السبت 10/مايو/2025

رئيس الشاباك السابق: إجراءات ميدانيّة تمنع الانفجار القادم مع الفلسطينيين

رئيس الشاباك السابق: إجراءات ميدانيّة تمنع الانفجار القادم مع الفلسطينيين

ألقى رئيس جهاز “الشاباك” الصهيوني السابق “يوفال ديسكين”، محاضرة داخلية أمام العشرات من جنود وضباط الجهاز، خلال زيارة شخصية، تطرق فيها إلى عدد من المحاور الداخلية والخارجية، يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

الربيع العربي

قال “ديسكين”، إنّ “الربيع العربي” لم يجلب حتى الآن الإستقرار لأي دولة، لكنه جلب “ديمقراطية للحشود الضخمة، وليس للغالبية”، معتبراً أنّ الشعوب في الشرق الأوسط أدركت فجأة قوتها وقدرتها على إحداث ثورات واستبدال أنظمة حكم، وأدركت هذه الحشود أن كتلة ضخمة من البشر غير راضية سيجد النظام صعوبة في السيطرة عليها، حتى لو لم تكن أغلبية. وأشار “ديسكن” إلى أنّه من الناحية السطحيّة يمكن ملاحظة أن كافة الشروط تتوفر لدينا كي تستيقظ الحشود الفلسطينيّة، ففي الضفة الغربية يتصاعد التوتر والإحباط وسط السكان الذين يشعرون أن أراضيهم تصادر، ويشاهدون البؤر الإستيطانية والمستوطنات تبنى، ويدركون حقيقة أن الدولة التي يأملون بها تبتعد عنهم. وحتى الإقتصاد لم يعد شيئاً يمكن التعزي به، ويتعاظم الإحساس بالقمع والإضطهاد، مقابل تصاعد الغضب بسبب الإعتداءات المتواصلة من قبل المستوطنين “مخربي جباية الثمن”.
وأوضح أنّ الخطر هو الإحساس الذي بدأ يسود الجماهير الفلسطينية بأنه لا يوجد مستقبل، بل يوجد ماض فقط، والماضي لا يوجد فيه شيء جيد، والمستقبل لم يعد قائماً، لذلك تحصل البدائل الإجتماعية العميقة بشكل عام ببطء، وعلى مدار سنوات كثيرة. مع إدراك أبعاد استبدال جيل من الشباب الفلسطيني 70% من الفلسطينيين تحت جيل 35 عاماً، وهو جيل يرى ظاهرة “الربيع العربي” في الشرق الأوسط، ويلاحظ ضعف السلطة الفلسطينية، ويعاني من الإقتصاد المخنوق تحت الإحتلال.

وأكّد “ديسكن” أنّ هذا جيل يضم نسبة عالية من المثقفين خريجي الجامعات، لكن البطالة في صفوفهم هي الأعلى، فمئات آلاف الشبان المثقفين كبروا تحت الإحتلال ساخطون وغاضبون ومحبطون وبدون أمل، ويبحثون عن هدف لتفريغ ذلك، معتبراً أنّه من السهل تخمين ماذا يمكن أن يكون هذا الهدف، كل ذلك يشكل “أبخرة وقود” يتصاعد تركيزها لمستوى تكفي فيه شرارة صغيرة لإحداث انفجار كبير.

فقدان السيطرة

وأضاف، أنّه عندما يكون تركيز أبخرة الوقود مرتفعاً، فإن الشرارة الصغيرة قد تكون حادث طرق، كما حصل في الإنتفاضة الأولى في كانون الأول/ ديسمبر 1987، عملية ينفذها يهودي ضد عرب، تفريق مظاهرة أطفال وشبان يتورط فيها جندي بدون تجربة بإطلاق نار يؤدي لمقتل متظاهرين، وحتى إشاعة تنشر، لافتاً إلى أنّ خروج حشود ضخمة من الفلسطينيين للشوارع سيناريو محتمل، وليس مستبعداً، وطبيعة مثل هذه الأحداث تخرج عن السيطرة. وتساءل “ديسكين”: هل يمكن الخروج من المسار ذي الإتجاه الواحد الذي يؤدي لمواجهات بدون نهاية لها؟ المطلوب أولا عدة فرضيات أساسية مهمة:

•إستراتيجية “حل الدولتين لشعبين” هي الإستراتيجية التي تقود “إسرائيل”، وأنا مؤيد لها، لكني أعتقد أننا قريبون جداً من نقطة اللاعودة التي لا يمكن بعدها تحقيق هذا الحل على الأرض، لأن غالبية القضايا الجوهرية في الصراع تتركز في الضفة الغربية، والقضايا الأكثر تعقيداً هي تسوية الأراضي وحق العودة وحل قضية القدس، وخاصة الحرم المقدسي والحدود الشرقية – الأغوار.

•انقسام السلطة الفلسطينية بين فتح في الضفة الغربية، وحماس في قطاع غزة، يعتبر مشكلة مصيرية في المحادثات، والقدرة على التوصل لتسوية نهائية وتامة.

•الخارطة السياسية الائتلافية الحالية في “إسرائيل” لا تسمح بتطبيق أية تسوية مع الفلسطينيين، كما أن عدم الثقة بين القادة يصعب التوصل لتسوية كالتسويات السابقة، والأجواء العامة في الطرفين لا تسمح بالتوصل لإتفاق يمكن تطبيقه. ونظراً لأنّ كل القضايا على الطاولة ثقيلة الوزن ومرتبطة بالحل، فإن الهدف الأول الذي يجب السعي نحوه هو التعايش الذي يشكل البنية التحتية للتوصل لاحقاً للسلام، ويجب أن يكون مبنياً على أرضية صلبة من المصالح المشتركة لعدد من الدوائر “المعنية”، وهي الدول ذات المصلحة المهمة في حل الصراع مثل (مصر والأردن والسعودية وإمارات الخليج)، بما في ذلك قطر، وتركيا، وبالطبع الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي وروسيا ودول أخرى.

وطالب “ديسكين” بإدخال الأردن ومصر بشكل معمق للمفاوضات في مرحلة مبكرة نسبياً، لأنه سيوفر لـ”أبي مازن” الشرعية العربية المهمة بالنسبة له لإتخاذ قرارات حاسمة، ويتطلب ذلك نسيجاً من المصالح المشتركة خلال المفاوضات، كالأمن والطاقة والمياه والمواصلات والإقتصاد والزراعة، ويترجم لسلسلة من الإتفاقيات البعيدة المدى بين اللاعبين، وخلق علاقة تبادلية صحية بينهم. وأشار إلى أنّ “إسرائيل” تستطيع بمخزونات الغاز الإستراتيجية وتكنولوجيا تحلية المياه والتكنولوجيا الزراعية المتطورة، أن تكون لاعباً مركزياً ومؤثراً في المجالات المذكورة.

وانتقل “ديسكين” في حديثه إلى السعودية وتركيا وإمارات الخليج، التي تستطيع أن تدعم اقتصادياً وسياسياً الحل الذي يتم التوصل إليه وتثبيته، ثم الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا، وباقي الدول ذات المصلحة الواضحة في حل الصراع، يجب أن تخلق محفزات إيجابية، سياسية واقتصادية، لكافة الأطراف المعنية للتوصل لتسوية. ونظراً لأنّ قضية الإنقسام بين قطاع غزة والضفة الغربية لا يمكن حلها في الزمن المنظور، وغالبية القضايا المصيرية موجودة في الضفة، فإن مثل هذا الإتفاق يجب أن يبدأ في الضفة بسلسلة عمليات ملموسة لبناء الثقة في الفترة القريبة لخلق أجواء تساعد في التوصل إلى حل، مثل القيام بخطوات جريئة من قبل القيادة الصهيونية، كالحضور لرام الله أمام هيئة من كبار المسؤولين في منظمة التحرير أو قادة فتح، أو دعوة “أبي مازن” للكنيست. واقترح “ديسكين” الوصول إلى تسوية للقضايا العالقة من خلال الأفكار التالية:

*إعطاء مخرج فلسطيني للبحر أو لميناء.

*شراكة في منشآت تحلية المياه أو توفير المياه.

*التزام بتوفير الطاقة الكهربائية، والتزود بالغاز.

*إقامة مناطق صناعية مشتركة لتطوير الإقتصاد وخلق أماكن عمل.

وأضاف أنّ الجمع بين القيادة الشجاعة، والتفكير الإستراتيجي، وتنسيق التطلعات، وخلق الأمل، والتفكير غير التقليدي، والحوار مع الجمهور في كلا الطرفين، من شأنه أن يحدث تحولاً يخرج “إسرائيل” من المسار الحالي الذي يقود حتماً إلى الإنفجار القادم.

معهد أبحاث الأمن القومي، 24/11/2013

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات