الأسير عبد الناصر عيسى.. تلميذ العياش النجيب

هو من الأسرى الذين لم يفت الأسر في عضدهم، ولم يتركوا مجالا للسجان بأن ينهش من عزيمتهم، فحولوا السجن لمنحة بعد أن أرادها الاحتلال أن تكون محنة لهم.
الأسير عبد الناصر عطا الله عيسى (45 عامُا) من مخيم بلاطة شرقي نابلس في الضفة الفلسطينية المحتلة، بأنه أحد أعمدة الفكر لأسرى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في سجون الاحتلال الصهيوني، بفعل مثابرته واهتماماته الفكرية والتعليمية، واستغلاله لكل دقيقة في حياة الأسر والقيد.
ولم تتوقف إسهامات الأسير عيسى في مجال إكمال دراسته العليا، وهو بالأسر وحصوله على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية، وإكمالها في درجة الماجستير بنفس التخصص، والمطالبة بالسماح له بالتسجيل لإكمال الدكتوراه في الجامعة “الإسرائيلية” المفتوحة، بل تعدى ذلك إلى مشاركته في إصدار عدة أبحاث ومؤلفات سياسية وفكرية عديدة.
نضال فاعتقال
انضم عيسى إلى حركة حماس عام 1983، واعتقل للمرة الأولى عام 1984 لسنتين ونصف؛ حيث اتهم فيها بعضوية حماس، وهي خلية مسؤولة عن إلقاء عبوات ناسفة ومولوتوف على دوريات الاحتلال العسكرية.
وفي العام 1993 اعتقل للمرة الثانية بتهمة المشاركة في فعاليات ونشاطات حركة حماس، ودام اعتقاله الثاني لعام، خرج بعدها لينخرط في العمل العسكري التابع لحركة حماس، وفي كانون الثاني (يناير) 1995 بدأت الأجهزة العسكرية الصهيونية تطارده باعتباره أحد قياديي كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وقد استطاع عبد الناصر في فترة مطاردته تكوين وقيادة عدد من الخلايا العسكرية التي نفذت عددًا من العمليات العسكرية داخل الأراضي المحتلة عام 1948، إلى أن اعتقل بالعام 1995.
وتعد عائلته من العائلات المناضلة؛ حيث اعتقل والده وأشقائه جميعا، وهدم منزل العائلة مرتين وهدد بالهدم مرة ثالثة، وأصيب بالرصاص الحي من قبل قوات الاحتلال 1988، وفي العام 1992.
تلميذ عياش
وترأس عبد الناصر الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح في العام 1991؛ حيث برزت شخصيته بسماتها القيادية، ما جعله قريبًا من الكثير ممن يعملون في العمل العسكري لحركة حماس، وبالأخص المهندس يحيى عياش.
ومزج عيسى بين العمل الطلابي والتحصيل العلمي، وبين المقاومة العسكرية؛ حيث قاد كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس بالضفة الغربية بعد انتقال القائد الشهيد يحيى عياش إلى قطاع غزة، وتمكن الوصول لغزة ليتعلم من عياش فن العمل العسكري، ليعود مجددًا إلى الضفة الغربية.
وعاش عبد الناصر مع شقيقه الأسير المحرر عمر قرابة العام في سجن هداريم، قبل أن ينقل إلى سجن نفحة، وكانت أصعب اللحظات عليهما خبر وفاة والدتهما، الذي وصلهما عبر اتصال من الصليب الأحمر مع إدارة السجن، لتكون وفاتها مؤلمة عليه، خاصة أن والدهما كان قد رحل عن الحياة قبلها بسنوات وقد استقبل نبأ وفاته بالأسر أيضًا.
شقيقته تمام (أم حمزة) التي يسمح لها بين فترة وأخرى بزيارته تقول لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: “الوالدة توفيت في تشرين أول (أكتوبر) 2012، وكانت تنتظره في كل صفقة أن يعود إليها، ولم تترك اعتصامًا ولا مسيرة إلا وشاركت فيها تضامنًا مع الأسرى”.
وتضيف: “على الرغم من الألم والحزن الذي خيّم على البيت لوفاة أمي، دون أن ترى عيسى، إلا أنه كان هو من يرفع معنوياتنا بكلماته ودعائه لها بالرحمة”.
وتتابع: “صحيح أن عيسى ليس معنا، لكن ذكره لا يغيب عنا، ولا عن أبنائنا الذين جاؤوا للدنيا وهو بالسجن، فهو بالنسبة لهم قدوة ومثال أعلى، ودائمًا ما يذكرونه وكأنه بينهم”.
شهادة أقرانه
أما الأسير المحرر سفيان جمجوم، فيصف عيسى بأنه إنسان هادئ ومتواضع في سلوكه اليومي، ولكنه شخص يتمرس وراء معتقدات صلبة، لا يتنازل عنها، وهي التي صنعت منه إنسانًا فريدًا وبصوته الهادئ وملامحه التي توحي بالثقة بالنفس، كما أنه سهل المعشر كريم الطبع”.
ويتابع: “عيسى له جلد فريد على القراءة والدراسة والبحث والكتابة، وهو دائم الفكر والتفكر يحمل هم بلاده بمسؤولية واندفاع ابن المخيم وتحركه لبلاده بفكر الشمول والإستراتيجي، كما أنه ثائر ومجاهد وشيخ وأمير وله فكره الخاص”.
القيادي الفتحاوي حسام خضر، والذي عاش عدة سنوات مع الأسير عيسى في سجن هداريم في اعتقال سابق، يصفه قائلاً: “هو ظل الشهيد القائد جمال منصور بكل تصرفاته، خاصة المثابرة على القراءة والكتابة بعمق الإحساس والنظرة الفاحصة، ومقدرته على استيعاب الجميع حتى ممن يخالفونه الرأي والفكر”.
أما الأسير المحرر حسام بسطامي فيشير إلى أن شخصية عبد الناصر “ساحرة ومؤثرة ويحظى باحترام الجميع”، ويضيف: “على صعيد شخصيته فهو إنسان منظم ومرح ومثقف، يلتزم برياضة الصباح يوميًّا؛ حيث يتابع خلالها الأخبار من المحطات العربية والعبرية، وكان يقرأ بصورة مكثفة، وفي كل المجالات إضافة إلى متابعته للجرائد العبرية معاريف ويديعوت”.
أما علاقته مع الأسرى من الفصائل الأخرى فيقول بسطامي: “الكل يعرف عيسى بأنه متواضع وكريم ويؤثر إخوانه”. وتابع: “أستذكر موقفًا معه لا أنساه، وذلك في سجن هداريم؛ حيث نظر إلي يومًا وأنا ألتحف بطانية السجن من البرد وأحاول النوم فإذ به يعطيني غطاءه الخاص”.
ويضيف: “من يعش مع عيسى في الغرفة يلحظ أنه يعطي الجميع مما يملك ولا يبخل على أحد، وهو خطيب مفوه، وقد خطب في الأسرى عام ٢٠٠١ ولا زالت كلمات خطبته تتردد في أذهان الأسرى”.
وفي إطار تنظيمه يقول بسطامي: “دائما يُنتخب عيسى كأمير وإداري؛ حيث يحظى بالثقة ورجاحة الرأي، إضافة إلى ذلك، فهو متابع سياسي وشخصية أمنية واعية تستطيع أن تتلمس ذلك من خلال مناقشاته ودروسه، وعلاقته بمروان البرغوثي كانت قوية، وهو أحد مهندسي وثيقة الأسرى معه”.
ويصفه البسطامي بأنه شخص مثابر وطموح وإيجابي، استطاع تعلم اللغة العبرية لوحده من خلال قراءته كتاب التعليم ومتابعة الراديو، ثم سجل في الجامعة العبرية، ولم ينجح في الفصل الأول بسبب ضعف اللغة؛ إلا أنه صاحب إرادة فاستمر ونجح لاحقًا، وهو دارس للعلوم السياسية، وخبير في الشؤون الصهيونية ويتقن اللغة العبرية باحتراف.
فخر المخيم
أما أمام منزل الأسير عبد الناصر في أزقة مخيم بلاطة، فقد خطت عبارات بألوان العلم الفلسطيني “الحرية للأسير القائد عبد الناصر عيسى”؛ لتعبر عن فخر المخيم بعيسى الذي وهب وطنه حريته وضحى لأجل عودة اللاجئين لبلدانهم الأصلية في فلسطين المحتلة عام 48.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

غوتيريش: توسيع إسرائيل هجماتها بغزة سيؤدي لمزيد من الموت والدمار
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن خطة إسرائيل لتوسيع هجماتها على غزة ستؤدي إلى مزيد من الموت...

غارات إسرائيلية تستهدف اليمن
صنعاء- المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات حربية إسرائيلية، مساء الإثنين، غارات عنيفة استهدفت مناطق واسعة في اليمن. وذكرت القناة 12...

9 شهداء بغارتين إسرائيليتين في مخيم النصيرات
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتقى 9 شهداء على الأقل، وأصيب عدد كبير من المواطنين بجروح، الإثنين، جراء غارتين شنتهما مسيّرات إسرائيلية، على منطقة...

صحة غزة: حصيلة حرب الإبادة ترتفع إلى 52,576 شهيدًا
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أفادت زارة الصحة بقطاع غزة، بأن 32 شهيدًا منهم 9 انتشال، و119 إصابة وصلت مستشفيات القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية....

مستوطنون يحرقون محاصيل قمح في سهل برقة بنابلس
نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام أحرق مستوطنون متطرفون، مساء اليوم الاثنين، على إحراق أراضٍ زراعية مزروعة بالقمح في سهل برقة شمال غرب مدينة نابلس...

الاحتلال يعتدي على الوقف الإسلامي رباط الكرد بالقدس
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام أزال موظفو بلدية الاحتلال الإسرائيلي بحماية الشرطة، يوم الإثنين، ألواحًا من الحديد وأتربة، وفتحوا مدخل قوس...

الاحتلال يشرع بهدم منازل في مخيم نور شمس
طولكرم - المركز الفلسطيني للإعلام شرعت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، بتنفيذ عمليات هدم في حارة المنشية داخل مخيم نور شمس شرقي مدينة...