الإثنين 12/مايو/2025

النقلات النوعية المنتظرة

النقلات النوعية المنتظرة

مهام عاجلة تنتظر حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينيةلتحقيق نقلات نوعية على أكثر من صعيد. ففي الجانب الداخلي تتصدر سلم الأولوياتمهمة العمل على حل مشكلات الناس اليومية المتعلقة بتوفير الأمن، وتسييد القانونعلى الجميع، ومنع مظاهر الانفلات، والتعدي على الحريات العامة والخاصة، وإنهاءحالات الاعتقال السياسي من قبل أي جهة كانت سواء بالضفة الغربية أو قطاع غزة.

كما تأتي المهمة الكبرى من أجل تأمين شروط الحياةاللائقة للمواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، بعد سنوات منالحصار الظالم وتردي المستوى المعيشي والاقتصادي، والصحي والتعليمي في وقت تراجعتفيه مداخيل المواطنين، وأصبح دخل الفرد الواحد لا يتجاوز سقف عدة دولارات محدودةفي اليوم الواحد وفق تقارير الهيئات الدولية، التي أشارت أيضاً إلى أن نسبةالباحثين عن العمل في الداخل الفلسطيني تجاوزت (60%) من اليد العاملة ومن خريجيالجامعات وغيرها. كما أشارت إلى أن نسبة الفقر في الأراضي الفلسطينية عام 1967جراء الإغلاق والحصار أصبحت أكثر من (70%).

إن تلك الهموم الحياتية اليومية، طالت القوت اليوميللناس، وساهم بذلك قيام سلطات الاحتلال بتجريف الأراضي واقتلاع الأشجار ومحاربةالفلاح الفلسطيني، وفي قيامها بممارسة سلسلة من الحصارات المتواصلة، والمضايقاتالمستمرة لعمل وكالة الأونروا التي أضحت بدورها تعاني من أزمات متتالية مع الحاجاتالمتزايدة لمجتمع اللاجئين الفلسطينيين والنقصان الحاد في اعتماداتها المالية.

إن المجتمع الفلسطيني في الداخل، خصوصاً في مناطق قطاعغزة يعاني ويكابد هموماً كبيرة في الجانب الاقتصادي المعيشي اليومي بعد سنواتطويلة من انتفاضتين متتاليتين، وبعد أكثر من جولة عدوانية “إسرائيلية”ضخمة جرت على القطاع خلال السنوات القليلة التي انقضت، حيث تم تدمير جزء كبير منالبنى التحتية والإنتاجية.

ان قراءة الأرقام والمعطيات القادمة من فلسطين والصادرةعن عدد من المؤسسات والمراكز البحثية والمعنية، تعطينا صورة واضحة عن حجم المعاناةالكبرى التي يعانيها الفلسطينيون في الداخل بعد تضحيات جسام تم تقديمها في مسارالعملية الوطنية الفلسطينية. وعلى سبيل المثال، فقد أشارت بعض التقارير الموثوقةوالمدققة والمتأتية عن العمل البحثي والمسوح الإحصائية، إلى أن إجمالي مساحةالأراضي الفلسطينية في عموم الضفة الغربية والتي تم تجريفها خلال السنوات الأخيرةمن قبل سلطات الاحتلال، بلغت نحو ( 80712) دونماً من الأراضي الزراعية العائدةلمواطنين فلسطينيين، في حين بلغ عدد الأشجار التي تم اقتلاعها في السنوات الأخيرةأيضاً في الضفة الغربية ومناطق القدس نحو (135729) شجرة، إضافة لهدم (784) مخزناًزراعيًّا، وتم إتلاف (1400) خلية نحل، وهدم آبار كاملة بملحقاتها، وإيقاع الضرر بـ(788) مزرعة دواجن وحظائر حيوانات منتجة خصوصاً في منطقة الأغوار على الحدودالأردنية الفلسطينية، وهي المنطقة التي تتمسك بها سلطات الاحتلال في إطار العمليةالتفاوضية.

عدا عن ذلك، فزحف عمليات التهويد والاستيطان في القدسوالضفة الغربية لا يتوقف، وعمليات مصادرة الأرض تتواصل، وحجم إجمالي مساحةالمستعمرات يتزايد ويتراكم في الضفة الغربية، وبلغ الآن نحو (539930) ألف دونم منأراضي الضفة الغربية، في حين صادرت حكومة بنيامين نتنياهو قبل فترة ليست ببعيدةنحو ثمانية آلاف دونم لتوسيع وبناء مستعمرات جديدة. ومن المهم في هذا السياقالإشارة إلى أن ربع مساحة الضفة الغربية والبالغة نحو (5888) كيلومترا مربعا، تمابتلاعها بشكل عملي لصالح المستعمرات المقامة والتي يقيم فيها نحو نصف مليونمستوطن يهودي، عدا عن مستعمرات منطقة القدس ومحيطها.

وعليه، ومع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، ينتظرالفلسطينيون نتائج المصالحة الوطنية بفارغ الصبر من أجل تحقيق جملة من الأغراضوالأهداف المنشودة على المستوى العام الفلسطيني.

وأول تلك الأغراض والأهداف، من أجل قيام حكومة الوحدةالوطنية بواجباتها المُترتبة عليها من أجل ألغاء حالة الازدواجية القائمة علىالأرض، فحكومة الوحدة الوطنية جاءت بفعل التوافق بين القوتين الأكثر حضوراً ووزناًفي الساحة الفلسطينية. الأمر الذي عزز الموقف بشكل عام، وأعطى لحضور حركتي حماسوفتح، دفقاً من المشروعية الشعبية الإضافية، والمصداقية السياسية أمام الرأيالعام.

وثاني تلك الأغراض والأهداف، من أجل وضع حلولٍ عمليةللقضايا المُعقدة التي يواجهها المجتمع الفلسطيني داخل مناطق فلسطين عام 1967خصوصاً منها القضايا الإقتصادية التي تمس حياة الناس ومعيشتهم بشكلٍ مباشر.

وثالث تلك الأهداف والأغراض، من أجل إنجاز الملفالسياسي، حيث ينتظر الفلسطينيون نتائج المصالحة الوطنية لجهة إحداث حالة منالتماسك والتوافق السياسي، تسهم في تمتين الموقف الوطني الفلسطيني، وفي صناعةالبدائل الوطنية في مواجهة الاحتلال وسياساته وعمليات تهويد الأرض، واقتلاعالسكان.

ان الخيارات الأفضل كانت وما زالت بالنسبة لحركتي فتحوحماس، تتمثل في إنجاح خطوة تشكيل حكومة ائتلافية وفق أوسع مشاركة فلسطينية ممكنة،على أساس البرنامج المشترك، للحفاظ على وحدة البيت الفلسطيني، ووحدة أدوات الفعلوالتأثير، وإسهاماً مباشراً في تكريس منطق التداول السلمي لمواقع السلطة، وقطعالسبل أمام محاولة واشنطن لتأليب العالم والبعض من دول الاتحاد الأوروبي في مواجهةالخيارات الوطنية الفلسطينية، بما فيها خيار إنهاء الإنقسام الداخلي.

إن نجاح تشكيل الحكومة الإئتلافية الفلسطينية الجديدة،يسهم بتعزيز الوضع الداخلي الفلسطيني أمام “عركة” كبيرة قد تكون قادمةمع الاحتلال “الإسرائيلي”، ويوفر الفرص لإنجاح الخطوات الفلسطينيةالقادمة من أجل إجراء العملية الانتخابية الديمقراطية المنتظرة لانتخاب مجلستشريعي جديد للقدس والضفة الغربية وقطاع غزة بدلاً من المجلس الحالي الذي انتهتولايته، كما في انتخاب رئيس جديد للسلطة الوطنية الفلسطينية.

إن نجاح الوزارة الفلسطينية في المدى المرئي يتطلباستكمال باقي عناوين المصالحة الوطنية الفلسطينية التي كانت موضع بحث وتوافق فيالحوارات الفلسطينية والوثائق التي صدرت عنها والتي تم التوافق بشأنها خلال الفترةالماضية، والسير قدماً في معالجة قضايا منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة بنائهاباعتبارها المرجعية العليا للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات. فالسلطة الوطنية هيالمرجعة للداخل الفلسطيني أما المنظمة فهي المرجعية العليا للداخل والشتات.

صحيفة الوطن العمانية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات