جهود صهيونية لوقف الانفجار بعد فشل المفاوضات مع السلطة الفلسطينية

دعا رئيس جهاز “الشاباك” السابق يوفال ديسكن “الى العمل السريع والفوري لوقف الانفجار القادم كون الواقع يخلق تركيزا خطيرا من وقود الانفجار”، مشيرا الى قرب انتقال الربيع العربي الى إسرائيل، وطرح ديسكن في مقابلة مع صحيفة “يديعوت احرونوت” العديد من النقاط التي تساهم في انهاء الصراع والتوصل الى اتفاقية سلام، وعلى رأسها وقف الاستيطان فورا وتحرير عدد كبير من الأسرى.
وقالت الصحيفة ان ديسكن رجل المخابرات الإسرائيلي الكبير والعالم بالوضع الفلسطيني كونه كان يترأس جهاز “الشاباك” والذي على تماس مباشر ويومي بالوضع الفلسطيني الداخلي، وانهى مهماته قريبا لم يخف شيئا عن تخوفاته لما ستؤول اليه الأوضاع، مستندا للحالة الراهنة التي تعيشها المنطقة وبالذات طرفي الصراع الفلسطيني والإسرائيلي.
وتطرق ديسكن في بداية حديثه للربيع العربي حيث قال “ان الشعوب استطاعت اسقاط أنظمتها لكنها لم تستطع حتى الآن تحقيق اهدافها بالديمقراطية، وما يحدث اليوم في المنطقة يدلل على حقيقة واحدة بأن الشعوب عندما تهب وتنزل الى الشوارع تستطيع اسقاط النظام وتستبدله بنظام جديد”.
وبشأن الواقع الفلسطيني وحالة الاحباط التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، يقول: كل يوم يتأكد الشعب الفلسطيني بأن حلم الدولة يختفي ويتقلص، ويشاهد الأرض التي يحلم ببناء دولته عليها تختفي ويتم بناء مزيد من المستوطنات عليها، كذلك الوضع الاقتصادي الصعب للشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال يزيد من حالة الاحباط، خاصة أن 70% من الشعب الفلسطيني أقل من 35 سنة، وأغلبه عاش تحت ظروف الاحتلال القاسية والتي لا تعطيه أملاً في الحياة.
وأضاف: “وفقا لهذه الظروف والتي يضاف عليها وضع الفلسطينيين داخل مناطق عام 48 والذين اعتادوا مشاركة الفلسطينيين في التظاهرات خاصة في المواجهات الكبيرة، فان الوضع سيكون قابلا للانفجار وليس في وقت بعيد في حال لم نتحرك فورا.
والذي يعتقد ان الوضع بحاجة لحدث كبير لاندلاع مواجهات واسعة وعنيفة فهو لا يصيب الحقيقة، فالتاريخ الفلسطيني يدلل على وقوع هذه الأحداث الواسعة نتيجة حدث عرضي كما حدث في الانتفاضة الأولى عام 87، أو حتى الانتفاضة الثانية عام 2000، فحتى مروان البرغوثي الذي كان يقف على رأس هذه الأحداث، لم يكن يخطط لانتفاضة تستمر الى 7 سنوات ويقع نتيجتها آلاف القتلى والجرحى من الطرفين، فقد كان يريد تظاهرات تستمر لعدة اسابيع ولكنها خرجت عن السيطرة”.
ويستمر ديسكن في التحليل للوضع ويصل الى النقطة الأساسية التي قد تمنع هذه الانفجار والمتمثلة بالحل السياسي على اساس حل الدولتين، والذي يدعمه بقوة.
لكنه مع ذلك يبدي تخوفا بأن هذا الحل لن يرى النور لوجود العديد من الأسباب التي تتعلق بالتركيبة السياسية الحالية، والجو العام داخل إسرائيل وكذلك الشعب الفلسطيني، بالاضافة الى حالة الانقسام وعدم التواصل بين الضفة وقطاع غزة، فطبيعة المواضيع التي يجري التفاوض عليها “الحدود، اللاجئين، القدس” وغيرها قد تفجر هذه المفاوضات، خاصة لعدم وجود ثقة بين الجانبين وكذلك عدم استعداد بعض الأطراف في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي للسلام.
ويضع ديسكن حلولا للخروج من هذا الوضع من خلال ثلاث نقاط أساسية تساهم في وصول طرفي النزاع الى حل سياسي يصمد لوقت زمني طويل هي:
الأولى: يجب مشاركة فعلية للأطراف المرتبطة بشكل مباشر في النزاع في المفاوضات “مصر، الاردن”، ويجب ان تكون هذه المشاركة فعلية ومؤثرة وليس فقط في جوانب ثانوية، وهذه المشاركة سيكون لها تأثير كبير خاصة انها تمنح الرئيس أبو مازن ثقة أكبر ودعماً مباشراً في اتخاذ القرارات المهمة، كذلك تضمن لهذا الاتفاق الاستمرارية لوقت زمني طويل.
الثانية: مشاركة أطراف أخرى لها علاقة بالصراع “السعودية، تركيا، دول الخليج العربي” وهذه الدول سيكون لها دور مهم في صمود هذا الاتفاق من ناحية الدعم الاقتصادي وكذلك السياسي.
الثالثة: الأطراف الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، التي تضمن استمرار هذا الاتفاق من خلال التزامها اتجاه طرفي النزاع بالعديد من القضايا التي تساهم في انجاح الاتفاق وتطبيقه على الواقع.
ولكن كيف يمكن تحقيق هذه الاتفاقية في ظل عدم توفر الثقة بين طرفي النزاع، وهما الأساس في التوصل لهذا الاتفاق، قال ديسكن انه يمكن ذلك في حال اتباع النقاط التالية والتي ستساهم في منع حدوث الانفجار:
أولا: يجب أن نؤمن بالسلام ويعني ذلك بكل ما أوتينا من قوة وأمام الجميع من القادة، انتم الذين قمنا بانتخابكم كي تمثلونا على أساس برنامجكم السياسي بحل الدولتين لشعبين.
ثانيا: يجب بعث رسالة واضحة من قبل قيادتنا بأنها تريد السلام بشكل حقيقي، وهذه الرسالة لا تأتي الا بتغيير كبير في الخارطة السياسية، يجب تشكيل ائتلاف حكومي جديد من الأحزاب الإسرائيلية التي تؤمن بالسلام، كون الائتلاف الحكومي الحالي لا يوجد فيه أمل كي يقود عملية سلام.
ثالثا: بناء ثقة شخصية بين القادة، كون كافة الاتفاقيات التي تم التوصل لها مع العرب جاءت بناء على وجود ثقة بين القادة أو بين المبعوثين.
رابعا: يجب ان تجري المفاوضات بسرية تامة قدر الامكان، مع تسريبات لبعض النقاط المدروسة من حين لآخر.
خامسا: يجب تغيير الأجواء داخل المجتمع الإسرائيلي والفلسطيني، من خلال احداث تغيير حقيقي على خطابات القادة.
سادسا: يجب القيام بخطوات فعلية على أرض الواقع والتي تعطي أملا كبيرا للسلام وانهاء الصراع ومنح الثقة في هذه العملية، وعلى رأس هذه الخطوات وقف فوري للبناء الاستيطاني خارج التجمعات الرئيسية في الضفة الغربية، تحرير عدد كبير من الأسرى وعدم الانتظار لتحريرهم مقابل جندي مخطوف أو إسرائيلي، بمعنى يجب ان تبادر إسرائيل لاطلاق سراحهم دعما لعملية السلام وبناء الثقة.
سابعا: اتخاذ خطوات جريئة من القادة، مثلا ان يقوم القادة الإسرائيليون بعقد اجتماعات مع قيادات من فتح أو منظمة التحرير في رام الله، وتقديم خطابات دعما للسلام، أو دعوة الرئيس أبو مازن كي يلقي خطابا أمام الكنيست الإسرائيلي.
ثامنا: صلاحية الأراضي “Viability for Land” هذه الصيغة للمفاوضات تسمح من ناحية قيام الدولة الفلسطينية، ومن ناحية ثانية تقلص من تبادل الأراضي، وقد تكون هذه الخصائص على سبيل المثال “توفير مناطق ساحلية أو موانئ، شراكة في مرافق تحلية المياه وامدادات المياه، التزام بتزويد الكهرباء والغاز، اقامة منطقة صناعية تساهم في التطوير الاقتصادي وخلق فرص عمل”.
وينهي ديسكن حديثه بالقول: “انني مؤمن بمزيج من قيادة جريئة والتفكير الاستراتيجي، تنسيق التوقعات، خلق الأمل، التفكير خارج المنطقة المغلقة والحوار مع الجمهور في كلا الجانبين، يمكن لكل ما ذكر ان يخلق منعطفا في المسار يخرجنا من المسار المؤكد بأن الحريق والانفجار قادم”.
وفيما تتعثر التسوية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، تحاول الإدارة الأميركية منع ترنّحها وسقوطها، في هذا السياق، سيصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الأراضي المحتلة بعد أيام، في محاولة شبه أخيرة لمنع انهيار المفاوضات عبر تحويل وجهتها نحو الحل المرحلي.
ولكن المصاعب تتراكم فعلياً جراء ما تضعه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من عقبات، ليس فقط على شكل آلاف الوحدات الاستيطانية، وإنما أيضاً عبر اندفاع بعض مكونات هذه الحكومة إلى سن قانون لتقاسم الحرم القدسي مع المسلمين.
وكان نتنياهو أخرج الخلاف الدائر في غرف المفاوضات بإعلانه أن «الحدود الأمنية لإسرائيل ستبقى على نهر الأردن دوماً». ومعروف أن إسرائيل تطالب بوجود عسكري دائم على طول نهر الأردن وشاطئ البحر الميت بكل ما يعنيه ذلك من التحكم في مسار ومعابر الحدود مع الأردن.
من جهة ثانية، يحاول «البيت اليهودي»، الشريك المهم في ائتلاف نتنياهو، إعداد لوائح جديدة في وزارة الأديان الإسرائيلية، تسمح لليهود للمرة الأولى منذ سقوط القدس في يدي إسرائيل في حزيران العام 1967، بالصلاة علناً في الحرم القدسي.
وبموجب اللائحة الجديدة، التي أعدت وصيغت في القسم القانوني من وزارة الأديان، ستخصص ساعات محددة لصلاة اليهود في الحرم كل يوم. وتعني هذه اللوائح تقاسم باحات الحرم القدسي الذي يضم مسجدي الأقصى والصخرة مع المسلمين، في محاولة لتكرار تجربة تقاسم الحرم الإبراهيمي في الخليل.
ومعروف أن اللوائح المعمول بها كانت تحظر على اليهود الصلاة في الحرم القدسي المدار من جانب الأوقاف الإسلامية. لكن تزايدت في الأعوام الأخيرة حالات سماح الشرطة الإسرائيلية بدخول اليهود ومنهم نواب وحاخامات إلى باحات الحرم. وكثيراً ما استغل بعضهم هذا الدخول لممارسة الصلاة التي يحظرها القانون من ناحية، والشريعة اليهودية (على الأقل لدى غالبية الحاخامات) من ناحية أخرى. ومن المؤكد أن خطوة كهذه كفيلة بتفجير الغضب الفلسطيني، وربما العربي والإسلامي في العالم.
ويسعى حزب «البيت اليهودي» إلى إحداث تعديل في قانون «حماية الأماكن المقدسة»، بحيث يشار إلى الحرم القدسي كمكان مقدس لليهود. وحال إقرار مثل هذا القانون فسيكون محظوراً منع اليهود من الصلاة في الحرم.
ولا يبدو أن اليمين الإسرائيلي في حركته الاستيطانية والاستفزازية الدينية ينطلق من فراغ، فهناك نوع من الإجماع الشامل في إسرائيل بصعوبة، وربما استحالة، التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز «هجال هحداش»، بناء على طلب صحيفة «إسرائيل اليوم» المقربة من نتنياهو، أن الغالبية الساحقة من الجمهور اليهودي الناطق بالعبرية فوق سن 18 عاماً، لا يؤمن بأن المفاوضات الجارية في هذه الفترة ستجلب اتفاق سلام مع الفلسطينيين.
وقال 83.8% من المستطلعة آراؤهم، إنهم لا يؤمنون بفرص نجاح المفاوضات مع الفلسطينيين، فيما أكد 7.9% منهم إيمانه بذلك، وأعرب 8.3% منهم عن عدم تبني أي رأي في هذا الشأن.
وفي هذا السياق، وبعد إعلان مفاوضين فلسطينيين عن تقديم استقالتهم بسبب شعورهم بعدم جدوى المفاوضات، يصل كيري لتناول وحثّ مسألة التسوية.
ويشعر إسرائيليون بأن ما وصلت إليه المفاوضات قد يعرّض إسرائيل لأخطار حقيقية في المجتمع الدولي. وأشار إلى ذلك صراحة يوئيل ماركوس، كبير معلقي «هآرتس» السياسيين في مقالته «أن تأتي الصفعة».
وأوضح ماركوس أن قرار نتنياهو برفع المقاطعة الإسرائيلية عن لجنة حقوق الإنسان الدولية جاء بعد تهديد، مشدداً على أنه «مع الائتلاف الحالي، الذي سيعود إليه ليبرمان قريباً، نتنياهو ليس فقط لا يستطيع التقدم نحو السلام، بل أيضاً لا يستطيع أن يظهر كمن يحاول الوصول إلى السلام».
والواقع أن الإدارة الأميركية التي أوحت طوال الأشهر الماضية بإيمانها في إمكانية التوصل خلال تسعة أشهر إلى حل نهائي، تجد اليوم نفسها مضطرة للبحث عن حلول مرحلية. فبعد انقضاء ثلث المدة المقرّة للتفاوض، ترى أن المفاوضات تدور في حلقة مفرغة ومن دون أي تقدم ظاهر.
هآرتس، 19/11/2013
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...

جيش الاحتلال يفرض إغلاقًا على قرية المغير في رام الله
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام فرضت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، إغلاقًا على قرية المُغَيِّر شمال شرق مدينة رام الله وسط الضفة...

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل من أوروبا
المركز الفلسطيني للإعلام أكد المسؤول السابق للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، وأن نصف...

الاحتلال يواصل الإبادة بغزة موقعاً 147 شهيدًا وجريحًا خلال 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم السبت، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 23 شهيدا، و124 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...