الإثنين 12/مايو/2025

المقاومة الفلسطينية ليست عنفاً ولا إرهاباً

المقاومة الفلسطينية ليست عنفاً ولا إرهاباً

دعا الرئيس عباس أمام 300 من النشطاء الإسرائيليين من “السلامالآن” الإسرائيليين في اجتماع عقده مؤخراً في مكتبه في رام الله إلى العودةإلى طاولة المفاوضات مع “إسرائيل” شريطة ترسيم حدود الدولة الفلسطينيةالعتيدة، وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من المعتقلين، وتجميد الاستيطان لثلاثة أشهر.وقال في معرض حديثه:” لا نريد أن نتيح الفرصة لأي كان لمن تخيل إليهم أنفسهمأننا بالعنف والإرهاب يمكننا تحقيق إقامة الدولة الفلسطينية، لا نريد هذا ونحننقول ذلك علناً”. للأسف رغم فشل وعقم المفاوضات التي امتدت عشرين عاماً بينالسلطة الفلسطينية و”إسرائيل” وأيضاً مفاوضات التسعة أشهر، ما زالالرئيس محمود عباس يراهن على المفاوضات، فقد صرح مصدر فلسطيني مسؤول أيضاً بأنالرئيس قدم نفس الاقتراحات لوزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال لقائهما في لندنمنتصف مايو الماضي.

بداية: مقاومة الشعب الفلسطيني ليست عنفاً أو إرهاباًوإنما مقاومة مشروعة بقرارات من الأمم المتحدة، وهي مقاومة شعب محتلة أرضه ومغتصبةإرادته ضد جلاده ومحتل بلاده. ثانياً من المؤسف أن يقول الرئيس الفلسطيني ويطلقهذا التعبير على بطولة الشعب الفلسطيني وهو القائد لحركة فتح أيضاً التي فجرتالمقاومة المسلحة في الأول من يناير عام 1965. من المؤسف أن يقول أبو مازن هذا وهورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. لقد وصف الرئيس عباس من قبلمراراً عديدة المقاومة الفلسطينية “بالعنف والأرهاب”. رغم اقتراحات عباسفإن الوزير الأميركي (وفقاً للمسؤول الفلسطيني) أبلغ عباس خلال اللقاء أنه منالمستحيل وقف الاستيطان لأن هذا سيؤدي إلى فرط ائتلاف حكومة نتنياهو، وأن فكرةترسيم حدود الدولة الفلسطينية هي غير عملية لأن قضية الحدود مرتبطة بقضية الأمن،وهي مسألة شديدة التعقيد برأيه ولا يمكن الانتهاء منها خلال ثلاثة أشهر بعد عدمالتقدم الجوهري طيلة الأشهر التسعة الماضية من المفاوضات. وفيما يتعلق بإطلاق سراحالدفعة الرابعة من الأسرى قال كيري: إن هذه المسألة لم تعد على جدول الأعمال بعدقرار الرئيس محمود عباس الانضمام إلى 15 اتفاقية باسم دولة فلسطين تابعة للأممالمتحدة.

كما يبدو، فإن الرئيس الفلسطيني ما زال يثق بأن الولاياتالمتحدة هي وسيط نزيه في الصراع العربي-الصهيوني رغم ما فعلته الإدارة الأميركيةعلى هذا الصعيد، فهي طرف منحاز للكيان الصهيوني وناقل ببغائي لأفكاره، وحليف عضوياستراتيجي له، وبينهما اتفاقات عسكرية وتسليحية واقتصادية وسياسية وعلميةتكنولوجية، والولايات المتحدة وكما أعلنت مراراً بأنها ملتزمة التزاماً كاملاًبأمن الكيان الصهيوني، وهناك ورقة ضمانات استراتيجية أميركية قدمتها الولاياتالمتحدة لحليفتها تنص على: عدم إجبار الولايات المتحدة لإسرائيل في قبول ما لاتريد قبوله، وعدم ممارسة الضغط على تل أبيب، وحريتها في اختيار التسوية التي تريد!هذه هي العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية، ولذلك فإن كيري أجاب عباس بلساننتنياهو! أما فيما يتعلق بوقف الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر يطلبها عباس، فالكيانالصهيوني واضح على هذا الصعيد: القدس بالنسبة إليه هي” العاصمة الموحدةوالأبدية” لدولته، والضفة الغربية بالنسبة إليه وإلى أطراف ائتلافه هي”يهوداوالسامرة”. وأن أحد شروط بعض الأحزاب لهذا الائتلاف كان شرط استمرارالاستيطان وعدم وقفه!ما نقوله للرئيس عباس: أن المفاوضات كنهج استراتيجي لهولسلطته لن يجبر “إسرائيل” على الرضوخ لاشتراطاته، ما يجبرها هي وسائلسنتناولها لاحقاً.

بالنسبة لحدود الدولة الفلسطينية نقول إن الكيانالصهيوني ورغم 66 عاماً على قيامه لم يرسم حدود دولته حتى اللحظة، وحدود “إسرائيل”وفقاً للعسكريين الصهاينة، حيث تصل الدبابات والجنود الإسرائيليون وأمام الأطماعالإسرائيلية فإنه لن يتم على المدى المنظور تحديد هذه الحدود! فهل يقتنع الرئيسعباس بحقيقة التوسع والأطماع الصهيونية؟ الكنيست الإسرائيلي يبحث حاليًّا في مشروعقانون “أرض إسرائيل التاريخية” بمعنى أن هذه الأرض تمتد من النهر إلىالبحر أي أرض فلسطين التاريخية، كما يبحث في مشروع قانون آخر يُلزم الحكومةالحالية والحكومات القادمة، بنيل أصوات ثلثي أعضاء الكنيست للانسحاب من أي جزء منالأراضي المحتلة، وفي حالة الفشل في الحصول على ذلك يُحال موضوع الانسحاب إلىاستفتاء للشارع الإسرائيلي. فهل لا يزال الرئيس عباس يؤمن بأن إسرائيل ستنسحب منكل المناطق التي احتلتها في عام 1967؟ وبخاصة بعد بناء هذا الكم الهائل منالمستوطنات وعدم توقف الاستيطان بل استمراره بوتائر متسارعة.

أما على صعيد إطلاق سراح الدفعة الرابعة من قدامىالمعتقلين فلو أن الكيان الصهيوني أراد إطلاق سراحهم لقام بذلك في مارس الماضي.نتنياهو لا يريد إطلاق سراح أسرى منطقة 48 إلى أماكنهم وبيوتهم بل يريد إبعادهمإلى غزة أو إلى الخارج، مع إسقاط الجنسية الإسرائيلية عنهم هذا أولاً.

ثانياً فإن غالبية أطراف الائتلاف الحكومي الحالي هددتبالخروج من الحكومة إذا ما تم إطلاق سراحهم، ولذلك فإنه وفي ظل تسلم الحكومةالحالية للسلطة في الكيان الصهيوني فلن يتم إطلاق سراح أسرى هذه الدفعة. عمليًّاوبالمعنى الفعلي تتجه الأوضاع لفشل حل الدولتين التي تنادي به السلطة الفلسطينيةلكل ما قلناه في هذا السياق. ثم إنه لم تتبق أراضٍ لإقامة دولة فلسطينية عليها.الحل الذي يريده الكيان هو الحكم الذاتي للفلسطينيين على أمورهم الإدارية وسطغابات متعددة من المستوطنات، التي لن تنتهي عند حد معين بل ستستمر طالما بقيت قطعةأرض في الضفة الغربية صالحة لإقامة مستوطنة عليها.

من جانب ثانٍ: إن بديل المفاوضات كخيار استراتيجي يتمثلفي مايلي:

التوجه للانضمام إلى كافة المنظمات الدولية بما في ذلكمحكمة الجنايات الدولية. إجراء المصالحة الوطنية. العودة إلى قرارات الأمم المتحدةكمرجعية للحقوق الفلسطينية في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة كاملةالسيادة. إنهاء التنسيق الأمني مع العدو. الانتفاضة الثالثة. طرح الدولةالديموقراطية الواحدة. اللجوء إلى حل السلطة وإلغاء أوسلو وعودة الصراع إلى مربعهالأول. العودة للمقاومة بكافة وسائلها بما في ذلك المقاومة المسلحة. التمسكبالثوابت الوطنية الفلسطينية. إعادة إحياء منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعيووحيد للشعب الفلسطيني وتفعيل كافة مؤسساتها على أن تضم إطاراتها كافة الفصائلالفلسطينية. إجراء مراجعة شاملة للمرحلة ما بين اتفاقية أوسلو حتى هذه اللحظة. أماخيار المفاوضات كنهج استراتيجي ووحيد لتحصيل الحقوق الوطنية الفلسطينية فقدفَشِلْ، فَشِلْ، فَشِلْ ولا فائدة من المراهنة على المفاوضات بعد اليوم ولا فائدةمطلقاً من اقتراحات الرئيس عباس.

صحيفة الوطن العمانية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات