لماذا لم تنجح جهود المصالحة؟

منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية الثانية 2006، وتشكيلها للحكومة الفلسطينية العاشرة، بدأت السلطة الفلسطينية تتعامل معها كأنها دخلت في “المنطقة الحرام” ، فكان المطلوب – حسب التصور الفتحاوي- من حماس أن تدخل الانتخابات لتضفي عليها شرعية ما، لا أن تفوز فيها وتقبض على مقاليد الأمور. لذا كانت كل جهود السلطة وحركة فتح بعد ذلك كيفية معالجة ما أسموه خطأ السماح لحماس بالمشاركة في صناعة القرار الفلسطيني الذي ظل حكراً على حركة فتح والفصائل المنضوية خلفها تحت اسم منظمة التحرير الفلسطينية.
مارست فتح وسلطتها كل ما يمكن لإفشال حكومة حماس، وتجند للأمر قوى إقليمية ودولية، بالإضافة إلى (إسرائيل) التي استخدمت كل ما في جعبتها من آلة الموت والدمار، إلى جانب التجويع والحصار، ولما لم ينفع ذلك كله بدأ الرئيس عباس يجرب إمكانية إزاحة حماس عن المشهد السياسي الفلسطيني، عبر ما يسمى جهود المصالحة وإنهاء الانقسام. و هذا الهدف كان واضحاً من كل الصياغات التي تقدمت بها فتح لاتفاقات المصالحة، وهو الأمر نفسه الذي يجعل حماس متشككة من هكذا اتفاقات، لتصبح نتيجة كل جولة من جولات جهود المصالحة ” صفرا كبيرا”.
وما يزيد من تعقيد إنجاز أي اتفاق مصالحة في هذه المرحلة، أن لعبة عباس أصبحت مكشوفة، فكلما تعثرت جهود المفاوضات بين السلطة في الضفة و(إسرائيل)، لجأ عباس للحديث عن المصالحة مع حماس، أي أنها تحولت إلى ورقة تكتيكية تفاوضية وليس خياراً وطنياً استراتيجياً، لتصبح معادلة عباس ” إما المفاوضات مع (إسرائيل) و إما المصالحة مع حماس”، وللأسف فإن هذه المعادلة هي بالأصل ” معادلة إسرائيلية”. لذا فإنها لن تحقق مصالحة مع حماس، ولن تعطيه ورقة قوة أمام (إسرائيل)، ولا يمكن لأي خطوة تصعيدية من عباس ضد (إسرائيل) أن تنجح، طالما أبقى عباس حالة الخصومة بينه وبين حماس.
في المقابل لن تقبل حماس بأي إزاحة لها من مركز التأثير في قرارات القضية الفلسطينية، لأنها بالأساس انطلقت رافعة شعار تحرير فلسطين، ودفعت مقابل ذلك ثمناً باهظا من أرواح أبنائها وقادتها، وهي تخشى من ترك القضية يتحكم بها قلة في غرف المفاوضات المغلقة مع الاحتلال.
بالإضافة إلى أن حركة حماس تشعر بأنها في هذه المرحلة مستهدفة كحركة مقاومة بالأساس بعد تصاعد العداء لتيار الإسلام السياسي في المنطقة، خاصة بعد الانقلاب في مصر، والعداء الواضح من دول خليجية لهذا التيار بما فيه حماس، لذا ستبدو حماس أكثر حذراً في التعاطي مع عباس، الذي صار واضحاً أنه يقف في التحالف ضد تيار الإسلام السياسي، ولعل مشاهد التعامل مع الإخوان المسلمين في مصر وغيرها سيزيد من حساسية الأمر، لأن حماس تفهم من كل ذلك أن الأمر قد يتعدى إخراجها من المشهد السياسي الفلسطيني، إلى محاولة إقصائها، وهو خيار قد لا تستطيعه أي من الأطراف ، لكن غرور القوة قد يجعلهم يجربون الأمر.
في النهاية، لابد لأي اتفاق مصالحة يريد أن يرى النور، أن ينهي حالة الاستفراد بالقرار الفلسطيني الذي تمارسه حركة فتح، وإشراك الكل الفلسطيني في إدارة مشروع وطني وفق أسس جديدة، وأن يكون لحماس خاصة ، بحكم تواجدها الجماهيري وفعلها المقاوم، دور معتبر في إدارة شؤون القضية الفلسطينية، وأن تتوقف السلطة عن التعامل مع المصالحة كتكتيك، وأن تتخلى عن المعادلة الإسرائيلية ” إما مفاوضات وإما مصالحة” ، وأن تبعد عن تفكيرها محاولة إقصاء حماس أو إضعاف حضورها الوطني، سواء بالمصالحة أو غيرها.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

خطيب الأقصى: إدخال القرابين يجب التصدي له بكل قوة
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام استنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، محاولة يهود متطرفين إدخال قرابين إلى ساحات المسجد الأقصى، معتبراً أنه...

حماس: المؤسسات الأممية هي الوحيدة المختصة بتوزيع المساعدات بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن المجاعة في قطاع غزة تشتدّ بشكل كارثي وسط استمرار الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء. وأكدت في بيان...

إطلاق الأسير ألكسندر يفجر غضب عائلات باقي الأسرى على نتنياهو
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام فجّر قرار حركة حماس إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر من قطاع غزة غضب عائلات باقي الأسرى...

حرّاس الأقصى يحبطون محاولة ذبح “قربان تلمودي” في باحات المسجد
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أحبط حُرّاس المسجد الأقصى المبارك، صباح اليوم الاثنين، محاولة مستوطنين إدخال "قربان حي" إلى باحاته عبر باب...

مرصد عالمي: نصف مليون شخص يواجهون خطر الموت جوعًا بغزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام قال مرصد عالمي لمراقبة الجوع الاثنين إن سكان قطاع غزة بأكمله لا يزالون يواجهون خطر المجاعة الشديد وإن نصف مليون شخص...

تحذير من انهيار القطاع الصحي بغزة مع تعمق النقص الحاد بالتجهيزات الطبية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ باتت تعمل بأدوات طبية مستهلكة وفي ظل غياب أصناف...

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...