الثلاثاء 13/مايو/2025

للمقاومة السلمية متسع

د.عصام عدوان
ما دام الاحتلال جاثمًا على الأرض الفلسطينية، فإن كل سبل دحره وإزعاجه وتشويه صورته القبيحة أصلاً، وفضحه وملاحقته قانونيًا ومهاجمته إلكترونيًا، وإرهابه نفسيًا، والتحريض ضده في وسائل الإعلام ومناهج التربية، والاشتباك معه بالحجارة وبالرشاش وبالصواريخ وبالتظاهر وبالمهرجانات والإضرابات، والمقاطعة بكافة أشكالها، وبأدب المقاومة والجهاد، جميعها سبل مطلوبة وضرورية، وهي تسع جميع طاقات الشعب على تنوعها.

دعوات التظاهر على حدود قطاع غزة الشرقية، من أجل دفع العدو للتراجع عن السياج الحدودي، ووقف تعديه على أراضي المزارعين هناك، تعبِّر عن وعي الشباب بأهمية الاستمرار في مقارعة العدو بكل الوسائل. إن لهذه الوقفات الاحتجاجية والتظاهرات ورجم الحجارة على العدو فوائد عدة، على الرغم مما يصاحبها من بعض الضرر المتوقع:

1- تُبقي على حالة العداء مـتأججة في نفوس الشباب؛ هذا الجيل الذي لم يشهد الانتفاضة الأولى، وربما وُلد مع بدء الانتفاضة الثانية، من حقهم أن يضعوا بصماتهم في المقاومة، وأن يسجلوا مشاركتهم، ويكتسبوا تجربتهم الخاصة، ويلاحظوا عدوهم المجرم عن قرب.

2- مع تركيز المقاومة في قطاع غزة على المقاومة المسلحة، ربما شعر كثير من الأهالي وشبابهم أنه لا دور لهم في المعركة، فاسترخوا ثم اعتادوا على الاسترخاء، ثم ضجروا بالمقاومة المسلحة. إن من شأن هذه المواجهات الحدودية السلمية أن تعيد حالة العداء مع العدو إلى نصابها، وأن تُشرك أوسع قطاع من الأهالي فيها.

3- عندما يخرج الشباب إلى حدود القطاع، يشاهدون جمال أرضهم ويتعرفون على مدى جرم العدو الذي حرمهم منها، وضيَّق عليهم سبل العيش، حتى لاحقهم في داخل حدود القطاع الصغير إنهم سيدركون فظاعة هذا الاحتلال، فيدخل كرهه إلى نفوسهم، وهذا يشكل محطة أولية وضرورية لمقاومة العدو.
4- عندما يرمي الشباب دوريات العدو المدججة بالسلاح بالحجارة، حيث لا يملكون غيرها، فتصور الكاميرات مشهد الكف وهو يقاوم المخرز، فيدرك العالم بشاعة هذا العدو؛ الذي يمثل آخر استعمار في العالم.

5- عندما يتعامل العدو بعنف وإرهاب مع هؤلاء الشباب المنتفضين من أجل حقهم المغتصب، فيصيب بعضهم بجراح، وقد يسقط شهداء، وقد يأسر العدو بعضهم، فتتأجج دواعي الكراهية والحقد في نفوسهم ونفوس أهليهم تجاه هذا العدو، ويتضامن معهم ويلتف حولهم أحبابهم وأصدقاؤهم، فتتصاعد وتيرة المقاومة السلمية، وتوفر أرضًا خصبة لدعم المقاومة المسلحة. إننا بحاجة لأن يتعرف المجتمع الفلسطيني بكافة فئاته على قبح هذا العدو وإجرامه وإرهابه، كي لا يظل أحد في غفلة من هذا ويظن أنه يمكن التعايش مع هكذا عدو همجي.

إن من حق شباب الانتفاضة أن يواظبوا على فعالياتهم في مقاومة العدو بطريقتهم، لصده ودحره عن حدود القطاع، وليُظهروا للعالم بشاعة هذا العدو وإجرامه، وإن المأمول من حكومة المقاومة في غزة أن ترحب بهذه الجهود، وتدعمها، وتتبنى جرحاهم وشهداءهم وأسراهم، لأنهم مناضلون من أجل حرية وطنهم ولهم حق على حكومة المقاومة وفصائلها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات