الإثنين 01/يوليو/2024

هل تساعد تطورات الإقليم الاحتلال للاستفراد بغزة؟ (تحليل)

هل تساعد تطورات الإقليم الاحتلال للاستفراد بغزة؟ (تحليل)

قد تكون التطورات الإقليمية المحيطة بفلسطين المحتلة، وفقا لمراقبين وسياسيين، مغرية بالنسبة للكيان الصهيوني للاستفراد بغزة، لكنها بقدر إغرائها فإنها غير كافية للإجابة على تساؤل مهم بالنسبة للاحتلال، وهو: ما الذي سأجنيه من احتلال غزة أو فتح معركة شاملة معها في هذا التوقيت؟.

ويرى المراقبون الذين تحدثوا لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ الاحتلال بات يحسب لوضع المقاومة الصحي وتنسيقها العالي في الآونة الأخيرة ألف حساب، وغدا يدرك أنّ المعادلة قد تغيرت سيما بعد تجربتي “الفرقان” و”حجارة السجيل”.

وصعّد الكيان الصهيوني خلال الساعات الأخيرة من وتيرة اعتداءاته وتهديداته لغزة، بعد قصف المقاومة لمستوطنات الغلاف أمس الأربعاء بأكثر من 130 قذيفة صاروخية، بل هدَّد رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو صباح اليوم بأنّ رد جيشه سيزداد صرامة في حال قيام المقاومة بشن أيّ هجوم في وقتٍ لاحق.

تلكم التهديدات، وهذا التصعيد، لا يرى نائب رئيس كتلة حماس البرلمانيّة يحيى العبادسة أنه يمكن أن يمهد لمعركة مفتوحة ضد المقاومة في غزة رغم أن الظرف الإقليمي مغرٍ من حيث شكله العام.

وقال في تصريح لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: “يستطيع الاحتلال أن يقوم بأي شيء بغزة، لكنه اليوم يسأل نفسه: ما هو الهدف السياسي من وراء أي هجوم على غزة، ما الذي سنجنيه، أمريكا الآن تحاول أن ترتب أوراق المنطقة من خلال الانقلاب على الثورات، والكيان له مصالح في أكثر من منطقة، وقد يكون تدخله بغزة يفقده الكثير من هذه الأمور”.

مواجهة قد تتدحرج
لكن الاحتلال، كما يرى العبادسة، لو شعر بخطر استراتيجي عليه فإنّ الأمور قد تتدحرج بالفعل، ويجب أن تؤخذ تصريحات قادته على محمل الجد، التهديدات أحيانا قد لا تعني الحرب، بل الصمت أحيانا يمكن أن يكون أبلغ بالنسبة له، ما يعني المباغتة والاستهداف الصامت.

والمقاومة لا بد أن تكون مقاومة ذكية وحكيمة وتتعامل مع الأمور بقدرها، يقول العبادسة. ويضيف “قد لا يكون من مصلحتنا في هذا الوقت أن يتم دحرجة الأمور وتحميل غزة أكثر مما تطيق، هنا حصار مطبق والمواطن في حالة معيشية ليست سهلة”.

وفي خضم ذلك قال: “يجب أن تنسق المقاومة مواقفها السياسية وأن يكون قرارها جماعيا، وهذا بالفعل لمسناه في التصعيد الحالي، واضح أن المقاومة عندها ذكاء في التعامل، وحين ردت كان ردها بمحيط غزة وعلقت توسيع ردها بناء على تصعيد الاحتلال، وعلى كلٍ، ليس هناك مصلحة لأي طرف أن تتدحرج الأمور لحرب شاملة”.

إقليم مغرٍ لكنه غير كاف
ووفقًا لتقديرات المحلل في الشأن الصهيوني مأمون أبو عامر، فإننا قد نشهد في الفترة القريبة ثمّة تصعيد وعمليات قصف مركّز على بعض المراكز والأماكن بشكل محدد.

لكنه أكد  في تصريح لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنَّ “المحتلّ غير معني بتصعيد الموقف لمواجهة مفتوحة في هذه المرحلة، حسب تقديري لن تنزلق المنطقة لمواجهة شاملة، قد يمتد التصعيد لفترة ما نعم، لكن الواقع الإقليمي غير المستقر حول “إسرائيل” في الشمال والجنوب غير مريح كما يعتقد البعض، الوضع هناك معقد”.

وعن فكرة أن تبادر المقاومة للتصعيد، سواء لفك الحصار أو غير ذلك، قال أبو عامر: “هذا الأمر بحاجة لأن يكون ضمن خطة ورؤية شاملة، بشكل متناسق إعلاميا وسياسيا، هذا أمر ضروري قبل الدخول للمواجهة، المواجهة في هذه الفترة مكلفة جدا إذا لم تكن مدروسة، ولا أرى أن المقاومة قد أعدت خطة لمثل ذلك”.

مواجهة بشكل جديد
من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أنَّ الموجة الحالية من التصعيد هي شكلٌ جديدٌ من المواجهة بعد أن تفرَّد الاحتلال خلال الفترة الماضية بشن عدوان متواصل وبأشكال مختلفة ضد الفلسطينيين، منها قتل المزارعين واستهداف بعض المقاومين واعتقال ومطاردة الصيادين والمزارعين وإغلاق المعابر وغيرها.

وتوقّع القرا في تصريحٍ خاص لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن تتصاعد المواجهة إلى حد تصعيد، لكن سيكون محسوبا، خاصة وأنّ ضربات المقاومة جاءت ضمن سياق محدد باستهداف المستوطنات المحيطة في قطاع غزة فقط.

ورأى أنه في حال ردّ الاحتلال بعمليات اغتيال واستهداف أوسع قد تتسع دائرة المواجهة، معتبرًا أن “الاحتمالات مفتوحة على مواجهة قد يفقد أحد طرفيها السيطرة، مما قد يوسع دائرة المواجهة وهو ما لا يرغب فيه الطرفان”.

التهدئة مقابل التهدئة
ومن حيث المبدأ، كما يرى الأمين العام لحركة الأحرار الفلسطينية خالد أبو هلال، فإن موقف المقاومة واضح بأنها لن تقبل بأي خرق للتهدئة من قبل الاحتلال، وهذا ما ثبت من خلال رد سرايا القدس على استهداف ثلاثة من كوادرها مؤخرا.

وقال لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: “هذا لا يمكن أن يفسر على أنّه كسر للتهدئة، هذا حقّ مشروع للدفاع عن النفس، تهديدات الاحتلال مردودة عليه، والمقاومة التي تحرص على تهدئة يلتزم بها الاحتلال لا تخشى المواجهة لو فرضت عليها”.

ورأى أنّه من “الصعب التنبؤ بخيارات الكيان الصهيوني، لكن بقراءةٍ واضحةٍ فإنّ مواقف بعض الأطراف الإقليمية المحيطة بنا ربما تغري الكيان ليقوم بحماقة بغزة، لكن المقاومة لديها القدرة على الرد على ذلك، وتلقين الاحتلال درسا لا ينساه، هناك ظروف ومعادلات قد تغيرت يدركها العدو جيدا”.

مقاومة بوضع أفضل
ورأى أبو هلال أنّ “المقاومة في وضع أفضل مما سبق، والمقاومة في أيّ معركة جديدة ستبدأ من حيث انتهت الحرب السابقة، المقاومة استفادت من الحروب السابقة، الخيارات أفضل وإمكانات المقاومة أفضل، وإن كانت حجارة السجيل شكلت انتصارًا محدودا فنحن سنكون بصدد انتصار أكبر في أي مواجهة قادمة”.

وفي تصريح له خلال موجة التصعيد الحالية، قال وزير البناء والإسكان الصهيوني أوري اريئيل إنّ الحلّ يكمن في تفعيل المزيد من القوة ضد القطاع، فما لا يأتي بالقوة يأتي بالمزيد من القوة”. كما قال.

أمّا وزير المالية الصهيوني يائير لبيد فقال إنّ “جميع الخيارات مفتوحة للتعامل مع التصعيد الأخير بما فيها احتلال غزة”.

في غضون ذلك، قال وزير الجيش الصهيوني موشي يعالون إنّ “الغارات الصهيونية بالأمس هي الأعنف منذ انتهاء عملية عامود السحاب، وستدفع فصائل غزة الثمن غاليا”.

وأطلقت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي أمس أكثر من 130 صاروخا وقذيفة هاون تجاه مواقع عسكرية ومستوطنات صهيونية محاذية للقطاع وذلك ردا على الانتهاكات المتواصلة بحق الفلسطينيين في الضفة وغزة، وردا على استهداف ثلاثة من قادتها برفح أول أمس.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات