبة جداً للمشروع الفلسطيني المقاوم.
إنإشكالية عدم فهم الاحتساب الإلهي، وأنه لا يغيّر قاعدة الأسباب لا تزال حاضرة فيذهن بعض الجمهور الإسلامي، بما فيها دفع غزة لمواجهة لا تتضح حساباتها.
كماأن حرب التحالف الإيراني وعمقه الطائفي على الشعب السوري والدعم الذي تلقّاهابتداء من تل أبيب ثم انضمام المحور العربي له بقوة وحصيلة القتلى والجرحى بمئاتالآلاف وتهديد وجود الثورة السورية يجعل الموقف من مشروع غزة الفلسطيني في غايةالحذر من دفع الشعب الفلسطيني لكيلا يتكرر ما أصابه في مخيم اليرموك من تجويع أوتصفية عبر الأركان والمحاور ذاتها التي اتحدت ضد الشعب السوري، وبعمق جغرافي أعقد.
لقدكان واضحاً أن وصول الحكم العسكري المطلق في مصر للسلطة بعد الإطاحة بثورة ينايريتخذ موقفاً حاداً من الشعبين السوري والفلسطيني، خاصة مشروع مقاومة غزة، وتم رفعسقف التحريض الإعلامي على الشعبين، ثم تخصيص حماس وغزة بحملة صورتها فعلياً بأنهاهي العدو في العقيدة القتالية للجيش المصري وليست “إسرائيل”، ولم تعدهذه الأقوال تخمينات بل تصريحات على الأرض وفي الإعلام.
وتمتمهيد الأرض كلياً للخطة المزدوجة التي تحدثت عنها تل أبيب وحرّض عليها بعضالإعلام المصري كمشروع وطني لعهد المشير السيسي عبر عملية عسكرية إستراتيجية تنطلقمن الضفتين في سيناء وعبر القوات “الإسرائيلية” في الضفة الغربية للتصفيةالوجودية لمشروع غزة، مع دعم لوجستي ومادي ضخم من كل المحاور التي أشرنا إليها.
والسؤالهنا: ما هو المخرج الذي كان يمكن لمشروع غزة الفلسطيني أن تفكر فيه وتراجع موقفها؟
وأينتوجد لها أي مساحة للتراجع الأمني لامتصاص الضربات؟ فموقف نظام الرئيس مبارك كانيعتمد على الحصار المساند لتل أبيب في حرب غزة 2009 مع حرج في تضييقه الإنساني علىالقطاع يضطره لبعض التجاوب المحدود.
أماموقف المشير السيسي والمؤسسة العسكرية فهو طرف حرب مباشر متحد الاجتياح مع القوات”الإسرائيلية”، ووضع الجندي المصري في خانة المحارب للشعب الفلسطيني،لقد كان هذا المشروع واضح المعالم، إضافة إلى مسار رئيسي وهو أن أي تعثر لمشروعالمشير السيسي الرئيس يدفعه للحاجة إلى مشروع حرب يبرر به تعثره فيعود من جديدلفكرة المشروع العسكري مع غزة.
لقدباتت غزة تواجه وضعاً خطيراً غير مسبوق دون أي مساحة مرونة -فيما أن أي اتفاقيةسياسية تخلي المسؤولية عن الحكومة المقالة في غزة التي دائماً يحتج بها لهذاالحصار العسكري والإنساني- سيخلق مساحة زمنية من الترحيل مهمة جداً لمشروع غزةالفلسطيني وتأمين المدنيين، فما باشرته حماس هو ضرورات المرحلة القصوى التي لامجال لتجاوزها، وهو منهج وقراءة نجحت فيها قيادتها من جديد للعبور بمشروع فلسطينالمقاوم إلى بر أمان مرحلي.
وهومرحلي بالقطع، لكن ظروف الأرض وعالم السياسية لا يتوقفان عند مشهد معين بل يتغيرانفي ظل اضطرابات إقليمية كبرى.
نعمنجحت في إسقاط المشهد الرئيس للربيع العربي، لكن لا يُعرف إلى أين تتوجه بوصلةالأحداث وعلاقات حلفاء اليوم في ظل الرمال المتحركة للشرق الأوسط.
وفيالوقت ذاته كان الرئيس محمود عباس يواجه أزمة سياسية كبيرة لم يحسب لها حساباً،فمع تصفية رئيس وزراء تل أبيب نتنياهو أي فرصة أو مساحة ولو وهمية يتمسك بهاالمفاوض الفلسطيني بات مشروع رام الله مسدوداً كلياً، لكن ما أحرج أبو مازن وفريقهالخاص في فتح هو استثمار هذا الوضع من قبل مشروع انقلابي كامل لمحمد دحلان المقيمفي أبوظبي يطيح بأبو مازن، وترى فيه تل أبيب فرصة تاريخية لتصفية أي مسؤولياتاضطرت لها من تبعات أوسلو.
وكانواضحاً للغاية خشية حركة فتح من زحف دحلان الممول بمبالغ وميزانية ضخمة لتحقيقمعادلة شراكة كبرى في المنطقة لمصلحة تل أبيب عبر صعود المحور الخليجي الجديدلتغيير مقاعد رام الله وخلق الدولة اليهودية وتهويد القدس، في حين يُمنحالفلسطينيون مستوطنات سُرقت من أرضهم دون أي صيغة لدولة ممكنة الحياة.
ورغمأن الرئيس عباس نفسه كان يستدرج لهذا المصير فإن نظرية الصراع داخل فتح والخوف منمحمد دحلان وموقف حماس -الذي ساهم في إحباط خلية دحلان الأخيرة لهيكلة فتح لصالحه-شجعاه على هذه الاتفاقية التي قد تقطع الطريق على المشروع الإقليمي الكبيرلاستبدال أبو مازن بشخصية تتطوع لاعتماد مشروع “إسرائيل” الجديد كشريكفلسطيني.
فيكل الأحوال، فإن غزة وحكومتها كركيزة للمشروع المقاوم للشعب الفلسطيني استفادتا منهذا الصراع في ل
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حراس الأقصى يحبطون ذبح “قربانًا تلموديًا” في باحات المسجد
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أحبط حراس المسجد الأقصى المبارك، اليوم الاثنين، إدخال مستوطنين "قربانا حيا" إلى باحاته، عبر باب الغوانمة....

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...

رفض حقوقي للخطة الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام عبر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان عن رفضه التام للخطة الجديدة التي تروج لها الولايات المتحدة الأميركية، بالتنسيق مع دولة...

33 شهيدًا و94 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 33 شهيدا، منهم 29 شهيدا جديدا، و4 شهيد انتشال)، و94 إصابة، إلى مستشفيات غزة خلال...

أبو عبيدة: الإفراج عن الجندي الأسير عيدان ألكساندر اليوم الاثنين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قرارها، الإفراج عن الجندي الصهيوني الذي يحمل...