قراءة صهيونية في صعود حماس رغم ملاحقة إسرائيل والسلطة الفلسطينية

أفاد البروفيسور “دانيال بايمان” أستاذ برنامج الدراسات الأمنية في جامعة “جورج تاون” للخدمة الخارجية، المقرب من اللوبي الصهيوني في واشنطن، أنه على مدى السنوات الـ25 اللاحقة، قلبت حركة حماس الطاولة، لتصبح حكومة الأمر الواقع في غزة، وتهدد تفوق “فتح” بصفتها الصوت المعبِّر عن الشعب الفلسطيني، بغض النظر عن بعد النجاح الذي تنظر إليه، واعتراف الدول العربية والإسلامية، والعلاقات مع “إسرائيل”، والأهم موقعها في مقابل “فتح”.
وتظهر حماس بمظهر المنتصر، وينبغي لـ”إسرائيل”، الولايات المتحدة، والمجتمع الدولي الاعتراف بالحقيقة “السيئة”: حماس تربح، وقد يكون الوقت قد فات جداً لعكس هذا الاتجاه!
وأضاف: يكشف صعود حماس عن منظمة ديناميكية استثمرت أخطاء حركة “فتح”، المنافس الرئيس لها، وأخطاء “إسرائيل”، عدوها القاتل، ففي كل مرحلة من المراحل، ظهرت وهي تعاني من ندوب، لكنها بمظهر المنتصر الخارج من غابة من الهزائم، أما الآن فهي أقوى، لأنه رغم العمليات الأمنية الصهيونية التي تركت حماس ضعيفة تنظيمياً، فإن رسالتها بأن المفاوضات خدعة، وأن العنف مفتاح التحرير تجد صداها الآن.
وأشار إلى أنه بسبب عمليات الاعتقال والاغتيال المدمرة لقادتها، وتشكيك الفلسطينيين العاديين المتزايد بكون العنف مجدياً، قبلت حماس وقف إطلاق النار من جانب واحد، لكن مصداقيتها السياسية، وحسن استقامتها، وقوتها التنظيمية، مكنتها من اكتساب حماس قوة حقيقية، رغم أن غزة التي تحكمها الآن، ظلت في حالة فوضى، ومحصورة في قفص بسبب “إسرائيل”.
على الصعيد الإقليمي، يقول “بايمان”، جاء الربيع العربي ليكون حجر الأساس في الشرق الأوسط، ويضع حماس بشكل مباشر في صميم المنطقة، بعد أن تخلصت من الرئيس السوري بشار الأسد المؤيد القديم لها، رغم سنوات التعاون العديدة، وغضب طهران، المورد العسكري لحماس وحليف الأسد الوثيق.
وفي كل الأحوال، يتم تعويض حماس عن خسارتها لدعم سوريا، بزيادة الدعم من الأنظمة الإسلامية المناهضة لها الموجودة في السلطة، في تركيا وقطر، لأن لحماس، روابط أيديولوجية قوية، وفي بعض الحالات شخصية، مع الحركات الإسلامية في أماكن أخرى، لاسيما من تحمل وجهة نظر الإخوان المسلمين.
أما على الصعيد الدولي، فإن الصورة ليست كلها وردية بالنسبة لحماس بطبيعة الحال، إذ كان هناك نكسات خطيرة للمنظمة كما كان هناك تقدم، فمعظم الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، تواصل عزلها، وقد ارتفعت آمالها عندما فاز الإخوان المسلمون بالسلطة في مصر، وكان انقلاب تموز/ يوليو بمثابة ضربة قوية، وشددت مصر إجراءاتها الأمنية على طول حدود غزة، وقامت بإغلاق الأنفاق ومنع الصيادين من دخول مياهها.
•التهديد العسكري
ويستدرك قائلا: من المغالاة القول بأن طهران ألقت بحماس جانباً، وجميع التكهنات حول تخليها عنها سخيفة، فليس هناك من سيزود حماس بالسلاح والتدريب، وإيران هي الخيار الوحيد، وطهران ليس لديها سوى عدد قليل جداً من البدائل، فبينما ينهار موقع الأسد، فهي بحاجة لحماس أكثر من أي وقت مضى كجسر لوصول العالم العربي، والحفاظ على مستوى التهديد العسكري لـ”إسرائيل”.
وهكذا، وعلى الصعيد الدبلوماسي، قد تحصل حماس على أفضل ما في العالميْن: استمرار الدعم العسكري من طهران، مع شرعية أكبر من حلفاء الولايات المتحدة مثل قطر وتركيا، ولطالما كانت العدو اللدود لـ”إسرائيل”، لكنها استخدمتها نقيضاً لها لكسب الدعم الدولي، وتحسين موقفها مقابل منافسيها الفلسطينيين، وحققت تغلغلاً، وقطعت شوطاً كبيراً ضد “إسرائيل” نفسها، بتقبلها على نحو متزايد، كحقيقة ينبغي استيعابها، والتكيف معها.
كانت “إسرائيل” تحتفظ كما هو الحال دائماً بتفوقها العسكري، ومعها القدرة على إجبار حماس، وأحيانا ردعها، وأثبتت في الحربين الأخيرتين قوتها الهائلة، بتدميرها جميع صواريخ حماس الطويلة المدى، وعرض نظام دفاعها الصاروخي مزيداً من تقليل الخسائر بين القوات الصهيونية.
لكن حماس مجدداً كسبت سياسياً، حتى عندما خسرت عسكرياً، وأثبتت صواريخها بشكل قاطع، أنها ظلت لا تقهر حتى عندما كانت غزة تقصف، وقادرة على الحفاظ على استمرار عملياتها على امتداد المواجهة، ما يعني أن حماس بدأت تصبح أقوى، وأعادت عرض صور الصهاينة خائفين يختبئون في الملاجئ لتعزيز الفهم بأنها تقف في وجه “إسرائيل”.
وأوضح أن “إسرائيل” الآن تتقبل حماس كواقع غير سار، وتتفاوض معها عن طريق مصر، ما يثبت أن صفقة التبادل لم يكن حدثاً لم يتكرر، فكلما كانت حماس تطبِّع موقفها مع “إسرائيل”، كان موقف السلطة الفلسطينية يتلاشى، ويا للسخرية، تحتاج “إسرائيل” حماس كقوة اعتدال، بسبب الغضب الذي أطلقه الربيع العربي: فسيناء، غير المحكومة جيداً أبداً، أكثر فوضوية بكثير، مع تجذر المنظمات الجهادية على شاكلة القاعدة، والتخطيط لشن هجمات على “إسرائيل”.
•العزلة الدولية
وختم بالقول: استغلت حماس ضعف فتح، والسياسات الصهيونية، وفشل المجتمع الدولي بدعم القادة الفلسطينيين المعتدلين، في الواقع، ومن وجهة نظر حماس، التي خطت خطواتها الأكثر أهمية داخل الساحة الفلسطينية، لتكتسب بذلك المزيد من المصداقية بين الفلسطينيين العاديين على حساب عباس وفتح، أما التحدي الأكبر فهي العزلة الدولية والحصار الخانق.
ومع ذلك، فقد ارتفعت حماس لمستوى التحدي أكثر، بتطهيرها الهيكلية القديمة التي تهيمن عليها فتح، واستبدالها بهيكلية أصغر حجما وأكثر فعالية بكثير، واستعادت القانون والنظام، وثبتت أمام التحدي المتمثل في تنظيم القطاع.
ومع ذلك، لا تزال حماس ضعيفة تنظيمياً في الضفة الغربية، رغم أن موقعها هناك آخذ في التحسن، ومن الصعب الحكم على مدى قوة الدعم الشعبي لها هناك، ولا يمكن الاعتماد على الاقتراع في أنظمة سلطوية، رغم أن البعض يقول بأنها ستغلب فتح في الانتخابات الرئاسية.
إلا أن الضغط من جانب “إسرائيل” وأجهزة الأمن الفلسطينية دمر كادر حماس هناك. وبينما يوجد عدد أكبر من الفلسطينيين في الضفة مما في غزة، تسعى حماس لشق طريقها هناك كخطوة تالية.
معهد “هرتسيليا” متعدد المجالات، 7/2/2014
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

صاروخ يمني فرط صوتي يستهدف مطار بن غوريون ويوقفه عن العمل
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، إن القوات الصاروخية استهدفت مطار "بن غوريون" في منطقة...

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...

لازاريني: استخدام إسرائيل سلاح التجويع جريمة حرب موصوفة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، إن استخدام "إسرائيل"...

24 شهيدًا وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام اسشتهد 24 فلسطينياً وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر استهداف إسرائيلي بأحزمة...

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...

علماء فلسطين: محاولة ذبح قربان في الأقصى انتهاك خطير لقدسية المسجد
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت "هيئة علماء فلسطين"، محاولة مستوطنين إسرائيليين، أمس الاثنين، "ذبح قربان" في المسجد الأقصى بمدينة القدس...