الأحد 04/مايو/2025

العياش .. قائد تاريخي أوجع الاحتلال بإمكانات بدائية

العياش .. قائد تاريخي أوجع الاحتلال بإمكانات بدائية

بعد 18 عاما على رحيله؛ يخيل للمرء ولأول وهلة أن الشهيد القائد المهندس يحيى عياش الذي قتل وجرح مئات الصهاينة؛ كان يتمتع بإمكانيات كبيرة وتمويل مادي كبير، قياسا بما أنجزه وحققه للمقاومة الفلسطينية من نقلة نوعية في العمل المقاوم.

المرء يدهش ويفاجأ حين يعلم أن الشهيد المهندس؛ كان متواضعا وإمكانياته مثل ذلك، ويوجه نفسه بنفسه، ويمول ويعد للعمليات بسرية بالغة، ويجهز الأحزمة الناسفة من جيبه الخاص، وذلك بشهادة من واكبوا سيرته قبل 18 عاما ومن بينهم الأسير المحرر في صفقة وفاء الاحرار زاهر جبارين.

إمكانات متواضعة
يتحدث جبارين عن بدايات العمل مع الشهيد المهندس يحيى عياش التي كانت متواضعة جدا في صفوف حركة حماس لتتطور لاحقا إلى العمل في كتائب القسام، بامكانيات بسيطة في بداية العمل المقاوم وهي السلاح الأبيض، ومن ثم توفير قطعة سلاح صغيرة “مسدس”، فيما تعرف على الشهيدين عدنان مرعي وعلي عاصي، والأسير المحرر سلامة مرعي، قبل تعرفه على الشهيد عياش.

وبين جبارين أنه تم تأسيس كتائب القسام عام 1992 في الضفة الغربية، حيث كانت بداية العلاقة مع العياش، بتأمين مأوى للمطاردين، لتتطور لاحقا بلقاء العياش في الطابق السفلي بقاعة كلية العلوم في جامعة بيرزيت، حيث كان قد رفع للتنظيم سابقًا طريقة صناعة متفجرات قوية، من خلال مواد بسيطة متوفرة في السوق، وقد علم ذلك من خلال كتاب الموسوعة البريطانية للمتفجرات الموجود في الجامعة وقتها، والتي صادرها الاحتلال بعد ذلك”.

ويقول جبارين “أكد يحيى رحمه الله أنه يستطيع صناعة 10 إلى 15 كيلو غرام من المتفجرات يوميًّا، من مواد أولية بسيطة، ومتوفرة بالسوق، فقلت له أريد أن أرى ذلك بعيني، وبالفعل جرت محاولة أولى وقدمت إلى يحيى حوالي 500 دينار ثمنًا للمواد، إلا أنه رفضها وأرجعها، وقام بشراء المواد على نفقته الخاصة، وجرى تجريب العبوة الأولى وهي عبارة عن أنبوب غاز مرتبط بصاعق وساعة مؤقتة، في إحدى الجبال، بين قرية فرخة وقراوة، وسط مشاعر جياشة وخوف من الفشل”.
وتابع “فشلت المحاولة الأولى، ومن ثم جرى إعادة تركيبها ونجحت المحاولة الثانية، حيث كبرنا وشكرنا الله”.

وعن أول عملية للمتفجرات من صناعة يحيى عياش، أوضح جبارين أنها كانت عملية “رمات أفعال”، بتاريخ 19-11-1992، حيث تم اعتقال عنصرين وتمكن الثالث من الإفلات، مؤكدًا أن يحيى عياش قام بتصنيع 100 كيلو غرام من المتفجرات، وأنه وكان مقررًا أن توضع داخل ملهى ستقام فيه حفلة لضباط صهاينة، حيث كان من المتوقع أن يقتل حينها ما يقارب 200 جندي صهيوني، حسب تقديرات الشهيد عياش، لقوة التفجير، مضيفًا أن عياش كان يتوقع سقوط سقف المبنى بكامله على أولئك الجنود، وتابع “لكن لحكمة إلهية، لم يكتب للعملية النجاح”.

 قائد تاريخي
 يستذكر المواطنون والشبان الفلسطينيون القائد القسامي المهندس يحيى عياش في ذكرى استشهاده كقائد كبير عمل على تطوير العمل المقاوم في فلسطين وأحيا في النفوس الآمال بالقدرة على هزيمة الاحتلال والنيل منه.

ويشير الشاب محسن عرمان والذي يضع صورة لعياش في غرفة نومه لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” إنه لم يعاصر فترة عياش ولكنه قرأ عنه وعن أدواره البطولية، مشيرا إلى أنه يشكل نموذجا للقائد الحقيقي الذي استطاع أن يصنع من أدوات بسيطة عمليات أرعبت الاحتلال.

وأضاف: عياش نموذج لمن يتذرع بقلة الإمكانات والحصار والملاحقة لعدم العمل والركون إلى الواقع؛ فقد عمل وأنجز أشياء عظيمة في ظروف غاية في الصعوبة.

حاضر في القلوب
وعلى الرغم من أن معالم عديدة في الضفة الغربية أصبحت تحمل اسم الشهيد عياش مثل دوار الشهيد عياش وشارع الشهيد عياش، إلا أن المكان الحقيقي لتواجد عياش وإحياء ذكراه يكمن في نفوس المواطنين الذين أحبوه على اختلاف مشاربهم السياسية.

وتقول الطالبة في جامعة النجاح الوطنية ميساء دويكات: لقد تحول المهندس عياش إلى فكرة وفكر يتجسد في عقل كل شاب يؤمن بخط المقاومة، ولقد سافرت خارج البلاد وعلى الرغم من أن كثيرين معلوماتهم ضحلة عن فلسطين إلا أنهم يعرفون اسم المهندس يحيى عياش كبطل من أبطال فلسطين الذين أحدثوا نقلة نوعية في عالم المقاومة.

وأشارت إلى أن عياش يمثل في عقلها نموذج الشاب المقاوم النظيف الذي عمل لفلسطين وأبدع وطور في أدوات المقاومة ورفض المساومة على مبادئه وكان بعيدا عن الأضواء رغم أن الأضواء لاحقته في كل مكان بفعل صنيعه بالاحتلال.

نموذج ملهم
ويشير الناشط الشبابي عامر الطويل إلى أن الشباب يحتفظون بمخيلتهم بقيادات مثل عياش ويعتبرونهم قدوتهم ويرفضون في ذات الوقت أن يحتفظوا بقيادات المساومة، فعياش قائد سبح عكس التيار وشكل رقما في الزمن الصعب، لذلك لا تجد فلسطينيا واحدا يختلف عليه، الكل يذكره في مصاف القيادات الأولى لفلسطين منذ ثورة البراق وحتى يومنا هذا.

وأضاف: إنه ما زال يذكر بالرغم من أنه كان صغيرا يوم استشهاد عياش كيف خرجت الناس عن بكرة أبيها في مسيرات تأبين عياش في كل الوطن، فقد أحبه الناس ولم يستوعبوا لحظة استشهاده أو يتخيلوها لأنه تحول حينها لأسطورة بسبب حجم العمليات التي نفذها والمحاولات الفاشلة التي لم تنجح لاغتياله حتى إن كثيرين لم يصدقوا رواية استشهاده إلا يوم ووري الثرى.

لمثله نحتاج
ويؤكد حسن شكري الطالب في جامعة بير زيت التي درس فيها المهندس عياش وما زال اسمه محفورا فيها: إننا اليوم في أمسّ الحاجة إلى قيادات من أمثال عياش يعيدون إحياء المقاومة في الضفة الغربية بدون إمكانات مادية.

وأضاف: يشكل عياش أنموذجا لطلبة الجامعة، ولا تذكر المقاومة إلا ويذكر عياش، وأنا شخصيا أستمد من صورته روح التحدي وأشعر دائما أن هناك أملا رغم الظروف الصعبة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات