الإثنين 12/مايو/2025

الحقيقة التاريخية لـنتنياهو

الحقيقة التاريخية لـنتنياهو

من الأمور الشهيرة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مستعد منذ اليوم للاعتراف بفلسطين كالدولة القومية للشعب الفلسطيني، بينما الرئيس أبو مازن يرفض الاعتراف بإسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي. ليس هكذا هو الحال. نتنياهو يرفض الاعتراف بوجود شعب فلسطيني. تماما مثل غولدا مائير. مثلما قال في خطابه في مؤتمر ايباك، بالنسبة له الخليل هي فقط المدينة التي “اشترى فيها ابراهيم مغارة الماكفيلا”، بيت ايل هي المكان الذي “حلم يعقوب فيها حلمه”، القدس هي صخرة وجودنا. “حكم داود مملكته” منها. فكيف يمكن الجدال مع ابن المؤرخ الذي يعلن بأن “توجد فقط حقيقة تاريخية واحدة”. وإذا كان كذلك، فقد حان الوقت لإغلاق دوائر الآثار والتاريخ لبلاد إسرائيل وترك هذه المجالات في أيدي باحثي “جامعة ارئيل”.
يبدو أن نتنياهو يعتقد بأنه إذا ما كرر لعدد لا يحصى من المرات الجملة السخيفة “توجد حقيقة تاريخية واحدة” – حقيقته – فإننا كلنا سنبدأ بالإيمان بمصداقيتها. لقد استغل رئيس الوزراء الجلسة الخاصة للكنيست بكامل هيئتها على شرف نظيره البريطاني دافيد كامرون كي يقول “كانت عودة اليهود إلى صهيون هي التي أدت إلى هجرة عربية مكثفة إلى بلاد إسرائيل من الدول المجاورة للبلاد التي تبنى من جديد”.
ولم يكتفِ نتنياهو بالطلب بان يعترف الفلسطينيون بان دولة إسرائيل هي اليوم الدولة القومية للشعب اليهودي وهكذا ستبقى في المستقبل؛ بل قضى بان “الفلسطينيين ملزمون بالاعتراف بالصلة التاريخية للشعب اليهودي بوطنه في بلاد إسرائيل وحقوقه فيها”. بل وقرر بان “لا توجد هنا مسألة روايات، توجد هنا حقيقة تاريخية واحدة”.
تساؤل مشابه ينشأ عن اقوال قالها نتنياهو نفسه في نهاية الاسبوع، في تراشق الكلام مع رئيسة ميرتس زهافا غلئون في الكنيست، بالنسبة لطلبه أن يعترف أبو مازن بإسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي. وكرر نتنياهو ثلاث مرات جملة “حقيقة تاريخية واحدة”، وشرح بانه “أن يكون هناك طرف فلسطيني من 43 – بالتأكيد أقبل ذلك”، ولكنه اضاف على الفور “لا يمكن تغيير الماضي. لا الماضي التوراتي ولا ما بعد التوراتي ولا ما حصل في بلاد إسرائيل في القرن الـ 19 وفي القرن الـ 20”.
يمكن الفهم من ذلك بان نتنياهو مقتنع بان الضربات العشر، شق البحر الأحمر وقصة بيع يوسف للإسماعيليين هي “حقيقة تاريخية”. ولكن لحظة، من أين جاء الاسماعيليون إلى نابلس خاصتنا؟
البروفيسور حاييم غانز، واحد من اولئك الباحثين الإسرائيليين الكثيرين الذين يشككون بمدى مصداقية نظرية نتنياهو، كتب في كتابه “نظرية سياسية للشعب اليهودي” بان الحجة التاريخية – الملكية لتبرير الصهيونية وفرت دافعا مركزيا لأكاذيب التأريخ الصهيوني. “إذا غاب اليهود عن بلاد إسرائيل ألف سنة فأكثر بعد أن تركوها بين القرن السابع والقرن الـ 11، وإذا ما في زمن غيابهم عنها كانوا منشغلين اساسا بالحياة التي عاشوها في أماكن وجودهم” يتشدد غانز، “فكيف يمكنهم أن يدعوا بأنهم كانوا أصحابها في الزمن العتيق ولم يكفوا عن أن يكونوا أصحابها على مدى كل زمن انقطاعهم المادي عنها؟”.
في مقاطعة تمت في اثناء خطاب غلئون قال نتنياهو: “يوجد بيننا الكثير من الجدال حول الحاضر والمستقبل، ولكن لا يمكن تغيير الماضي”. ولكن المشكلة هي أن نتنياهو جعل الحجة التاريخية – الملكية التي تبناها إلى أداة يحفر فيها قبر تسوية الدولتين”.
هآرتس

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات