لاجئو النصيرات: عضّ قلبي ولا تعضّ رغيفي!

تختلط أصوات حزمة من الأطفال وهم يطرقون الأطباق الفارغة بالملاعق من أنشودة وطنية عن معاناة اللاجئ الفلسطيني فوق رؤوس مئات المتظاهرين أمام فرع وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

أصوات الهتافات وأعلام فلسطين الحاضرة دون رايات الفصائل الوطنية مع تبرع أحدهم بإشعال الإطارات يعيد للذاكرة أيام التظاهرات في انتفاضة الحجارة أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات.

على موعد واتفاق، لبى مئات اللاجئين في مخيم النصيرات دعوة اللجان الشعبية للاجئين أمس الثلاثاء للمشاركة في الاحتجاج الجماهيري على تقليص خدمات “أونروا” الإنسانية التي حرمت عشرات الآلاف من المساعدات الدورية.
 
معاناة وفقر
أدار المتظاهرون في الجهة الشمالية من التظاهرة رؤوسهم منتبهين لنداء أحدهم بضرورة الإفساح لمجموعة من النساء وصلن للتو للمشاركة في الاحتجاج، فسلكن الطريق المشقوق بسرعة ووصلن لخيمة الاحتجاج.
 
بدأت عربة الإذاعة بترديد الهتافات والأناشيد الوطنية مع انخرط المزيد من الواصلين في التظاهرة أمام مقر “أونروا” وسط مخيم النصيرات بينما بدأ بعض الرجال برفع راحاتهم حاملة شعارات مثل “لا للسياسة الأمريكية الصهيونية-عضّ قلبي ولا تعض رغيفي..”.
 
يشبك اللاجئ “أبو حسن” ذراعيه خلف ظهره ويسند قدمه لجدار مبنى “أونروا” وهو يصف ما أقدمت عليه وكالة الغوث من قطع المساعدات الإنسانية بأنه عمل “لا أخلاقي”.
 
ويقول “أبو حسن”: إن عشرات آلاف الأسر في قطاع غزة تضررت من قرار تقليص المساعدات، وإن كافة الموجودين في التظاهرة جاءوا لرفع صوتهم عالياً احتجاجاً على القرار.
 
أما اللاجئ “أبو أيمن أبو ازريق” فيرفع براحتيه لافتة ورقية مكتوب عليها “لا للسياسة الأمريكية الصهيونية” ويقول إنه يعيل أسرة مكونة من 12 فرداً لا مصدر دخل ثابت لهم وأنهم يعتمدون على مساعدات “أونروا”.
 
ويضيف “وضعي المادي صفر ووضع كل من جاء هنا مثلي كذلك، نحن من عمال الداخل المحتل وفقدنا عملنا مطلع الانتفاضة ولا نتلقى مساعدات من أحد، والآن قطعوا ما نتلقاه من مساعدات الوكالة، وأرى أن الولايات المتحدة وبريطانيا هما سبب هذه المأساة”.
 
بجواره يقف اللاجئ “أبو أحمد” الذي يعيل 13 فردا معظمهم أطفال ويقول إنّ المساعدات تقلصت في الشق النقدي بعد حرمان اللاجئ المسجل في بطاقة المساعدات من 40 شيكل للفرد، حتى طالت اليوم قطع المساعدات الغذائية.
 
ويتابع “الآن جاء دور مواد التموين! عمري 60 سنة ولا أستطيع العمل فأين أشتغل؟! هذا استفزاز للاجئين يريدون شطب اسم لاجئ”.

الأحياء واللجان
يرخي السيد محمود دغيش رئيس لجان الأحياء في النصيرات أذنه لرجل يحدثه حتى يفهم ما يقول، فصوت عربة الإذاعة مرتفع والهتافات الغاضبة حميت بعد وصول مجموعة من طلبة المدارس.

يقول دغيش إن اللجان مصرّة على مواصلة الاحتجاجات حتى عودة حقوق اللاجئين الإنسانية، فالوكالة مجبرة على تقديم خدماتها للاجئ حتى يعود لأرضه أو تحل قضيته، متهما “أونروا” بالتواطؤ مع الاحتلال في قضية اللاجئين.

كما ألقى عضو اللجان الشعبية للاجئين خالد السراج بيان اللجان الشعبية، مطالبا المواطنين بمقاطعة الباحثين الاجتماعيين وعدم استقبالهم حين يقومون بعمل ميداني يزورون فيه المنازل.
 
وأضاف أن “80% من شعبنا يتلقى مساعدات و60% منه يعاني البطالة، وفي هذه الظروف لا يمكننا فهم حرمان الوكالة آلاف الأسر من المساعدات، فهذا يضعها في موضع شك واستياء بل يرفع مستوى التشكيك لأبعاد سياسية”.
 
ودعا موظفي الوكالة لعدم الانصياع لتعليمات “أونروا”، مبديًا تفهما لموقفهم، وموجها نداءً لهم بالقول: “لستم أصحاب قرار، لكنكم أدوات عمل وربما تتسببون في قطع رزق جيرانكم، عملكم بحاجة لإعادة دراسة”.
 
أما السيد عبد الجليل غراب رئيس جمعية نور المعرفة الخيرية -وهي أشهر الجمعيات الناشطة في المخيم- فيؤكد أن تقليص المساعدات الإنسانية بدا واضحاً بشكل غير مسبوق في الفترة الأخيرة.

ويشير إلى أن المؤسسات الخيرية التي ترعى طبقة الفقراء والأيتام تعرف أكثر من غيرها ماذا حلّ باللاجئين لأنهم يتوجهون لها بشكل يومي حتى أصبحوا اليوم على هامش الحياة-كما يقول.
 
وتوعدت اللجان الشعبية وكافة الناشطين في الاحتجاجات المتواصلة بتصعيد الموقف والتظاهر حتى يصلوا إلى حل عادل مع “أونروا” يعيد للاجئين حقهم في المساعدات.