الثلاثاء 13/مايو/2025

نكسة حزيران.. ذكريات حاضرة لأرض ضاعت في ساعات

نكسة حزيران.. ذكريات حاضرة لأرض ضاعت في ساعات


ما زال الحاج  خيري أحمد صوافطة من مدينة طوباس شمال الضفة الغربية يستذكر تفاصيل نكسة حزيران، وتلك الأيام حيث كان شاباً عشرينياً يافعاً، ويعمل بدائرة البريد في مدينة نابلس، والمرارة تعتصر قلبه.

 ورغم مرور سبعة وأربعين عاماً على تلك النكسة فإن مشاهدها لا زالت عالقة في ذهنه حتى اليوم، سيما ذلك اليوم المشؤوم الذي وقف فيه أهالي طوباس يستقبلون الدبابات الوافدة، ظناً منهم أنها الجيوش العربية القادمة لنصرتهم، ليكتشفوا بعد ساعات أنها دبابات جيش الاحتلال الصهيوني.

 ويروي بمرارة قائلا، لمراسلنا: “وصلنا البلد، واستلمت رشاشاً، ونصبته على ظهر دائرة البريد، وصرت أضرب به على الطائرات، لم أكن مدرباً، وكانت النساء  تزغرد كلما سمعت صوت الرصاص، وتظن وأنا معها أنني أسقطت الطائرات التي تنخفض في ارتفاعها، وتغير حركتها”.

 ويضيف: “دخل في يوم النكسة جيش الاحتلال المنطقة، وظنه الجميع أنه من الجيوش العربية القادمة لنصرة فلسطين، وكنت أشاهد جيش الاحتلال يوزع الملبس على الناس المستبشرين به على أنه جيش الجزائر، وسمعت الكبار في السن يقولون إن الجيش الذي دخل بلدنا هو جزائري، غير أنني قلت لصديقي الذي استضافني إن الجيش “إسرائيلي”، وشاهدت نجمة داود على الدبابة”.

 ذكريات ” الشريعة ومخاضة أبو السوس”

 ويصف الحاج محمود أبو الرب من جنين لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”،  مشهد نزوح الناس إلى الأردن في تلك الفترة والغضب يملأ وجهه لما آلت إليه أحوال الناس، ويقول: “المشهد من جنين إلى الحدود الأردنية كان مريعا، تراكتورات، شاحنات، دواب كلها تحمل رجالا ونساء وأطفالا”.

ويؤكد أن جنبات الطريق آنذاك كانت مليئة بالدبابات والمدافع والثكنات العسكرية الأردنية المدمرة، والطائرات وعشرات الجثث الملقاة هنا وهناك.

 ويستذكر أبو الرب بحث النازحين عن “المخاضات” وهي أماكن المياه الضحلة في نهر الأردن لكي يتمكن الناس من قطعها، مشيراً إلى أن نهر الأردن لم يكن جافاً كما هو اليوم بعد تحويل الاحتلال لمياه بحيرة طبريا نحو النقب وتجفيف مصادر المياه عنه.

 وكانت مخاضة “أم السوس” على “الشريعة” في نهر الأردن أشهر المخاضات التي كان الناس يرتادوها لمياهها الضحلة حيث كان الجرار الزراعي قادرا على السير فيها.

 في الأيام الأولى التي أعقبت احتلال الضفة عام 1967 كانت حالة نزوج كبيرة للأردن، وكانت حينها الحدود مفتوحة، ولم يكن الصهاينة وقتها قد أحكموا سيطرتهم على الحدود، ولكن الناس بدأت تعود متسللة بعد ذلك من خلال قطع “الشريعة” في نهر الأردن والعود لقراها، حسب قول الحاج أبو الرب.

 ويرمي أبو الرب ببصره على مرج ابن عامر مستذكر أكثر من 60 دونماً من أرضه صودرت كانت تزرع بالقمح والشعير، ويقول: “يجب أن يتعلم الأحفاد أن هذه الأرض يجب أن تعود”.

 ويؤكد أبو الرب وصوافطة أنهما يسردان قصص النكسة لأحفادهما لاستخلاص العبر وليس للبكاء على أطلال الماضي، لأن الجيل الجديد من الشباب هو المعول عليه لاستعادة الأرض، وفق رؤيتهما.

 وتبقى النكسة شاهداً على ظلم لطالما أذاق الشعب الفلسطيني الويلات، ووضعه تحت رحمة احتلال لا يرقب فيه إلاً ولا ذمة، لكنها في المقابل ستبقى حكايات تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل دون اندثار.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات