تعنت إسرائيلي… ومرونة فلسطينية في غير محلها

مع وصول مسار التفاوض بين السلطة الفلسطينية والحكومةالإسرائيلية إلى طريق مسدود، كما جرت العادة، وانتهاء مهلة التفاوض من دون نجاحوزير الخارجــــية الأمريكي جون كيري في تحقيق أي انفراج ملموس، تبدو آفاق أيمحاولات لاجتراح أساليب جديدة لاستئناف هذه المفاوضات التي تحولت إلى عقيمة، بائسةوشبه ميؤوس منها.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس قدم اخيراً مقترحاً جديداًللعودة إلى طاولة المفاوضات مع «إسرائيل» برعاية أمريكية، بعد انقضاء المدةالسابقة وعودة الخلافات، يقوم على مبادرة الحكومة الإسرائيلية بإطلاق سراح الدفعةالرابعة من الأسرى القدامى، كخطوة أولى فقط، تتبعها عملية تجميد الاستيطان بشكلكامل لمدة ثلاثة شهور، بعد أن حملت واشنطن علنا الطرفين مسؤولية انهيار الجولاتالسابقة من المفاوضات.
قال الرئيس عباس في مقابلة أجرتها فضائية «العودة» وجرىبثها على عدة فضائيات فلسطينية، «الآن يريدون أن تُستأنف المفاوضات نحن لا مانعلدينا»، مضيفا، «إذا أرادت (إسرائيل) أن تعود إلى المفاوضات عليها أولا أن تطلقسراح الـ 30 أسيرا ثم نذهب إلى المفاوضات لمدة 9 أشهر».
الرئيس الفلسطيني يريد أن يتم خلال الشهور الثلاثةالأولى عملية ترسيم الحدود، لكي يعرف كل طرف حدوده. وتابع «عند ذلك ننتقل أو فيهذه الأثناء نكون قد ركزنا على باقي قضايا المرحلة النهائية»، لكنه قال إنه لغايةاللحظة لم يتلق أي جواب من الإدارة الأمريكية أو «إسرائيل».
توقفت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية يوم 29 نيسان/أبريل الفائت، بعد انقضاء المدة المحددة لها من قبل الراعي الأمريكي بتسعة شهور،بدون أن يجري أي تقدم في حل الملفات العالقة. بعد رفض «إسرائيل» قبل شهر من انتهاءالمفاوضات إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى، وعددهم 30 أسيراً وجميعهماعتقلوا قبل اتفاق «أوسلو»، وفق ما جرى التفاهم عليه معها قبل انطلاق المفاوضات.ورد الجانب الفلسطيني بطلب الانضمام لـ15 معاهدة دولية، وهو ما أثار غضب «إسرائيل»التي اتخذت سلسلة عقوبات ضد الفلسطينيين، بينها تجميد عوائد الضرائب.
تصريحات عباس تزامنت مع تحميل الإدارة الأمريكيةللجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مسؤولية فشل جولة المفاوضات السابقة. ونقل عنمارتن انديك المبعوث الأمريكي لعملية السلام، القول إن الزعماء الإسرائيليينوالفلسطينيين «غير مستعدين لتقديم تنازلات مؤلمة»، لزمة للسلام، وأن الجانبينيتحملان المسؤولية». في المقابل، قدم معهد بحوث الامن القومي الاسرائيلي برئاسةاللواء الاحتياط عاموس يادلين مقترحاً للخروج من أزمة فشل المفاوضات بين «إسرائيل»والسلطة الفلسطينية، يقوم على تقديم الطرفين تنازلات تاريخية، وفق تعبيره. وبيّنالمسؤول الإسرائيلي، ان على «إسرائيل» التسليم بإقامة الدولة الفلسطينية، والعودةالى حدود عام 1967، والموافقة على تقسيم القدس، مشيراً الى أن نتنياهو وافقمبدئياً على مطلبين ورفض الثالث. بالمقابل، يجب على الفلسطينيين، حسب الاقتراح،الموافقة على انهاء الصراع بدون مطالب أخرى، وأن يكون حق العودة إلى حدود دولتهمفقط، وتلبية حاجيات «إسرائيل» الأمنية في الضفة، موضحاً أن عباس يرفض هذهالتنازلات الثلاثة.
يادلين قال انه يمكن تقسيم فشل المفاوضات بنسبة 40بالمئة لكلا الطرفين، موضحاً أن 20٪ يتحملها جون كيري وزير الخارجية الامريكي،و40٪ لعباس لرفضه مبادئ كيري كليا، وقبلها نتنياهو بتحفظات، ومضى يجري إلىالمنظمات الدولية وإلى حماس. ووفقاً له ، تتحمل «إسرائيل» 40٪ من فشل المفاوضات،مضيفاً: «اخطأ جانبنا من البداية حينما فضل الافراج عن (قتلة) على تجميد البناء فيالمستوطنات، واستُقبل (القتلة) مثل ابطال في رام الله فلم يزد ذلك الاسرائيليينثقة بالمسيرة». وقال يادلين: «الزعم الامريكي بأن معظم الذنب ملقى على «اسرائيل»غير عادل، فللوسيط ميل طبيعي الى اتهام الطرف القوي». وأضاف: «يقول الرئيسالامريكي باراك اوباما إن (إسرائيل) أمامها خياران فقط، إما الاتفاق وإما دولة ذاتشعبين، واستنتاجه هو أن «إسرائيل» محتاجة الى اتفاق بكل ثمن، ونقول نحن إنه يوجدخيار ثالث وهو وجود واقع دولتين بدل اتفاق على دولتين». «نريد أن نوصل الى حل يعطيأكبر قدر من دولة ديمقراطية وأكبر قدر من يهودية وأكبر قدر من الامن وأكبر قدر منالشرعية». على حد زعمه، مؤكداً ان الانفصال عن غزة كان عملاً صحيحاً، ولكن وقعتاخطاء، «فقد اخطأنا حينما تركنا ممراً مفتوحاً لتهريب السلاح في سيناء؛ وأخطأناحينما لم نسبق الانفصال بتفاوض؛ واخطأنا حينما خرجنا من 100٪ من الارض، فلم يهبذلك للفلسطينيين حافزا الى تليين مواقفهم».
مقترحات يادلين المتشددة التي لا تختلف كثيراً عن مطالبوشروط حكومته، لا تهدف إلى استئناف التفاوض بقدر ما تعني تبرير الممارساتالإسرائيلية ومواقفها الرافضة لمطالب الفلسطينيين، إذ كشف تقرير جديد، صدر عن مكتبتنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة «أوتشا»، أن سلطات الاحتلالالإسرائيلي، هدمت 237 مبنى فلسطينياً.
فشل التفاوض وجمود مساره يظل في واقع الحال أفضل من أيمبادرات فلسطينية قد تقدم للطرف الإسرائيلي غير المعني باستئناف التفاوض إلابالشكل الذي يحقق كامل مطالبه وشروطه الإذعانية، وإلى ان تتغير شروط المعادلةومواصفاتها أعتقد بقاء الامر على ما هو عليه الآن، والاتجاه نحو استكمال عمليةالمصالحة الفلسطينية، يظل أفضل الخيارات المتوفرة أو أقلها سوءاً بطبيعة الحال.
٭ كاتب وباحث فلسطيني
صحيفة القدس العربي اللندنية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...

حرّاس الأقصى يحبطون محاولة ذبح “قربان تلمودي” في باحات المسجد
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أحبط حُرّاس المسجد الأقصى المبارك، صباح اليوم الاثنين، محاولة مستوطنين إدخال "قربان حي" إلى باحاته عبر باب...