أنفاق المقاومة.. معضلة الاحتلال التي تستعصي على الحل

وعملت دولة الاحتلال كالعادة على تضخيم ما تسميه انجازات عسكرية أمام المقاومة الفلسطينية، فبعد المحاولة الدعائية الفاشلة التي قامت بها (إسرائيل) على إثر قرصنتها لسفينة الأسلحة التي قالت إنها قادمة إلى غزة، تحاول الآن الاستعاضة عن هذا الفشل الإعلامي بإثارة موضوع النفق المكتشف. ويبدو أن سرعة إعلان كتائب القسام أنها من قامت بحفر النفق، وأن عوامل الجو هي من أدت الى كشفه، هي محاولة منها لحرمان الاحتلال من استغلاله في الحرب النفسية والاعلامية ضد المقاومة والشعب.
وأعاد الإعلان عن اكتشاف النفق ، المخاوف الإسرائيلية المتواصلة على المستويين العسكري والأمني من الأنفاق التي تواصل المقاومة في غزة حفرها استعداداً لمواجهة محتملة مع الاحتلال أو حتى القيام بعمل عسكري مبادر، وهذا القلق الإسرائيلي ينبع في الأساس من أن جهود جيش الاحتلال المستمرة على المستوى العملياتي والتكنولوجي والاستخباري لم تستطع إلى الآن إيجاد حل لهذه المعضلة التي تسمى “الأنفاق”.
وتتعدد أوجه الإشكالات التي تواجه تعامل جيش الاحتلال مع هذه الأنفاق، فالتقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن حماس حفرت عشرات الأنفاق التي تصل إلى قرب الجدار الفاصل، وأن اكتشاف أحدهما، يعني أن هناك العديد منها لم يتمكن الجيش من اكتشافه. ويرافق هذا التعقيد أن جيش الاحتلال يواجه صعوبات جمة في معرفة من أين يبدأ حفر النفق، وإلى أين وصلت جهود الحفر، وما هي المسارات التي يتخذها النفق، وهل قام الحفارون بتغيير مساره في منتصف الطريق تهرباً من إمكانية اكتشافه، وهو ما دفع أحد الخبراء الإسرائيليين لوصف الأمر بأن “الجيش يتلمس طريقه في الظلام”.
وتقدر الأوساط الإسرائيلية أن حماس تبذل جهداً متواصلاً، لإعداد أنفاق تستخدم لخطف جنود من على حدود غزة، بهدف مبادلتهم بأسرى فلسطينيين، خاصة بعد نجاح صفقة تبادل الاسرى “وفاء الاحرار”؛ هذا الأمر سبب توتراً حقيقياً بين قوات الاحتلال المنتشرة على الحدود، فقد وقعت إصابات بين جنود الاحتلال على حدود غزة ” بنيران صديقة”، لتكشف التحقيقات الإسرائيلية أن الخوف من عمليات خطف عبر الأنفاق كانت العامل الأساس وراء هذه الحوادث. وما يزيد من حجم المشكلة في هذا الجانب أن قادة كبارا في جيش الاحتلال تحدثوا عن نية كتائب القسام خطف مجموعة كبيرة من سكان المناطق المحيطة بغزة ونقلهم عبر الأنفاق، مما سيجر المنطقة إلى تصعيد كبير لا تريده (إسرائيل).
وفي موازاة القلق من الأنفاق الحدودية تواجه (إسرائيل) معضلة أخرى في شبكة الأنفاق التي تحفرها المقاومة في عمق قطاع غزة، والتي تستخدمها المقاومة في أكثر من مجال، مثل عمليات إطلاق الصواريخ وتخزينها، وهو ما يفسر تمكن المقاومة من إطلاق الصواريخ بالرغم من انتشار طائرات الاستطلاع. بالإضافة لاتخاذ المقاومة للأنفاق كمقرات للقيادة والتحكم والسيطرة الميدانية، والتنقل بين المناطق المختلفة داخل القطاع بعيداً عن الاستهداف بالقصف أو الاغتيال.
في ظل كل هذه التحديات تواصل (إسرائيل) جهودها المستمرة للتغلب على هذه المعضلة، فراحت تسخر قدراتها التكنولوجية في البحث عن الأنفاق وتدميرها، وبالرغم من القدرات الإسرائيلية في المجال التكنولوجي العسكري إلا أنها وجدت نفسها مضطرة للاستعانة بالخبرات الأمريكية في هذا المجال. كل هذا الجهد يتزامن مع نشاط استخباري محموم تقوم به الأجهزة الأمنية للاحتلال، لكشف مكان الانفاق ومساراتها، بهدف وضعه على قائمة أهدافها، ويدمج الجيش كلا الجهدين في نشاط عملياتي عسكري على حدود قطاع غزة.
وفي مجال الاستعداد للتعامل الميداني مع الأنفاق، أصبح التدرب على التعامل مع الأنفاق أحد أركان استعداد القوات التي تنوي الانتشار على حدود غزة، ولهذا الغرض قام الجيش بحفر مجموعة من الأنفاق في معسكراته شبيهة بتلك التي تحفرها المقاومة في غزة .
وبالرغم من كل هذه الجهود تعترف المصادر العسكرية الإسرائيلية، وحتى المستويات السياسية، بأن كل هذه الجهود لم تصل إلى نتيجة حقيقية في الحرب ضد الأنفاق، لتبقى هذه المعضلة ميدانا لصراع الإرادة والعقول بين المقاومة والاحتلال.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

القسام يشتبك مع قوة صهيونية ويجهز على سائق آلية عسكرية شرقي غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اليوم الثلاثاء، الاشتباك مع قوة هندسة صهيونية، والإجهاز على سائق آلية...

470 ألف فلسطيني بغزة قد يواجهون جوعاً كارثياً من المرحلة الخامسة حتى سبتمبر
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام رجح تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إن يواجه 470 ألف شخص في قطاع غزة، جوعاً كارثياً (المرحلة الخامسة...

شهيد بقصف مسيّرة إسرائيليّة دراجة نارية في جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شخص، اليوم الثلاثاء، إثر قصف من مسيّرة إسرائيليّة على بلدة حولا جنوبيّ لبنان، في استمرار للخروقات...

الصحة تعلن ارتفاع عدد ضحايا الإبادة بغزة إلى 52908 شهداء
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 52908 شهداء و119721 مصابا منذ 7 أكتوبر/...

أمن السلطة يقتل الشاب رامي زهران في مخيم الفارعة
طوباس - المركز الفلسطيني للإعلام قتلت عناصر أمن السلطة، الشاب رامي زهران بإطلاق نار مباشر -اليوم الثلاثاء- في مخيم الفارعة شمال الضفة الغربية....

الأمم المتحدة: عدد الوجبات اليومية المقدمة في غزة تراجع بنسبة 70%
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن عدد الوجبات اليومية المقدمة للفلسطينيين في قطاع غزة انخفض هذا...

حماس: عودة عيدان ألكسندر ثمرة الاتصالات وجهود الوسطاء
المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة حماس، إن عودة الجندي الإسرائيلي عيدان ألكسندر ثمرة الاتصالات الجادة مع الإدارة الأمريكية وجهود الوسطاء، وليس...