الإثنين 12/مايو/2025

نتياهو وسياسة واشنطن العقيمة

نتياهو وسياسة واشنطن العقيمة

فيغضون الأسابيع القليلة الماضية لفت انتباهي عدد من التعليقات ذات الصلة بمحادثاتالسلام الإسرائيلية الفلسطينية التي انهارت بالفعل. وتؤصل هذه التعليقات في مجملهالأسباب فشل المحادثات، وتوضح ما يجب تغييره لكي يتم التوصل إلى تسوية تفاوضيةناجحة في المستقبل.

وبكلوضوح، تكشف هذه التعليقات أنه لن يكون هناك سلام إسرائيلي فلسطيني طالما ظلنتنياهو رئيساً للحكومة الإسرائيلية، وتؤكد أيضاً على أن تجاهل هذه الحقيقةالمجردة يعني المخاطرة بأن تصبح الجهود الأميركية المتواصلة «مساعي عقيمة».

وكانالتعليق الأول من مسؤول أميركي لم يُذكر اسمه- ولكن يعتقد على نحو واسع النطاق أنهمارتين إنديك- نشر في صحيفة إسرائيلية، وفيما يلي السبب الذي قدمه «المسؤولالأميركي» لانهيار عملية السلام:

«كانينبغي أن تبدأ المفاوضات مع قرار تجميد بناء المستوطنات، وقد تعلمنا أنه لا يمكنناتحقيق ذلك بسبب تشكيلة الحكومة الإسرائيلية في الوقت الحالي، ولم ندرك أن نتنياهوكان يستخدم الإعلانات عن مناقصات بناء المستوطنات كطريقة لضمان بقاء حكومته، كماأننا لم ندرك أن استمرار البناء سمح للوزراء في حكومته على نحو فعّال بتخريب نجاحالمحادثات».

وأضاف:«ثمة أسباب كثيرة وراء انهيار جهود السلام، ولكن الشعب في إسرائيل لا ينبغي أنيتجاهل الحقيقة القاسية، وهي أن سبب نسف المحادثات الأساسي كان المستوطنات». وتابع«لا يعتقد الفلسطينيون أن إسرائيل تعتزم حقاً تركهم يقيمون دولتهم، بينما تبني- فيالوقت ذاته- مستوطنات على الأراضي التي يُفترض تخصيصها لتلك الدولة، ولاسيما أننانتحدث عن بناء ما لا يقل عن 14 ألف وحدة سكنية». وذكر أنه بعد انهيار المحادثات،أدركنا الآن فقط أن الأمر يتعلق أيضاً بمصادرة الأراضي على نطاق واسع، وهو أمر لايتسق مع أي اتفاق.

وكانالتعليق الثاني من نتنياهو نفسه، عندما كان يتحدث إلى مجموعة من الأعضاء الشباب فيحزبه، حيث قال: «عندما دخلت مكتب رئيس الوزراء في ولايتي الثانية، تم استدعائي إلىواشنطن، وهددوني بشكل خاص، وأخبروني بأنه من غير المسموح بناء حجر واحد». وأضاف:«كان الضغط من المجتمع الدولي والأميركيين هائلاً، ولا أعتقد أن أحداً في إسرائيلتعرض لمثل ذلك الضغط».

وتابع:«على رغم ذلك، بعد مرور خمسة أعوام في عملي، بنينا أكثر من حجر واحد، ولكن المهمأننا نفعل ذلك بطريقة ذكية وبهدوء، من دون تصريحات مثيرة، فالقائد يعلم كيف يتحملالضغط الدولي، ولكن المهم هو أننا نواصل المضي قدماً نحو تحقيق هدفنا، حتى إنمضينا يمنة أو يسرة».

ومنالصعب أن نفهم كيف يمكن لأي شخص في الإدارة الأميركية أن يزعم أنه تفاجأ بسلوكنتنياهو، فهو مجرّب من قبل، وليس مسؤولاً جديداً لم يتم التعامل معه من قبل!

وقدتم انتخاب نتنياهو في عام 1996 على أساس برنامج مخصص لإنهاء عملية سلام «أوسلو»،ومن خلال العمل مع حلفائه في حركة المحافظين الجدد الأميركية، التي كتبت خطاباًألقاه أمام الكونجرس تحت عنوان: «الانفصال التام والكامل»، نجح رئيس الوزراءالجديد يومها في التلاعب بالكونجرس الذي قاده الجمهوريون ضد كلينتون والقضاء علىاتفاقيات «أوسلو».

وفيالوقت المناسب، نجح نتنياهو في تشويه العملية، التي زعم بعد خمسة أعوام علىتنفيذها أنه قد تلاعب بالولايات المتحدة وفاز، وفيما يلي وصف نتنياهو في عام 2001لكيفية تعامله مع واشنطن: «أعرف ما هي أميركا، وأعتقد أنه يمكن تحريكها بسهولة فيالاتجاه الصحيح، فهم لن يضايقونا، ودعونا نفترض أنهم سيقولون شيئاً.. فليقولوه،فثمانون في المئة من الأميركيين يدعموننا، وإذا كان لدينا هذا التأييد هناك،فعلينا أن نعرف كيفية استغلاله». وأضاف: «على سبيل المثال كانت تلك الإدارة بقيادةكلينتون داعمة للفلسطينيين بشكل كبير، ولكن لم أكن أخشى المناورة هناك، ولم أشعربالخوف من مواجهة كلينتون، ولم يساورني القلق من التصادم مع الأمم المتحدة».

وأجدصعوبة في أن أفهم كيف أمكن لأي شخص أن يعتقد أن نتنياهو سيصبح شخصاً مختلفاً عند إعادةانتخابه كرئيس للحكومة الإسرائيلية في عام 2009.

وعلىرغم أنه زعم تأييد «حل الدولتين»، إلا أنه قدم تحذيرات كافية لجعل هذا التأييد بلامعنى حقيقي، وفي حين وافق على تجميد الاستيطان لفترة قصيرة، ولكن الحقائق علىالأرض توضح أن الاتفاق كان مليئاً بالعوار.

وبالطبعيمكن النظر إلى نتنياهو على أنه مراوغ، ولكن الواقع أنه سياسي مؤدلج ومرن في جهودهالرامية إلى السيطرة على الضفة الغربية التي يشير إليها باسم «يهودا والسامرة».وربما أن نتنياهو سيحتال على اليمين أو اليسار، حسب الحاجة، ولكن مفتاح فهمه هوالحكم عليه من خلال أفعاله وليس أقواله.

وأثناءإدارة كلينتون الثانية، تم اختبار صبر نتنياهو، عندما بدأ كلينتون ممارسة ضغوطحقيقية وذكية لإرسال رسالة للشعب الإسرائيلي مفادها أن الولايات المتحدة لم يعديمكنها التسامح مع سلوك نتنياهو.

ولازلت أذكر خيبة أمل كلينتون عندما استخدم نتنياهو الحجة ذاتها التي ساقها مؤخراً،حينما أعرب عن خوفه من أن حكومته ستسقط إذا وافق على ما تطلبه الولايات المتحدة،ولكن الرئيس الأميركي آنذاك كان يعلم أنه إذا تحرك نتنياهو صوب السلام فإن سيخسربعض المتعصبين غير أنه سينال تأييد أحزاب الوسط.

وعندئذاختار نتنياهو، كما هي الحال في الوقت الراهن، الحفاظ على ائتلافه المتعصب وتخلىعن السلام، ومن ثم تواصلت ضغوط إدارة كلينتون إلى أن فهم الإسرائيليون الرسالةوانتخبوا رئيس وزراء جديداً.

وقدحاول الرئيس أوباما الضغط على نتنياهو أثناء فترته الأولى، ولكن بعد أن أثار رئيسالوزراء الإسرائيلي الكونجرس الأميركي ضده، تراجع أوباما. وإذا كان الرئيسالأميركي لا يزال يأمل أن يحقق نجاحاً في فترته الثانية، فعليه أن يدرك أن ترك صنعالسلام للأحزاب لن يجدي، لأن نتنياهو لا يريد السلام وفق أي شروط لا تحقق له بقاءائتلافه قوياً وإذلال الشعب الفلسطيني وإبقائه أسيراً.

وإذاكانت الولايات المتحدة جادة، فإن المسار الوحيد هو ممارسة ضغوط كافية لإجبارالإسرائيليين على الاختيار بين نتنياهو والسلام، وهذا -وإن كان يمثل مجازفةسياسية- إلا أنه إن ما لم يتم التعامل بحزم مع نتنياهو، فإنه سيواصل التلاعب بنا،معتقداً أننا حمقى!

صحيفةالاتحاد الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....