عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

المصالحة.. حتى لا تأكلها المجاملات

المصالحة.. حتى لا تأكلها المجاملات

لا شك أن المصالحة الفلسطينية يمكن بل يجب أن تكون رافعةللقضية كلها، ولا شك أن الطرفين المتصالحين قد توجها لهذه المصالحة كل عن قناعةذاتية بأنها مصلحته وضرورته، ولا شك أيضاً أن تحديات كثيرة سوف تعترض هذهالمصالحة.. وأن العدو سيمارس ما اعتاد أن يمارسه للتزهيد فيها أو للتخويف منها منتطميع بحل أو تصعيد بعدوان.. وأن النظم المتصهينة في المنطقة ستقوم بالوظيفةالمعتادة تحاول إفسادها وتحريف مسارها.. وفي الشعب الفلسطيني أشخاص توتيريونوقيادات إشكالية معروفون بأعيانهم سيحاولون إرباك المصالحة وتفريغ جوهرها.

لكن أخطر ما يمكن أن يعرقل المصالحة ويقطع طريقها وما قدينسف أساسها فيذرها قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً، هو أن لا يمتلك أحدالطرفين (أو كلاهما) المهارة والقدرة على تحويل الاتفاقات والتفاهمات من فكرة إلىمبدأ ومن نية حسنة إلى فن وإنجاز ومن حوار ونظرية إلى مشروع وواقع وعمل، أو أنيعتاد على استيفاء حظه منها دون أن يقدم الذي عليه فيها، أو يبالغ في التعدي علىالطرف الآخر أو التذاكي عليه أو استغفاله وظن تسامحه غير المحدود ويسكت عليه هذاالآخر لخجل أو مجاملة أو مزيد حرص..

فإذا نظرنا لخطوة تشكيل الحكومة وإصرار السيد عباس علىتجاهل اعتراضات حماس على تعيين رياض المالكي وزيراً للخارجية، وتجاهل اعتراضاتهاعلى تحويل وزارة الأسرى لهيئة بموازنة جزئية خارج موازنة الحكومة، وإصراره علىإضفاء الطابع السياسي على الحكومة المشكلة بما يحمّلها أوزار الحالة السياسيةالرسمية المتهتكة ويسوّق عليها برنامجاً منتهي الصلاحية.. كل ذلك لا يمكن كتابتهإلا تحت عنوان الأخطاء والتعديات التي لا يجوز قبولها ولا السكوت عليها..

لست من المنفرين ولا من الميئّسين، ولست من الغافلين عنأهمية تنقية الأجواء وضرورة صناعة السياق الثقافي والنفسي لمسار المصالحة.. ورغمذلك فلست أرى السكوت على التعديات، بل أرى أن هذا السكوت قد يصدّر لفتح وللسيدعباس ولقوى إقليمية تدرس خيارات العلاقة مع حماس صورة سلبية عن قدرتها وعنهوامشها، وقد يغري بتعديات أخرى وقد تكون أكبر وأخطر..

وأود أن أنوه هنا لأربعة متطلبات أرى أنها لا يجوزتجاهلها، وأن المصالحة لا يمكن أن تتم أو تصل غاياتها بدونها،.. يجب أن تظل ماثلةفي ذهن الطرفين، وتبقى موضع مصارحة ومحاسبة من غير حرج ولا تأجيل.. والمتطلباتالأربعة:

1- أن لا يطمع طرف ولا يسمح له بالتراجع أو بالاستقطاعمما تم الاتفاق عليه، فذلك يفتح باباً واسعاً على شر كبير وعلى نكث للعهد ونقضللأيْمان والتطفيف في الميزان..

2- ضرورة الأخذ بنظر الاعتبار أن من الخلافات التي قدتنشأ بين الطرفين ما أصله اختلاف البرامج – والأصل أن البرامج كلها محترمة – ومنهاما يقع لقلة الخبرة في إدارة العلاقات، ومنها ما تفرضه مستجدات السبع سنوات منالانقسام.. ذلك يجب أن يؤدي لإحسان الظن والتماس العذر بعيداً عن التوجساتوالتوهمات وعن اتهام أصل النية.

3- ضرورة تمرير المرحلة الحالية من الاتفاق والتنفيذ علىأنجح وأتم ما تكون الصورة؛ فأسباب النجاح كثيرة، والمرحلة تعطي صورة عما سيكون فيالمراحل التالية حيث تشتد الضغوط وتكثر الاحتكاكات وتعترض التعقيدات.

4- ضرورة أن ينصب نظر الطرفين باستمرار على خط النهايةوعلى الرؤية الإستراتيجية التي تأتي المصالحة في سياقها، بما يعزز الحكمة في إدارةالخلافات والقدرة على التسامح والانضباط والتنازل وتوزين وتضبيط الأولويات..

آخر القول: لأن المصالحة الفلسطينية غاية وغالية، ولأنهالا يجوز أن تأكلها المجاملات.. فإن على الإخوة في حماس وعلى شهود المصالحة وعلىضامنيها أن تعلوا أصواتهم في إيقاف سلوك الفردية والاستعلائية الذي يمارسه حتىالآن السيد عباس في التعامل مع الاتفاقات والتفاهمات.

صحيفة الشرق القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات