الثلاثاء 13/مايو/2025

الأحزاب الفلسطينية وعلاقتها بعناصرها

أيمن تيسير دلول
ما من شك بأن الأحزاب السياسية تسودها علاقات ترابطية بين قادتها وعناصرها في سبيل تحقيق الأهداف التي يسعى الحزب السياسي للوصول إليها بوسائله المختلفة، وهذا الأمر معروف في كافة دول العالم، وليست فلسطين بمنأى عن ذلك الأمر، وفي البحث عن مفهوم الحزب السياسي، أكتفي بتعريف الدكتور محمد المشهداني الذي قال: “إنه عبارة عن تنظيم يضم مجموعة من الأفراد لها تصور فكري مشترك وتعمل على تعبئة الرأي العام لصالحها، من أجل الوصول إلى السلطة”.الأحزاب السياسية الفلسطينية

إن ما يعنيني من التعريف “أنهم مجموعة من الأفراد لها تصور فكري مشترك..”، وهذا يعني بالضرورة الالتقاء المستمر والمتواصل ما بين قيادة الحزب وعناصره، وذلك يهدف لتحقيق العديد من المصالح الحزبية، ومنها على سبيل المثال:

1- إطلاع العناصر على صورة ما يجري داخل الحزب من خطوات تجاه الملفات المختلفة “قبل حدوثها” وسماع العناصر لها عبر وسائل الإعلام، وتزويدهم بالمعلومات الكافية عن الملفات المختلفة التي ينوي الحزب تصدريها للمجتمع، الأمر الذي يجعل العناصر في دفاع قوي عن أجندة ودوافع الحزب وبالدلائل التي يزودهم بها الحزب.

2- مساهمة العناصر في رسم السياسات العامة المختلفة للحزب، وبخاصة أنهم يعيشون بين أبناء مجتمعهم ويدركون مطالبهم واحتياجاتهم، وبالتالي فمساهمة العناصر في إعداد سياسات الحزب تجعلها الأقرب نحو الصواب.

3- إبقاء العناصر على علاقة مستمرة وقريبة مع القيادة، الأمر الذي يدفع العناصر للدفاع المستميت عن القيادة في كافة المواقف.

وفي البحث عن دور الأحزاب السياسية وجدت أنها تتمثل في العديد من القضايا، سأكتفي بقول أنها تتمثل في “التنشئة السياسية ورفع مستوى الوعي السياسي”، الأمر الذي يعني أن قيام الأحزاب بالتعبئة والتثقيف السياسي لأعضائها تساهم في رفع مستوى الوعي السياسي لدى أفراد المجتمع بشكل عام. ودور آخر للأحزاب السياسية في المجتمعات يتمثل في “تجميع المصالح والتعبير عنها”، وهو ما يعني قيام الأحزاب بتجميع القضايا والمصالح المشتركة لأعضائها ومؤيديها من أجل صياغتها في برنامجها السياسي إلى جانب القضايا العامة التي تهم عامة أفراد المجتمع.

وقد ذكرت “شبكة المعرفة الانتخابية” أن الأحزاب السياسية تضطلع بمهام رئيسية في المجتمع الديمقراطي، مثل: تجميع وصياغة الاحتياجات والتحديات التي يعبر عنها أعضاؤها ومناصروها.

من خلال ما سبق يتضح جليا بأن العلاقة بين الأحزاب السياسية وعناصرها يحكمها التواصل والالتقاء المستمر لتحقيق أهداف اتفق الجانبان على انجازها خلال مسيرة الحزب الذي ينتمون إليه، لكن الواقع في الأراضي الفلسطينية يوحي بغير ذلك لدى الأحزاب السياسية الفلسطينية “دينية كانت- أو غير ذلك”، ومن خلال العلاقة التي تجمعني مع العديد من العناصر المنتمين لعدد من الأحزاب الفلسطينية وجدت امتعاضاً شديداً من تعامل القيادة مع عناصرها.

“خالد” ينتمي لأحد الأحزاب الفلسطينية المعروفة على الساحة الفلسطينية يشكو من غياب تواصلهم كعناصر من قيادتهم منذ عدة شهور، ويتسائل: هل أنا عنصر في حركة … أم أنني على الهامش؟، والمشكلة أنه يقول إن حاله هو الحال لدى المئات من عناصر ذلك الحزب.

الأمر لا يختلف كثيرا لدى صديقي “أحمد”، فهو ينتمي لحزب فلسطيني صاحب قرار كبير في الساحة الفلسطينية وهو خريج جامعي من تخصص مرموق جدا ويمتلك العديد من المؤهلات العلمية التي تؤهله للريادة والإدارة، سألته عن علاقة العناصر في تنظيمهم بالقيادة “خاصة وأنه صاحب درجة تنظيمية داخل حزبه”، فهز رأسه وتنهد بشدة واكتفى بقوله: علاقتنا!!.. يكفي أن نقول بأننا نتلقى أخبار ما تقوم به حركتنا عبر وسائل الإعلام، وحينما نستمع لتحركها تجاه موضوع ما فنحن لا نمتلك أي معلومات للرد على تساؤلات الناس التي تُوقعنا في الإحراج من كثرتها.. وحينما نحتج تجتمع بنا القيادة بعد أن تكون القضية ماتت وذهبت، وبذلك تضيع أهمية اللقاء ونكتفي خلاله بمعاتبة القيادة عن تقصيرها في إطلاعنا على الوقائع والأحداث قبل حدوثها.

بغض النظر عن الأحزاب التي ذكرتها وهي من كبريات الأحزاب الفلسطينية واكتفيت بهذه النماذج وإن كان لدي أخرى، لكن إدارة الظهر للعناصر “خاصة إن كانوا من المتعلمين وأصحاب الشهادات” تأكيدا يعود بنتائج عكسية وتكون في غير صالح التنظيم.

صحيح أن العنصر في التنظيم ينبغي أن يستمع لأوامر قائده في كل الظروف، لكن الشطر الثاني من المعادلة والذي يجهله غالبية قادة الأحزاب السياسية الفلسطينية هو أن العنصر له قيمة كبيرة في الحزب، فهو أداة الحزب لتنفيذ أجندته وإنجاح خططته، وفقدانه يعني بالضرورة فقدان الحزب لبوصلته، فأدركوا العناصر في أحزابكم أيها القادة قبل أن تتيه البوصلة وتبدؤوا بتصليح تُحف سيكون من الصعب إصلاحها إن تكسرت.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات