في ذكرى ضمير الثورة الفلسطينية

في العاشر من نيسان من كل عام تمر علينا ذكرى مجزرة صهيونية أليمة بحق ثلاثة من قيادات الثورة – حيث كانت عمليات الاغتيال على رأس الأولويات للاحتلال خلال احتلال أرض فلسطين – هؤلاء القادة مثلوا شعاع المقاومة، ووهجها الوضاء في قلوب وعقول شباب فلسطين المجاهدين، فقد اغتالت وحدات الموساد الإسرائيلية في العاشر من نيسان عام 1973م قيادات حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) وهم القائد كمال ناصر، وكمال عدوان، وأبو يوسف النجار، تم اغتيالهم في عملية صهيونية جبانة أطلق عليها اسم ” ربيع فردان ” نفذت في بيروت بقيادة وإشراف المجرم (إيهود باراك).
وتعد عملية (ربيع فردان) من العمليات الصهيونية المعقدة، تم التخطيط لها بدقة بالغة خاصة أن أي خلل فيها يكون له تأثير كبير على العدو الصهيوني، خاصة أن هؤلاء القادة معروفون بعقليتهم الأمنية وعملهم الدقيق، وبدأ تنفيذ العملية ليلة العاشر من نيسان عندما وصلت السفن (الإسرائيلية) إلى شواطئ بيروت، وعلى متنها قوات الاغتيال وبرئاسة المجرم( إيهود بارك)، حيث كان الجنود (الإسرائيليون) يحملون صور القادة الفلسطينيين، وفور انتهاء اجتماعات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، بدأ تنفيذ العملية، وأخذت القوات المكلفة بالاغتيال مواقعها، في شارع فردان في بيروت، وهو الشارع الذي يسكن فيه القادة، وتم مهاجمة مواقع تواجدهم، فقد هوجم مبنى قيادة الجبهة الشعبية، وقُتل الحراس، عندها سمع الشهيد كمال ناصر دوي الرصاص، فهرع إلى سلاحه، لكن أفراد الموساد باغتوه وقتلوه ؛ ثم توجهت وحدة أخرى لشقة القائد ” أبو يوسف النجار ” ودمرت باب شقته بقنبلة وضعت على الباب، ودخلت المجموعة تغطي وجوهها بجوارب نسائية – حسب ما ذكره باراك في يومياته – حيث أسرعت زوجة أم يوسف بالبحث عن مسدس زوجها للدفاع عنه، لكنهم سبقوها لغرفة الشهيد أبو يوسف، وأطلقوا الرصاص عليهما ليرتقيا شهيدين؛ وعندما سمع الشهيد كمال عدوان صوت الانفجار، والرصاص في شقة أبو يوسف؛ أدخل زوجته وأطفاله إلى غرفة داخلية، وحمل بندقيته لمواجهة أي خطر لاستهدافه، لكنه واجه مصير أخويه وبنفس الطريقة، وفُجر باب منزله، ودخل ثمانية من أفراد الموساد، وقتلوه، وسرقوا أوراقه ومستنداته.
السيرة النضالية لهؤلاء الرجال حافلة بالتاريخ الشامخ، فقد كان للقائد الغزي أبو يوسف النجار ابن محافظة رفح الصمود دور ثوري بارز، وهو من مؤسسي حركة فتح، وانتخب عضوا في اللجنة التنفيذية للمنظمة عام 1969م، وعُيّن رئيسا للجنة السياسية العليا للفلسطينيين في لبنان؛ أما القائد كمال عدوان الذي ولد في بربرة قرب عسقلان، ولجأ مع عائلته إلى غزة بعد النكبة، وشارك في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لمدينة غزة عام 1956م، وتم اعتقاله حتى العدوان الثلاثي على مصر وعودة غزة للإدارة المصرية، واختير عضوا في أول مجلس وطني فلسطيني عام 1964م، وفي عام 1968م تولى مسؤولية الإعلام، واشترك في معارك أيلول عام 1970م، ثم انتقل إلى جرش، وثم إلى دمشق وبيروت لمواصلة نضاله، وانتخب في 1/1/1971 خلال المؤتمر الثالث لحركة فتح عضواً للجنة المركزية، وكلف بالإشراف على القطاع الغربي، (المسؤول عن المهمات والأنشطة السياسية والعسكرية في الأرض المحتلة) إلى جانب مهمته الإعلامية، واستمر في قيادة تلك المهمة حتى لحظة استشهاده؛ أما القائد كمال بطرس ناصر المناضل والشاعر، ولد في مدينة غزة عام 1924م، وتربى في بيرزيت شمال رام الله، ودرس في القدس، وأنهى دراسته في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1945م بتخصص العلوم السياسية، وعمل في التدريس، وأبعدته(إسرائيل) بعد حرب حزيران 1967م بسبب مواقفه النضالية الصلبة، وانتخب عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عام 1969م، وتولى رئاسة دائرة الإعلام والتوجيه القومي ومجلة فلسطين الثورة، وكان المتحدث الرسمي باسم المنظمة، وأطلق عليه الشهيد صلاح خلف ” أبو إياد ” لقب “ضمير” الثورة الفلسطينية، وأصبح رئيسا للجنة الإعلام العربي الدائمة، المنبثقة عن جامعة الدول العربية، وفي عام 1972 تبنى المجلس الوطني الفلسطيني قرارا بإنشاء مؤسسة إعلامية فلسطينية موحدة، وأنيطت به مهمة الإشراف على الهيكل الجديد الذي سمي “الإعلام الموحد”، وترأس تحرير مجلة المنظمة “فلسطين الثورة” حتى تاريخ استشهاده، وله الكثير من المقالات السياسية والتأملية الكثيرة، وكتب القصة القصيرة، كما صدرت له مجموعة شعرية، هي “جراح تغني” عن دار الطليعة في بيروت عام 1960م .
لقد رسم هؤلاء الرجال بكفاحهم الكبير ونضالهم الشامخ خارطة الطريق وجسر العبور لتحرير أرض فلسطين،والوطن يحتاج إلى همة هؤلاء الرجال، والقادة الذين رفضوا التفاوض مع الاحتلال ورفض تقديم التنازلات، وتمسكوا بالأرض والثوابت الفلسطينية، وأرسوا دعائم العمل الجهادي والنضالي وهم مداد لمسيرة الجهاد بدءاً من الشهيد القائد الشيخ عز الدين القسام والشهيد القائد عبد القادر الحسيني مروراً بكافة شهداء شعبنا المجاهد وقادته الكبار.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الأورومتوسطي: إسرائيل تمارس حرب تجويع شرسة في قطاع غزة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن الهجوم الإسرائيلي المتواصل والحصار الخانق والنقص الحاد في الإمدادات...

550 مسؤولا أمنيا إسرائيليا سابقا يطالبون ترامب بوقف الحرب بغزة
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام طالب مئات المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين السابقين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالعمل على وقف الحرب في...

حماس تدعو للنفير لحماية الأقصى بعد محاولة ذبح القرابين
القدس المحتلة – حركة حماس قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إن محاولة المستوطنين ذبح قربان في المسجد الأقصى يعد تصعيداً خطيراً يستدعي النفير...

مؤسسات الأسرى: تصعيد ممنهج وجرائم مركّبة بحق الأسرى خلال نيسان الماضي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر نيسان/ إبريل 2025 تنفيذ حملات اعتقال ممنهجة في محافظات الضفة الغربية،...

إضراب جماعي عن الطعام في جامعة بيرزيت إسنادًا لغزة
رام الله- المركز الفلسطيني للإعلام أضرب طلاب ومحاضرون وموظفون في جامعة بيرزيت، اليوم الاثنين، عن الطعام ليومٍ واحد، في خطوة رمزية تضامنية مع سكان...

القسام تفرج عن الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكساندر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عند الساعة 6:30 من مساء اليوم...

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...