الأحد 11/مايو/2025

الفساد أساس في الحكم الصهيوني

الفساد أساس في الحكم الصهيوني

لم تكن الحلبة الإسرائيلية بحاجة إلى تصريحات أطلقتها في اليومين الأخيرين مدعية عامة سابقة، تؤكد فيها أن كبار المسؤولين في جهاز النيابة الإسرائيلية تآمروا من أجل إجهاض ملف الفساد ضد من كان وزير خارجية إسرائيل أفيغدور ليبرمان، وتقليصه إلى ملف اتهام هش، قد ينتهي في غضون أيام بإدانة مخففة لليبرمان، ولربما التبرئة الكاملة؛ رغم أن التهم الأساسية كانت كفيلة بأن تؤدي إلى جلوسه في السجن لسنوات.

إذ تصف المدعية العامة السابقة المحامية آفيها أولف، لصحيفة “هآرتس”، كيف أنها كانت تشك في تسريب معلومات كثيرة لليبرمان من الشرطة، خلال عملية التحقيقات ضده، والتي استمرت لسنوات، في قضايا الكسب غير المشروع، وإقامة شركات وهمية وغسل أموال؛ وهي قضايا وصلت أطرافها، حسب الشبهات، إلى جهات إجرام مالي عالمية.

وبرغم توصيات الشرطة بتقديم لوائح اتهام ضد ليبرمان، كان من المفترض أن تكون الأخطر ضد سياسي إسرائيلي، فقد قررت النيابة، وخاصة المستشار القضائي للحكومة، إجهاض الملف لجعله يرتكز على قضية هامشية جدا، وهي الحصول على معلومات من دبلوماسي إسرائيلي بشأن التحقيقات معه، بشكل غير مشروع، في حين تم إغلاق الملفات التي كانت تتحدث عن ملايين الدولارات.

وقد بدأت قضية ليبرمان منذ ما يقارب عشر سنوات، لكن ازدادت وتيرتها في السنوات الأربع الأخيرة، خاصة حينما عاد ليبرمان الى الحكومة السابقة ليكون وزيرا للخارجية، ولكنه شارك بشكل أساسي في التعيينات الكبيرة في جهازي النيابة والقضاء، إما مباشرة أو من خلال وزراء ونواب في حزبه.

وتظهر هذه المعلومات التي تكشف عن شكل سير الأمور داخل جهاز النيابة، بالتزامن مع انتهاء الانتخابات البلدية في إسرائيل. وكانت الدورة المنتهية قد شهدت ملفات فساد ضد عدد ليس قليلا من رؤساء البلديات، في مجملها اختلاسات وتلقي رشاوى. ولكن لشديد السخرية، فإن عددا من هؤلاء، ورغم ملفات الاتهام وانتظار محاكماتهم، خاضوا الانتخابات الأخيرة مجددا، وباسم الحزب الحاكم “الليكود”. ما يضع علامات استفهام كبيرة حول جديّة لوائح الاتهام وسير المحاكمات لاحقا، بما في ذلك الأحكام التي ستصدر.

لم تكن المؤسسة الحاكمة في إسرائيل في أي يوم بعيدة عن الفساد الذي طال وزراء كبارا ورؤساء حكومات ودولة؛ إلا أنه سُجلت في العقدين الأخيرين معدلات فساد غير مسبوقة في إسرائيل. وهذه ظاهرة تتصاعد. وليس هذا فحسب، بل إن كثيرا من رموز الفساد يحظون برعاية ما في المؤسسة الحاكمة والسياسية، خاصة إذا كانوا من المحسوبين على اليمين المتطرف.

يدعم هذا أن عددا من رؤساء البلديات المتورطين بالفساد، والذين خاضوا الانتخابات الأخيرة، لجأوا الى اليمين المتطرف وخاصة حزب “الليكود”، وتبنوا شعارات عنصرية متطرفة لكسب تأييد الجمهور اليميني؛ جمهور الأغلبية في الشارع الإسرائيلي، مثل العنصري شمعون غابسو، رئيس بلدية مستوطنة نتسيرت عيليت، الجاثمة على أراضي مدينة الناصرة والقرى المجاورة، والذي خاض الانتخابات تحت اسم حزب الليكود، وأعلن ان برنامجه يتضمن وقف “المد العربي” للمدينة لإبقائها يهودية، إضافة إلى سعيه لإسكات أصوات أذان المساجد في القرى المحيطة، والتي تصل إلى أحياء المستوطنة.

وعلى الرغم من تورط غابسو في سلسلة ملفات فساد، إلا أن حملته العنصرية المتطرفة قادته للفوز مجددا، وهذا بحد ذاته نموذج للمشهد الحاصل في إسرائيل، خاصة في السنوات الأخيرة؛ فمعسكر اليمين الإسرائيلي المتطرف على استعداد لأن يكون دفيئة لرموز الفساد، طالما أنهم دعموا أجندته السياسية، وسط صمت مطبق من الصف الأول في القيادة الإسرائيلية.

مقابل هذا المشهد، فإن الأصوات الداعية الى اجتثاث الفساد في تراجع مستمر، على ضوء ملاحقة الكثير من الأشخاص والجهات التي لعبت دورا في كشف الكثير من أوجه الفساد. وهذا مرتبط أيضا بنهج حكومتي بنيامين نتنياهو الحالية والسابقة؛ بملاحقة مؤسسات حقوقية تتابع حقوق الإنسان، ومنها ما يلاحق السياسة العنصرية وسياسة الاحتلال والتنكيل بالشعب الفلسطيني.

وهناك أصوات في إسرائيل تحذر من استفحال ظاهرة الفساد، لأنها حالة تسوّس تنخر بالجهاز الحاكم. ولكن هذه أصوات يتم إسكاتها، طالما أن رموز الفساد تدعم السياسة العنصرية، وسياسة الحرب والاحتلال.

الغد، 19/11/2013

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات