معلومات صهيونية حصرية تكشف طرق جمع المعلومات عن قدرات حماس العسكرية في غزة

كشف “يوحنان عوفر” المراسل الأمني الصهيوني تفاصيل إضافية غير مسبوقة حول كيفية جمع جهاز الاستخبارات العسكرية “أمان” المعلومات عن قدرات حماس الصاروخية عشية الحرب الأخيرة على غزة قبل عام من الآن، حيث أدار فريق مصغر “حرب العقول” ضد حماس لأشهر طويلة وبدأت نشاطات “النمل” حول صاروخ “فجر5” منذ صيف 2010.
وأضاف: بدأت النشاطات الصهيونية ضد هذه الصواريخ التي يصل مداها 75 كم فور بداية تدفقها للقطاع، ما يؤهلها لضرب أهداف في وسط “إسرائيل”، وترافقت عمليات جمع المعلومات الاستخبارية مع عمل طواقم دراسات وأبحاث وأخرى متخصصة بالتوقعات والتكنولوجيا وكل معلومة او نصف معلومة استخدمت بشكل احترافي، لإتمام رسم الصورة العامة التي أضيف فيما بعد لـ”بنك الأهداف”.
وأكد أنه في ساعات ظهر يوم 14/11، وبعد دقائق قليلة من العملية الافتتاحية للحرب التي عرفت باسم “عامود السحاب”، وتمثلت باغتيال القائد العسكري لحماس أحمد الجعبري، شهدت القاعدة الجوية “رمات دافيد” وقبل يوم واحد من العملية حركة مكثفة من الاستعداد والتجهيز وتهيئة الطائرات للإقلاع، فيما تم تحديد مخازن أسلحة إستراتيجية تحتوي عشرات الصواريخ التي عملت حماس على استيعابها خلال أكثر من 6 أشهر على قائمة بنك الأهداف التي انتظرت أوامر القيادة لتدميرها، وضربها بقوة.
وقال: هدف العملية الأساسي تمثل بشل قدرات حماس على إطلاق صواريخ بعيدة المدى، وإعادة الحركة للعمل فقط ضمن الصواريخ قصيرة المدى المعروفة لـ”إسرائيل” منذ بداية الألفية الثانية، ويمكن التعامل معها بسهولة نسبية، وفي هذه اللحظات انتظرت الطائرات المقاتلة المحلقة في أجواء غزة فوق الأهداف تماما منتظرة إطلاق صواريخها لتدمير مخازن الصواريخ التي صنفتها بأكبر تهديد يواجه سكان منطقة وسط “إسرائيل”.
ونقل عن الرائد “ل” مسئول حرب الأدمغة الاستخبارية ضد حركة حماس التابعة لقسم الأبحاث في “أمان”، أنه ركز جهوده على مدى عام ونصف قبل الحرب على الساحة الفلسطينية، ولعب دورا مركزيا بتحديد الأهداف الواجب تدميرها، وانتظر مع رجاله لحظة استهداف واستخدام الأهداف التي أعدوها، وإخراجها من دائرة الفعل والعمل “تدميرها”، خاصة مخازن صواريخ “فجر 5” التي تولت وحدة أبحاث مهمة جمع كل معلومة مهما كانت صغيرة عنها.
خلف الكواليس
وأضاف: رجال قسم الأبحاث سمحوا لي بإلقاء نظرة على خلف كواليس عملية “عامود السحاب”، وشرح مراحل جمع المعلومات مرحلة اثر أخرى، إضافة لشرحهم للجهود الخاصة والكبيرة التي بذلوها لرصد وتحديد مكان الصواريخ المحسنة، وعرفنا بأنها قادرة على ضرب تل أبيب، وبدأنا العمل لمواجهتها، وفي هذه اللحظة أدركت “أمان” أن حماس تعمل على مشروع كبير وجديد، لذلك تم توجيه كافة الجهود والموارد الخاصة بمواجهته مع إعطائه أولوية، على اعتبار أن صواريخ متوسطة المدى تمنحها في حال استخدامها صورة النصر، وتسمح لها برفع علم الانتصار.
لهذا شكلت بالنسبة لحماس هدفا يجب إخفاؤه جيدا في سياق سعيها لامتلاك قوة إستراتيجية دون أن يقدر أحد على عرقلة مشروعها أو التشويش عليه، ونظر إليها قادة الجيش على أنها “أسلحة كاسرة للتوازن”.
وأكد “ر”: أدركنا أن الأمر يتعلق بموضوع يستوجب ويستحق توظيف واستثمار جهود كبيرة وكثيرة للإحاطة به، بهدف التوصل لنتائج، وكان هدفنا تحقيق انجاز استراتيجي يوم صدور الأوامر والأخذ بعين الاعتبار المحطات التي توقفت فيها صواريخ “فجر 5” وطرق إدخالها لقطاع غزة، والمسار الذي سلكته من لحظة دخولها، وضبطهم بمنتصف الطريق، لمعرفة مكان تواجدهم في كل لحظة وزمن حتى وصولهم نقطة النهاية “بئر الإطلاق”.
من المهم الإشارة هنا إلى أن كبار قادة “أمان” بمن فيهم رئيس الجهاز “افيف كوخافي” على دراية ومعرفة بجهود جمع المعلومات، لكن تولى مهمة جمع المعلومات اليومية تولاه طاقم مصغر من الباحثين، ممن عرفوا الأمر، وفهموا الموضوع بشكل جيد جدا، واستطاعوا تمييز وفهم أي تغيير، وتفسير وإدراك جوهره، لأنهم يتصورون عدد الصهاينة الذين يقعون تحت سقف هذا التهديد، خاصة وان الحديث يتعلق برؤوس حربية من مئات الكيلوغرامات من المتفجرات، ومستوى دقة معقول وهام.
وأشار إلى أن المهمة نفذت على مدار الساعة، فيما اهتمت أفضل الأدمغة والعقول بتحليل كل معلومة وشذراتها، كانت تصلنا وتحليل كل حركة تقوم بها حماس، او خطوة يمكن تفسيرها بأنها ذات علاقة بالصواريخ، نالت اهتماما كبيرا، من خلال المكوث ساعات طويلة طيلة أشهر طويلة أمام شاشات الحواسيب.
وأوضح “عوفر” أن أفراد خلية المتابعة الاستخبارية بذلوا كل جهد كي تكون كل غارة وهجمة ذات دقة كاملة وتامة، ولم نكن لنسمح لأنفسنا بوضع إشارة على بئر ما وتحديده كهدف لغارة، وبعد ذلك الاكتشاف بان الصواريخ أطلقت من منزل مجاور.
مسار المراقبة
لذلك تم تنفيذ مسار رقابة دقيق جدا على عمل طاقم البحث والباحثين الذين أجبروا على وضع مغلف إلى جانب كل هدف يحتوي على كافة المعلومات، بما في ذلك عدد الإصابات المتوقع، وسلسلة طويلة من المعطيات الدقيقة جرى تثبيتها بجانب كل هدف، وقد كانت عملية مركبة ومعقدة، وكلفنا بأن نشخص ونحدد المكان، وطرح التحفظات في نفس الوقت، ودائما إعطاء صورة حقيقية للوضع، وأن نوقع الأهداف بدرجة ثقة عالية جدا.
وفي سياق عملية الرقابة الداخلية اطلع ضباط كبار في الاستخبارات العسكرية آخرين على المعلومات كرؤساء الشعب والساحات، ووجه الضباط الكبار الأسئلة قاسية وصعبة ليعرفوا مدى صحة وصلابة المعلومات ليتمكنوا من وضع توقيعهم النهائي على الأهداف، ومهاجمتها ضمن عملية ” عامود السحاب”، وكل هدف تم تحديده وبلورته عرض على رئيس “أمان”، وهذا لم يكن مطلوبا، بل قمنا بذلك لاطلاعه على الأهداف في مراحلها الأولى، ووضع قائد المنطقة الجنوبية في الصورة.
وأكد “عوفر” أن عملية جمع المعلومات استمرت عامين ونصف دون توقف حتى ساعات الظهر من 14/11 حيث اغتيل الجعبري، وتم وضع ملف بنك الأهداف للعمل عليه ضمن موجة الهجوم الثانية، التي تستكمل، وتتم جولة اغتيال قادة الذراع العسكري لحماس، حيث انتظروا في مركز إدارة النيران في القيادة العسكرية الجنوبية أمر الشروع بتنفيذ العملية بعد الانتهاء من آخر الاستعدادات، وصدرت عبر جهاز الهاتف في مركز إدارة النيران مكالمة موجهة لغرفة العمليات التنفيذية التابعة لسلاح الجو، بالشروع بتسيير “القطار الجوي” في إشارة لشن الغارات المتتابعة.
وتابع: في لحظة حصول الموافقة والمصادقة تم إصدار أمر “افعل” لسلاح الجو، حيث انطلقت الطائرات للسماء لتلقي قذائفها وصواريخها بهدف شل قدرات حماس، على إطلاق الصواريخ ذات مدى 40 كم لرغبتنا بالحفاظ على “الملعب” ضمن المدى المعتادين عليه وعلى مواجهته والتعامل معه لذلك تم إصدار أمر منع نشر لضمان السرية.
لكننا وفور اغتيال الجعبري هاجمنا أهدافا نوعية: كمواقع تخزين وإطلاق صواريخ “فجر” وكافة مكونة البنية التحتية القتالية التي صنفناها ضمن الأهداف الواجب إزالتها، وإخراجها من اللعبة، ودائرة تهديدات حماس الموجهة ضدنا بهدغ خفض قدراتها بعيدة المدى بالدرجة الأولى، وضرب الوسائل القتالية قدر الإمكان.
خطة الهجوم
وبالتوازي مع إقلاع الطائرات من قاعدة “رمات افيف” الجوية، عمل مركز إدارة النيران التابع للمنطقة الجنوبية على ترشيح الأهداف الواجب ضربها، ونفذوا عملية فحص دقيق بعد كل غارة، لأنهم أدركوا بان قصف صواريخ نوعية “فجر” قد يسبب انفجارها أضرارا ضمن دائرة بقطر واسع، واتخذ منذ البداية قرار بان تكون الغارات والضربات متجانسة ومتشابهة وموحدة، لمنع حماس من استغلال أية فرصة لإخفاء الصواريخ، أو إطلاقها فور رصدهم عملية او غارة.
وأضاف: في المواقع التي كانت فيها مخازن ومواقع إطلاق صواريخ فجر قريبة من السكان، اضطررنا لرفع خطة الهجوم لمستويات رفيعة للمصادقة عليها، وفي بعض الحالات اضطررنا لتنفيذ هجمات إضافية للتأكد من تدمير الصواريخ والوسائل القتالية.
في نفس اللحظة، يشير “عوفر” إلى أن مقر القيادة العامة وسط تل أبيب، المعروف بـ”بئر القيادة” شهد حالة من الاستنفار، حيث جلس رئيس الأركان وكبار قادته، ممن علموا بالغارة الافتتاحية “الاغتيال”، ورجال “أمان” الذين انتظروا ورود الرسائل والمعلومات من داخل غزة لمعرفة إذا كانت العملية حققت النجاح أم لا، فيما أكد الاستطلاع الجوي المرافق للغارات تدمير كافة الأهداف، لكن الشك بقي قائما، حتى بدأت تصل المعلومات الاستخبارية الأولى.
وزعم “عوفر” أن حماس حاولت إخفاء كل صاروخ، لكن “فجر” كان مرتفعا وليس من السهل إخفائه، ومرت منذ لحظة وصولها غزة في مسار طويل حتى لحظة دفنها، وتهيئتها للإطلاق، واحتوى كل بئر إطلاق على عدة صواريخ معدة للإطلاق فور تلقي الأمر، فيما كانت عمليات جمع المعلومات من قبلنا متواصلة ومستمرة، وكل تقدم في هذا المجال احتاج لوقت طويل.
وختم بالقول: عايشنا الكثير من الأحداث التي وقعت صدفة، أو همسات استخبارية من هنا وهناك، ونطلق على هذا الأمر “دائرة التقدير”، وتبدأ من الشاب الأقل مرتبة الأدنى “العميل” في الجانب الفلسطيني، وحتى الشاب الأعلى مرتبة، وصاحب أرفع درجة، وكنا في كل مرة نكتشف وقائع وأحداث في أماكن مختلفة، ونقوم بفحصها، والتأكد منها.
موقع تيك ديبكا الأمني
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

مسؤولون بالبرلمان الأوروبي يطالبون إسرائيل بإنهاء حصار غزة فورا
المركز الفلسطيني للإعلام طالب قادة العديد من الجماعات السياسية في البرلمان الأوروبي اليوم السبت، إسرائيل بالاستئناف الفوري لإدخال المساعدات...

جراء التجويع والحصار .. موت صامت يأكل كبار السن في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّه إلى جانب أعداد الشهداء التي لا تتوقف جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل، فإنّ موتًا...

إصابات واعتقالات بمواجهات مع الاحتلال في رام الله
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أُصيب عدد من الشبان واعتُقل آخرون خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة بلدات بمحافظة رام الله...

القسام ينشر مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين أحدهما حاول الانتحار
المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين إسرائيليين ظهر أحدهما بحالة صعبة وممددا على الفراش....

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...