الإثنين 12/مايو/2025

آفاق المصالحة المجتمعية

إبراهيم المدهون
يعتبر دخول نواب وقيادات حركة فتح لقطاع غزة، بموافقة الحكومة الفلسطينية بعد غياب دام سبع سنوات خطوة ايجابية ومؤثرة في اتجاه المصالحة، وستكسر الكثير من الجليد وتشابك العلاقات الوطنية، والمنتظر منها أن تهيئ الأجواء لمبادرات أخرى نحو إعادة اللحمة وإنهاء الانقسام الفلسطيني.

في السابق قدم العديد من قيادات حركة فتح لغزة، كان أبرزهم نبيل شعث وسفيان أبو زايدة وجبريل الرجوب، إلا أن هذه المرة حملت طابعا مختلفا وأكثر ايجابيا وأملا، فهذه الزيارات تأتي استجابة لمبادرة رئيس الوزراء اسماعيل هنية ودعوته العلنية لأن يكون هذا العام عام المصالحة، بالإضافة أن القادمين جزء مباشر من الانقسام، وأعضاء فاعلين في توتير الساحة، وعودتهم تحمل رسالة استجابة لإنهاء الملف والقفز عن تعقيدات ورواسب الأحداث السابقة.

لا شك أن مبادرة هنية وقراراته حملت أفقا حقيقيا لإتمام المصالحة، وأعطت بارقة أمل لإنهاء ملف الانقسام، ومجرد استجابة وقدوم هذه الوفود القيادية واستقبالها بهذه الحفاوة يعتبر مؤشرا إيجابيا، وخطوة فتحاوية في الاتجاه الصحيح لتعزيز الأمل.

لا يوجد انقسام مجتمعي في قطاع غزة، فالنسيج متماسك وسليم، فاستطاع المجتمع بنفسه ترميم ما افسدته الخصومة السياسية وموجة الاقتتال، وبفضل تركيبته المتجانسة مذهبيا وعشائريا وقيميا ووطنيا،تخلص من الأعراض السلبية للأحداث.

وكان لسلوك الحكومة الفلسطينية الحكيم دورا مهما أيضا، بتهيئة البيئة المناسبة لتهدئة النفوس واستيعاب المتغيرات وإعادة اللحمة، فلم تنتهك وتعتدي على الحقوق، وفرضت القانون ورعته، وتخلصت من حالة الفلتان ولم تتغول على الخصوم ومنحت المجتمع مساحة واسعة من الحرية.

ما يعلق الآن من آثار سلبية مجتمعية بسبب الانقسام يعود لأمرين اثنين، الأول الانقسام الوظيفي والاقتصادي، فهناك جهتان تقومان بتزويد الرواتب والمعاشات لقسمين كبيرين من الموظفين، الأول مستنكف والثاني على رأس عمله، مما أدى لانقسام في الولاء والتبعية وطبيعة التفكير والسلوك، والأمر الآخر ما علق من قتل ودماء اثناء فترة الاقتتال المحصورة، وهذه تعالج عبر فرض قيم التسامح والتغافر مع تعويض معنوي ومادي لأهالي الضحايا، فكل من اصيب يجب ان يعالج ويعوض ومن قتل فهو شهيد.

المجتمع الفلسطيني اليوم جاهز ومتأهب لطي صفحة الانقسام وترتيب أوراقه لمواجهة التحديات، فلا يوجد غالب أو مغلوب، فجميعنا خاسرون ومتراجعون، والقضية الفلسطينية تمر بمرحلة معقدة وصعبة، ولن نمر بسلام قبل ان ننجز المصالحة وننهي مرحلة الانقسام، وينتظر من اصحاب القرار مواقف ايجابية وحاسمة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات