الثلاثاء 13/مايو/2025

الإعلام المصري وحرف مسارات الثورة

ممدوح بري
بعد الثورة أصبح الدور المنوط بهذه المؤسسات الإعلامية حرف توجهات المواطنين ومحاولة حرف مسارات الثورة، ذلك بهدف إرباك وإشغال الثوار في معارك جانبية تسهم في منح فرصة ومتنفس لمغادرة عصابات المال العام إلى خارج مصر، كذلك بهدف دفع المواطن المصري للخروج بثورة مضادة تطالب بعودة أركان النظام السابق بصورة جديدة نتيجة الانفلات الأمني المفتعل 1، أو بهدف إبقاء – المجلس العسكري – متنفذاً في الحياة المدنية في مصر.

لقد نجح إعلام التضليل والخداع في تحقيق بعض الانجازات المؤقتة، ومن أهمها إظهار الأغلبية المنتخبة بصورة سلبية، من خلال بث مزيد من الشائعات حول اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، وتكرر نفس الأمر في مهاجمة مجلس الشعب المنتخب حديثا 2، كل ذلك أسهم في إصدار قرار قضائي يقضي بتعطيل العمل بالبرلمان، وقرار آخر يقضي بعدم قانونية اللجنة التأسيسية الأولى، مما أسهم في انتقال السلطة التشريعية إلى يد “المجلس العسكري” ولو كان لفترة مؤقتة.

نجح الإعلام المضاد في إرباك الساحة السياسية، ونجح في تضليل الناخب المصري أثناء مراحل التحول الديمقراطي، حيث عرقل عمل اللجنة التأسيسية، واسهم في التأثير على نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وذلك ما تؤكده نتائج الانتخابات الرئاسية التي حصل فيها الفريق احمد شفيق مرشح النظام السابق على المرتبة الثانية، فيما حصل الدكتور محمد مرسي مرشح الثورة والمحسوب على جماعة الإخوان والتيار الإسلامي على المرتبة الأولى بفارق 3.5% من أصوات الناخبين، إن هذا الفارق لا يتناسب مع طبيعة المرحلة الثورية التي من المفترض أن يتم خلالها رفض رموز النظام السابق، لكن لعب الإعلام المضاد على أكثر من نغمة وصعيد، بحيث خلخل بعض مكونات الثورة، وشكك في بعض القوى والرموز، مستغلا طبيعة المرحلة الانتقالية التي من الطبيعي أن يصاحبها لغط وانحرافات.

رغم نجاح ثورة 25 يناير في إقصاء الرئيس محمد حسني مبارك ومحاكمة بعض رموز الحزب الحاكم السابق، مازالت هناك مؤسسات تعمل لصالح النظام السابق وتمارس أدوارا مربكة بهدف إنجاح الثورة المضادة، وان أهم هذه المؤسسات – المكنة الإعلامية – الضخمة التي ينفق عليها ملايين الجنيهات، مازالت تتلقى بعض النخب الإعلامية مبالغ طائلة مقابل تقديم سيل من الشائعات تجاه الثورة والأغلبية البرلمانية، وبث الضغينة تجاه طوائف المجتمع والنخب الوطنية. وأسهم الإعلام المضاد للثورة في إحداث نوع من الانقسام بين بعض القطاعات الثورية، وبناء عليه حدث إرباك في مشهد التحول الديمقراطي المصري.

استطاعت المؤسسة العسكرية الحاكمة في مصر طوال السنوات الماضية أن تؤثر على مسارات التفكير لدى المواطن المصري، بحيث كان للإعلام الموجه والقضاء المسيس دور في هذا التأثير على الوعي السياسي المصري، لذلك ليس من السهل تحقيق تحول ديمقراطي سريع في مصر، وعليه ما زال العسكر يملك سدة الحكم رغم إسقاط مبارك، كذلك نجح الإعلام المضاد في إرهاق بعض قطاعات الثورة، ونجح أيضا في تحقيق انحرافات للمسارات الثورية، بحيث ادخل الإعلام الشعب ونخبه في جدل قانوني ودستوري متجاهلا حقيقة المعاناة التي يلاقيها المواطن في مصر نتيجة امتداد العمر الزمني للمرحلة الانتقالية.

بحث الإعلام المضاد عن مسارات بعيدة عن احتياجات ومطالب الشعب بحيث تجاهل الفقر، البطالة، الجهل، التخلف، وابتعد عن دعم مسيرة البناء والإصلاح، إن هذه السياسة التي تبناها الإعلام المضاد تهدف إلى دفع المواطن المصري ليطالب بعودة النظام السابق أو عودة بعض صيغه وأشكاله، مقابل الحصول على الأمن المفقود من الشارع بشكل منهجي، رغم ذلك خرج الشعب المصري معبراً عن رفضه لأركان النظام السابق مردداً عبارات ضد الإعلام المضاد، بناءً عليه رفض الشعب وثواره ترشح عمرو سليمان في الانتخابات الرئاسية، وصوت في الانتخابات لقوى الثورة، وان ما حصل عليه الفريق شفيق من أصوات تعتبر نسبة متواضعة إذا ما تم قياسها بذلك الكم الكبير من الجرعات الإعلامية التي كانت تكيل الأباطيل ضد قوى الثورة ونخبها وبعض مرشحيها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات