الأحد 11/مايو/2025

حماس تعيق تحليق الطيران الصهيوني في غزة

حماس تعيق تحليق الطيران الصهيوني في غزة

يعترف الفلسطينيون في غزة أن سلاح الجو الإسرائيلي شكل لهم معضلة في المواجهات العسكرية السابقة، دون أن يجدوا له حلاً، في ضوء أنه يحقق لإسرائيل أكبر الأهداف باغتيال نشطائهم وقصف مواقع أسلحتهم، عبر أقل التكاليف، ودون أن يتعرض الجنود الإسرائيليون لأدنى خطر على حياتهم، وهو ما حصل في حرب الرصاص المصبوب 2008، وتكرر في حرب عمود السحاب 2012.
وهو ما أكده مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة حين أحصى مقتل 911 فلسطينياً من أصل 2269 منذ مطلع العام 2008 وحتى كتابة هذه السطور، بواسطة الطيران الإسرائيلي، سقط معظمهم في حرب 2008-2009، أما في خلال حرب 2012، فقتل 143 فلسطينياً من أصل 171.
ومن خلال تغطية كاتب السطور للحربين الإسرائيليتين الأخيرتين على غزة، فقد بدا له أن العناصر الفلسطينية المسلحة حاولوا التغلب على تقنيات الطيران الإسرائيلي الذي يترصدهم بأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر في تنقلاتهم، والتقنين باستخدام وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية التي قد تكون أحد أهم الأسباب لمعرفة أماكنهم للتحكم، والوصول إليهم عبر تحليل شيفرة صوتهم كما حصل في الكثير من عمليات الاغتيال، وهو ما تحدث عنه “المونيتور” في تقرير سابق مؤخرا.
وتبين “للمونيتور” أن هناك عرفاً فلسطينياً متبعاً منذ أشهر، يتمثل بلجوء المسلحين الفلسطينيين لتغطية الشوارع الفرعية والضيقة بقطع القماش الطويلة والبطانيات والشوادر والنايلون، في لحظات الطلعات الجوية الإسرائيلية لحجب الرؤية عن طائرات الاستكشاف، حتى لا تتمكن من متابعة أماكن تواجدهم وأنشطتهم الميدانية، لإفشال عملية رصدهم وتحركاتهم والتقليل من احتمالات الإصابة.
التحدي الجديد
إسرائيل من جهتها، اعترفت بتعرض طائراتها لـ10 صواريخ كتف من نوع “ستريلا” مضادة للطائرات في الحرب الأخيرة على غزة، بمعدل صاروخ يومياً، باعتباره مفاجأة وتحدياً جديداً أمامها، رغم عدم إلحاق ضرر بطائراتها، لكنه يشكل تعزيزاً كبيراً لقدرات حماس العسكرية، التي التزمت الصمت دون اعتراف أو نفي.
الجديد في الأمر، أن “المونيتور” علم من أوساط عسكرية مطلعة في غزة، أن تجربة قام بها مسلحون فلسطينيون أوائل يناير 2014 بإطلاق صاروخ مضاد للطيران ضد طائرة إسرائيلية تحوم في أجواء حدود غزة الشرقية، لكنه أخطأ الطائرة، ولم يصبها، وهو خبر لم يحظ بتغطية إعلامية إسرائيلية.  أشارت وسائل إعلام إسرائيلية أن إسرائيل قد تقدمت بشكوى رسمية إلى الأمم المتحدة احتجاجاً على الصواريخ التي انطلقت من غزة بعد انتهاء جنازة ارييل شارون، والتي اعتبرتها مصادر عسكرية في غزة اختبارا على صاروخ مضاد للطائرات.
كتائب القسام من جهتها، أعلنت أكثر من مرة أنها حققت عبر المضادات الأرضية والصورايخ المضادة للطيران مفاجآت تمثلت بإصابة مروحية إسرائيلية وإجبارها على الهبوط، وإسقاط طائرة تجسس مقاتلة، دون الإشارة لتواريخ هذه الأحداث، مما سيؤثر على تحليق الطائرات الهجومية في أي حرب قادمة على غزة.
وكشفت الكتائب لأول مرة عن امتلاكها الصواريخ المضادة للطائرات من نوع “سام 7” في غزة، خلال عرض عسكري حضره “المونيتور” أواسط سبتمبر 2013، بجانب أسلحة رشاشة خفيفة، بينها بنادق قنص، وقذائف “آر بي جي” المضادة للدروع، وأسلحة ثقيلة ثبتت على عربات ذات دفع رباعي.
“المونيتور” سبق له أن ناقش هذه القضية، ناقلاً عن أوساط عسكرية إسرائيلية أن استخدام الصواريخ المضادة للطيران يشير لتغييرات تشهدها المنطقة، مرجعة السبب إلى انهيار نظام القذافي في ليبيا، الذي ساهم بوصول كميات هائلة من الأسلحة المتطورة لتنظيمات فلسطينية، وصلت غزة، يصل تعدادها ألف صاروخ من المخزونات العسكرية، ورغم محاولات القوات الأمريكية تحديد مواقعها، لكنها وجدت فقط بضع مئات منها.
الدفاع الجوي
وخلال إعداد هذا التحقيق، اطلع “المونيتور” على وثيقة عسكرية لدى ما يسمى “وحدة الدفاع الجوي” لدى أحد الأجنحة المسلحة في غزة، جاء فيها أن الطيران الإسرائيلي ساهم بصورة كبيرة باستهداف العشرات من عناصرها، بقدرته على رصد تحركاتهم، وأفشل الكثير من المخططات التي أعدها في الحربين السابقتين، عبر ملاحقة مطلقي الصواريخ باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، أو اغتيال العناصر المتقدمة على حدود غزة الشرقية.
وأضافت الوثيقة التي توزع على نطاق ضيق لدى أفراد هذه الوحدة، التي باتت ضمن هيكلية جميع الفصائل الفلسطينية، أنها اجتهدت السنوات الماضية بإعداد خطط عسكرية لمواجهة اجتياح إسرائيلي لغزة، ونجحت أحياناً بصد هذا التوغل البري الميداني، مستذكرة ما حصل في حرب 2008 على حدود مدينة غزة الجنوبية، لكن الطيران الإسرائيلي كان بالمرصاد لأوائل المسلحين الذين شكلوا رأس الحربة لمواجهة الجيش، كاشفاً أن الهدف الأساسي لاقتناء الفلسطينيين هذه المضادات الجوية هو إصابة سلاح الجو الإسرائيلي بالشلل. ولكن لا يزال يشكل ذلك تحديا نظرا الى صغر عدد هذه الأسلحة في غزة وصعوبة الحصول على أعداد اضافية بعد تدمير الأنفاق المخصصة للتهريب.
وختمت الوثيقة بالقول: طالما أن الطيران الإسرائيلي يتكفل بإفشال جميع الخطط الفلسطينية لحماية غزة من أي اجتياح بري ميداني، فلابد من مواجهته، وإحباط طلعاته الجوية، ووضع حد للتحليق المكثف على مدار الساعة في الأجواء الفلسطينية.
وقد أكدت كتائب القسام أن “وحدة الدفاع الجوي”، بدأت بإمكانات بسيطة من رشاشات متوسطة وثقيلة، لكنها استطاعت خلال فترة وجيزة أن تشكل تهديداً جدياً للطائرات الإسرائيلية، ومعيقاً لها في عملها، ونجحت بإسقاط 3 مناطيد تجسس جنوب وشمال غزة، دون تحديد تواريخ لذلك.
قائد عسكري ميداني كبير في غزة، قال “للمونيتور” خلال لقائه بأحد مزارع غزة الشرقية: من حق المقاومة امتلاك مختلف أنواع الأسلحة التي تساعدها في التصدي لآلة الحرب الإسرائيلية، بعد أن تحولت غزة “حقل تجارب” لشتى صنوف الصواريخ والقذائف الفوسفورية والفراغية والصوتية التي يطلقها الطيران الإسرائيلي، وإنها لن تمنحه الفرصة لأن يكرر ذلك بأي مواجهات قادمة.
ولدى سؤال “المونيتور” له عن عدد تقريبي للصواريخ المضادة للطائرات المتوفرة في غزة، قال: إنها باتت متوفرة لدى جميع الأجنحة المسلحة، ولم يعد حكراً على أحد، لكني يمكنني القول أن الزمن الذي يمتلك فيه سلاح الجو الإسرائيلي زمام المبادرة، وشعوره بأن أجواء قطاع غزة مستباحة أمامه، ليفسح المجال لطائرات المختلفة “الاستطلاع والهليوكبتر والإف 16″، للتحليق عبرها شمالاً وجنوباً، زمن فات وانقضى، ولن يعود!
المونيتور، 21/3/2014

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات