الثلاثاء 13/مايو/2025

خطة كيري والإصرار على يهودية الدولة

غسان الشامي
يسعى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في هذه الأيام لفرض الرؤية الأمريكية لمعاهدة “سلام” أمريكية صهيونية جديدة، فهو يجري اتصالات وجولات مكوكية بين فريق عباس التفاوضي والفريق التفاوضي الصهيوني؛ لتوقيع الرؤى والأفكار الصهيونية الجديدة، وقبول معاهدة “السلام” الأمريكية الجديدة التي يسعى أوباما خلال ولايته الأخيرة لتحقيقها، وفرضها على الفلسطينيين، والخطة الأمريكية هي ليست جديدة بل هي أفكار صهيونية قديمة هدفها انتزاع موافقة فريق عباس التفاوضي عليها وتسويقها عالميًّا ودوليًّا، وتتويجها باحتفال عالمي ترعاه أمريكا وأوربا وبعض الدول العربية.

إن الخطة الأمريكية تتمثل في اعتراف الفلسطينيين بـ(إسرائيل)دولة يهودية، وإقامة عاصمة لفلسطين في جزء من شرقي القدس، وأنه لا عودة للاجئين، وقبول الأفكار الأمريكية بخصوص قضية اللاجئين وحق العودة، وبقاء الكتل الاستيطانية الصهيونية تحت سيطرة الاحتلال، واستئجار المستوطنات الباقية، وسيطرة الاحتلال على المعابر والأجواء، ووجود قوات أميركية – (إسرائيلية) – أردنية – فلسطينية على الحدود، وحقها في المطاردة الساخنة في الدولة الفلسطينية، وتشتمل الخطة على ترتيبات أمنية، ومقاييس لهذه الترتيبات التي ستدوم سنوات طويلة بإشراف أمريكي صهيوني.

إن التسوية الدائمة التي يسعى الوزير الأمريكي كيري لتحقيقها قبل انتهاء مدة المفاوضات نهاية شهر نيسان القادم تركز على العمل على تحقيق المصالح الصهيونية، وتحقيق حلم “الدولة اليهودية”، وانتهاز فرصة انشغال الدول العربية بمشاكلها وأمورها الداخلية، وتحقيق مكاسب صهيونية جديدة ترمي إلى مواصلة بناء الكتل الاستيطانية، وسرقة الأراضي الفلسطينية، وتهويد القدس والمسجد الأقصى والنقب والأغوار.

في المقابل إن الصهاينة غير مستعدين إلى لأي حل يتعلق بالقدس مقابل اتفاق “سلام” جديد، ويصرون على اعتراف الفلسطينيين بـ”يهودية الدولة”، ولا يصدقون أن الأشهر القادمة ستحمل اتفاق “سلام”أمريكيًّا جديدًا، إذ أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة في الكيان العبري تشاؤمًا كبيرًا وسط الصهاينة من إمكانية تحقيق أي تقدم في المفاوضات الجارية بين فريق أبي مازن والصهاينة، وأعلن رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو في مؤتمر (دافوس) الاقتصادي عدم عزمه إخلاء أية مستوطنة في أراضي الضفة الغربية، وأشار مسؤول في مكتب نتنياهو إلى “أن نتنياهو يفكر في منح المستوطنين خيار اختيار الدولة التي يرغبون الإقامة فيها، وفي ذلك إمكانية بقائهم جزءًا من الدولة الفلسطينية المستقبلية”، ولا يستغرب المراقبون للشأن الصهيوني هذه التصريحات، خاصة أن نتنياهو يعد الأب الشرعي للاستيطان، وهو أول المتطرفين الذين يرفعون شعار: “الاستيطان في كل (إسرائيل).

في المقابل أمام تصريحات نتنياهو بعدم إمكانية التوصل إلى اتفاق خلال جولات المفاوضات الجارية يصر فريق عباس التفاوضي على مواصلة المفاوضات الهزلية، التي لا يمكن أن تحقق جديدًا للسلطة، وخرج علينا الرئيس عباس بدعوات لنتنياهو لزيارة المجلس التشريعي الفلسطيني، وتوضيح وجهة النظر الصهيونية في تأكيد “يهودية الدولة” وطرد الفلسطينيين من أرضهم؛ حتى لا يحرج الرئيس عباس نفسه في قبول الخطط والتصورات الأمريكية، ويتحمل هو وحده مسؤولية ما يجرى من تنازلات عن الثوابت والمبادئ والمقدسات الفلسطينية .

إن الرئيس عباس وفريقه التفاوضي بعيدون كل البعد عن طموحات وآمال الشعب الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير، وكنس المحتل الصهيوني عن أرض فلسطين، والحفاظ على الثوابت والمبادئ الفلسطينية، وعدم التفريط بأي شبر من أرض فلسطين، وحقاللاجئين في العودةإلى أرضهم التي شردوا منها عنوة وإكراهًا.

إن عباس وفريقه التفاوضي لا يمثلون شعبنا الأبي الحر، ولا يمثلون الفصائل الوطنية التي أعلنت رفضها للمفاوضات الجارية مع الكيان الصهيوني، وحذرت من الأهداف الصهيونية الخبيثة من وراء المفاوضات،التي تسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية، والانقضاض على الحقوق والثوابت الوطنية، وتصفية قضية اللاجئين، وطرد فلسطينيي الـ(48) من أراضيهم، وتحقيق أحلام اليهود بالاعتراف بـ”يهودية الدولة”؛ ليصبح شعبنا أقلية على أرضه ووطنه.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات