عاجل

الثلاثاء 13/مايو/2025

غزة بين سندان الحرب الاسرائيلية ومطرقة الترتيبات الإقليمية

عزالدين أحمد إبراهيم
لم يعد خافيا على كثيرين أن شقي الرحى تضيق يوما بعد يوم على قطاع غزة وحكومة حركة حماس، حيث تسعى أطراف اقليمية عدة لاستكمال إنهاء المشهد الذي افرزه الربيع العربي بأسرع وقت ممكن، واعادة المنطقة إلى احضان التبعية وكسر كل ارادة للتحرر والكرامة تسعى لها الشعوب.

ولا يمكن في هذا المقام فصل ما جرى في مصر ويجري في سوريا وغيرها من دول الاقليم عن سيناريوهات تنتظر قطاع غزة في مسعى لـ”تصفير” المعادلة الفلسطينية والبدء من جديد في ظل حراك الإدارة الأمريكية لإحداث خطوة كبيرة في عملية التسوية ولو تطلب الأمر أوسلو جديدة، وهذا الأمر بحاجة لتفريغ المشهد السياسي الفلسطيني من كل عناصر الرفض، وكل ما يمكنه التشويش على ما تسعى الإدارة الأمريكية لفرضه.

الحصار على غزة من جهتين، والضغط السياسي على حماس في ظل إجهاض الثورات العربية المساندة للمقاومة، ظروف يراها الاحتلال بيئة خصبة لتحقيق معادلة تقوم على الثأر من المقاومة بعد حرب الرصاص المصبوب، واخضاع القطاع وتسليمه للسلطة الفلسطينية، وذلك في اطار ترتيب اقليمي شامل تستفيد منه أنظمة الإقليم وتحديدا العربية منها.

وبعيدا عن الحديث بشأن مواعيد لحرب جديدة ضد القطاع سواء كانت قريبة أم بعيدة، فإن الأجواء تبدو ذهبية للاحتلال لتحقيق هذه المعادلة، لا سيما في ظل معطيات سياسية أهمها الجمود الذي يكتنف قضية المصالحة الوطنية لحساب مفاوضات التسوية، إضافة إلى حرص أنظمة عربية ضمن ما يعرف بـ”محور الاعتدال” على إعادة قولبة القضية الفلسطينية بعيدا عن قوى الاسلام السياسي، وإسكات كل صوت يعارض التسوية ويتمسك بنهج المقاومة المسلحة كأحد اهم خيارات النضال الفلسطيني.

لذلك، نجد أن الاحتلال في المرحلة الحالية يسعى إلى تسخين جبهة غزة على مهل وصولا إلى حالة انضاج للظروف الميدانية والسياسية، والتي يعتقد أنه من خلالها سيتجنب ما واجهه في عدوان الرصاص المصبوب من ضجة واستنكار على صعيد الرأي العام الدولي.

ولعل عمليات الاستهداف المنتقاة لنشطاء المقاومة مؤخرا، ومحاولات الاستفزاز اليومية على الحدود، والتقارير شبه اليومية في الاعلام الإسرائيلي عن قدرات المقاومة وتحديدا كتائب القسام، تمثل شكلا من أشكال هذا التسخين لتهيئة الرأي العام الداخلي أولا، ولاستجلاب الضوء الأخضر الأمريكي ثانيا وصولا لمرحلة يكون العدوان فيها مبررا من وجه نظره.

على المقلب الآخر، ربما هناك من يتساءل، هل ثمة مصلحة لحماس والمقاومة باستجلاب تصعيد أو حرب جديدة ضد القطاع؟ وما هي الأهداف التي ستجنيها حماس في حال اندلعت حرب جديدة، بلا شكّ لن تكون كسابقاتها من حيث قوة النيران المستخدمة أو الأهداف المعلنة وغير المعنلة؟.

ولكن قبل محاولة الاجابة على هذه التساؤلات، لا بد من التأكيد على نقطتين يجب أن تؤخذا في الحسبان عند التعاطي مع سيناريوهات مستقبل المواجهة بين الكيان والمقاومة الفلسطينية.

أولا، يعلم الاحتلال جيدا أن جاهزية المقاومة العسكرية تطورت بشكل كبير، وان فترة التهدئة التي فرضتها على الاحتلال خلال عدوان الرصاص المصبوب استفادت منها جميع الأجنحة العسكرية للمقاومة من جهة تحسين ادائها، ولذلك يسعى لقطع الطريق سريعا عليها قبل تعاظم هذه القوة.

ثانيا: حماس وجناحها العسكري يتعاملون مع الوضع القائم في محيط غزة حاليا باعتبار أنه الأسوأ منذ سنوات، ولا نبالغ بالقول اذا قلنا انه أسوأ من فترة حكم الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، وخير شاهد على ذلك الحملة التحريضية الضخمة التي يشنها إعلام الإنقلاب في مصر يوميا، حتى بات من المسلمات لكثير من المحللين أنها جزء من تنسيق اسرائيلي مع سلطات الانقلاب ضد غزة.

وبالعودة الى التساؤلات بشأن مصلحة حماس من أي تصعيد جديد، نقول ان الحركة في وضعها الحالي غير معنية بأي توتر جديد يضيف عبئا إلى اعبائها المتراكمة، بدءا من أزمة ادارة القطاع، مرورا بإشكالية للتعامل مع الحصار وتداعياته، وصولا لتحميلها جزء من مسؤولية استمرار الانقسام الداخلي.

كما أن تحالفات الحركة في ظل التغيرات الاقليمية المتسارعة تضررت بشكل كبير ما جعلها وحيدة في مواجهة الاحتلال واعتداءاته، وعليه فإن الحركة تسعى بكل ما أوتيت من قوة لتجنيب نفسها والقطاع أي تصعيد جديد، وفي هذا رد على من يقولون ان حربا جديدا على غزة قد تكون مخرجا للحركة من الأزمة المتفاقمة التي تمر بها، اذ كيف تكون الحرب مع كيان وحشي في ظل الحصار المشدد -من الشقيق قبل العدو- مخرجا وإلى أين؟!

ولكن في المقابل، وفي حال فرضت الحرب فرضا على حماس والمقاومة، هل ستكتفي حماس بموقف الضحية للتفاهمات الإقليمية والدولية، بالقطع لا، فالمقاومة عودتنا دائما ان المراهنة عليها في مكانها في كل مرة، على اختلاف الظروف، وقد خاضت حربين متتاليتين في أجواء متباينة وسطرت خلالهما أروع صور الصمود.

وفي هذه المرة إن وقعت الحرب – وستقع آجلا أو عاجلا- ستكون المقاومة أكثر شراسة من المرات السابقة بحكم أن ليس لديها ما تخسره، وأن الضغط يولد الانفجار، وربما هذه المرة سيكون ثمة تغيير حقيقي في قواعد اللعبة، لن تكون غزة الطرف الوحيد المتأثر به، بل ستتأثر به المنطقة ككل، وربما تغيير يؤسس لمرحلة جديدة من الصراع.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

المقاومة تقصف عسقلان وأسدود وغلاف غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تبنت " سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء اليوم، قصف اسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة برشقات...