الثلاثاء 13/مايو/2025

الأسرى ولعبة التفاوض

إياد القرا
عندما وقّع المفاوض محمود عباس عام 1993 اتفاق أوسلو في واشنطن تنازل عن 78% من فلسطين التاريخية ومقابلها حاز على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وأبقى التفاوض مفتوحًا على المستوطنات والقدس والمياه والحدود واللاجئين، وتم إهمال مَن دافعَ عن القضية وسعى لتحرير الأرض والمقدسات وإعادة اللاجئين، وعلى مدار عشرين عامًا يجري التفاوض عليها بل تركوا لحسن النوايا وفق معايير وضعها الاحتلال.

ومع الوقت تحولت قضية الأسرى من قضية وطنية مقدسة قدمت الدماء من أجلها وتعرضت غزة لحرب إبادة دفاعًا عنها، إلى قضية إنسانية فقط، وذلك منذ بدء المفاوضات عام 1993 وليست سياسية كما هو مقتضى الحال في كل الثورات.

عام 1994 كانت أول بادرة حسن نية بإطلاق الآلاف من الأسرى في سجون الاحتلال لكن تحت بند “بناء الثقة” أو “حسن النوايا” وشمل من وقع على وثيقة “نبذ الإرهاب” وحتى عام 2000 لكن تمسك الاحتلال بأن يبقي كافة الأسرى الذين يسميهم “أيديهم ملطخة بالدماء” وهو ما استثنى أسرى الفصائل الإسلامية والذين رفض غالبيتهم التوقيع وكذلك من نفذوا عمليات فدائية أدت لقتل إسرائيليين.

حتى اليوم 4500 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال وإذا ما أراد الاحتلال أن يبدي حسن النوايا يفرج عن السجناء الجنائيين، وإبقاء المقاومين الحقيقيين في سجون الاحتلال لا يتوقف عند ذلك بل يبتز السلطة في إبقاء ملف التفاوض مفتوحًا في الوقت الذي يحاول فيه عباس إظهار بطولات الإفراج عن الأسرى ويتجاهل أنه مقابل ذلك يواصل سياسة التفاوض والتنازلات لتصبح القضية أسرى مقابل تنازلات أمنية والثوابت الوطنية بعد أن انتهى التفاوض على الأرض وما تبقى من 23% والتنازل عن العودة لصفد وإعادة اللاجئين، لتبدو قضية الأسرى هي أم القضايا.

الواقع التفاوضي الهزلي الحالي بين عباس والاحتلال يدعو للاشمئزاز من سياسة السلطة في التنازل عن القضايا الوطنية والتلاعب بمشاعر الأسرى الذين ضحوا بما يزيد عن 20 عامًا في سجون الاحتلال بينما المفاوض أضاع 20 عامًا في تقديم التنازلات.

لعبة التفاوض المكشوفة لن تزيد من إصرار الفصائل والقوى الوطنية التي تبنت قضية الأسرى بالتضحية وتقديم الشهداء للإفراج عنهم إذ يوثق الباحثون أن محاولات المقاومة أسر جنود ومستوطنين أكثر جدوى من عمليات التفاوض بين السلطة والاحتلال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات