اليمين الصهيوني يستهدف الكتب المدرسيّة الفلسطينية

يبذل اليمين الإسرائيلي المتطرف، جهوداً حثيثة ومتصاعدة، لحذف التاريخ الفلسطيني من كتب المناهج المدرسية، إضافة إلى خنق أي صوت يهودي يتطرق إلى ذكر الحقوق الفلسطينية، وحق العودة بوجه خاص، كما يقول الكاتب والصحافي جوناثان كوك.
في موقع “ديسيدينت فويْسْ”، (8/10/2013)، كتب جوناثان كوك، مؤلف كتاب “”إسرائيل” وصدام الحضارات”، “يشتمل آخر جهود اليمين الإسرائيلي لخنق الآراء المعارضة، إخضاع الكتب المدرسية للرقابة، والسعي إلى إخماد صوت المنظمات الإسرائيلية التي تثير تساؤلات مزعجة حول ماضي “إسرائيل”- في ما يبدو تصعيداً لحرب تبتغي الهيمنة على عقول الإسرائيليين”.
فقد حاولت المجموعات المتحالفة مع الحكومة منع مؤتمر دولي، تمَّ عقده في “تل أبيب” مؤخراً، وجرى فيه تدارس الأحداث المحيطة بخلق “إسرائيل” عام 1948- والمعروفة لدى الإسرائيليين باسم “حرب الاستقلال”، ولدى الفلسطينيين باسم النكبة.
وظهر في الوقت ذاته، أن إحدى المجموعات اليمينية المتطرفة المعنية، وهي حركة “إمْ تِرْتسو”، كانت قد شرعت في حملة لإغلاق المنظمة التي تقف وراء المؤتمر، وهي منظمة “زوخروت”، متهمة إياها بانتهاك القانون الإسرائيلي ورفض وجود “إسرائيل”.
ومنظمة “زوخروت” -كما يقول الكاتب- تتحدّى أعظم المحرمات الإسرائيلية: وهو حق ملايين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي طردوا منها عام 1948. بينما يعارض العديد من الإسرائيليين مثل هذا التحرك بشراسة، لأنهم يرون أنه يفضي إلى القضاء على يهودية دولتهم.
وقال ايتان برونشتاين، مؤسس منظمة “زوخروت”، إن المؤتمر الذي استغرق يومين، كان ينطوي على تهديد لليمين بوجه خاص. “فقد تدارسنا للمرة الأولى، ما هو أكثر من مجرّد حقّ العودة النظري”، كما قال.
وأضاف: “في هذه المرة، كان التركيز الأساسي على كيفية تطبيق العودة. حتى إن اللاجئين قدّموا في المؤتمر نماذج محاكاة بالحاسوب، حول كيفية تطبيق العودة على الأرض”.
ويقول الكاتب، إن توقيت المؤتمر محرج لـ”إسرائيل”، إذ يتزامن مع تجدّد المحادثات مع الفلسطينيين، المتوقفة منذ فترة طويلة، بضغط من الولايات المتحدة. فمن القضايا الأساسية التي تتطلب حلاً، ما إذا كان ينبغي السماح للاجئين بالعودة إلى أكثر من 500 قرية دمّرتها “إسرائيل” بعد قيامها.
وتسعى المجموعات اليمينية المقربة من حكومة بنيامين نتنياهو، إلى وقف تمويل المنظمات التي تعتبرها شديدة الانتقاد لـ”إسرائيل”، أو تعمل لحماية الحقوق الإنسانية للفلسطينيين تحت الاحتلال.
ففي الصيف، قدّم أحد أحزاب الائتلاف الحاكم تشريعاً، يطالب بوقف تمويل ما يدعوه “نشاطاً مناوئاً لـ”إسرائيل””. وقد استغلت جماعة يمينية ساعدت في صياغة التشريع -هي منظمة “مراقبة المنظمات غير الحكومية”- مؤتمر “زوخروت” للتدليل على عدم شرعية مثل ذلك التمويل الأجنبي.
كما تعرضت الحكومة للانتقاد الشديد لما تبذله من جهود متعاظمة للتحكم بالمنهج المدرسي، بقصد إزالة الإشارات إلى النكبة، وانتقاص حقوق الفلسطينيين من مواطني “إسرائيل”، الذين يشكلون خمس عدد سكانها.
فقد وُجهت انتقادات للتعديلات التي أدخِلت على برنامج التربية المدنية، الذي يتعيّن على جميع التلاميذ دراسته لاجتياز امتحان الثانوية العامة.
ويعكس الكتاب المدرسي الجديد، أصداء التشريع الذي تجري صياغته من قبل أعضاء الائتلاف الحاكم، ليُحدِّد طبيعة “إسرائيل” بأنها وطن للشعب اليهودي حصراً، ويؤكد أن اليهود وحدهم يملكون حق تقرير المصير في “إسرائيل”.
وقالت مُعدّة الدراسة التي تناولت التعديلات، هليل بينسون، وهي أستاذة للتربية في جامعة بن غوريون في بئر السبع، إن المدارس الإسرائيلية تشهد ظهور “نظام خوف” متصاعد. و”أن قيم الديمقراطية، والليبرالية وحقوق الإنسان، تُعَدُّ لدى المسؤولين في الوسط التربوي.. غير شرعية، ومُزعزعة لمكانة “إسرائيل” كدولة يهودية. وإن وجهة النظر التي يجري الترويج لها في التعليم الآن، يمينية بحتة”.
وفي مؤتمر حق العودة الأخير، ناقش أكاديميون محليون ودوليون الخطط العملية لإعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى “إسرائيل”.
وكان فرض قيود على دخول المشاركين في المؤتمر، يعني أن قلة من اللاجئين الفلسطينيين خارج “إسرائيل” تمكنوا من الحضور. ولكن العديد من اللاجئين المحليين، والفلسطينيين الذي يحملون الجنسية الإسرائيلية شاركوا فعلاً. وعلى الرغم من جنسيتهم، فهم ممنوعون -شأنهم شأن اللاجئين الآخرين- من العودة إلى قراهم. وقد عُقد المؤتمر في “متحف أرض “إسرائيل””، الذي يحظى بمكانة مرموقة في “تل أبيب”.
ويقول الكاتب، إن منظمة “زوخروت”، التي يعني اسمها باللغة العبرية، “التذكر” هي أول منظمة لتعريف اليهود الإسرائيليين بالنكبة. وقد أخذت منذ تأسيسها عام 2002، ألوف الإسرائيليين في زيارات للقرى المدمرة، وأقامت لافتات بالعبرية والعربية تبيِّن مواقع الشوارع، والمقابر، والمباني المندثرة، مثل المساجد والكنائس والمدارس.
وكجزء من مهمتها، ابتدعت “زوخروت”، مجموعة من الوسائل التعليمية عن النكبة، وقامت بتوزيعها على المعلمين، ولكن المسؤولين في وزارة التعليم، حظروا استعمال تلك الوسائل داخل الصفوف المدرسية. كما حاولت الوزارة منع المدرسين من المشاركة في ندوات “زوخروت” أثناء وقتهم الخاص.
وفي العام الماضي، أنشأت “زوخروت” سجلاً للمحفوظات السينمائية، يوثق شهادات قدامى المحاربين الإسرائيليين في حرب 1948. ويتحدث كثيرون منهم أمام آلات التصوير للمرة الأولى عن ارتكاب جرائم حرب، وتنفيذ عمليات تطهير عرقي.
وتشكل نشاطات المنظمة تحدياً مباشراً لجهود الحكومة لقمع النقاش حول الأحداث المحيطة بتأسيس “إسرائيل”. ففي عام 2008، قبل وقت قصير من تسلم نتنياهو زمام رئاسة الحكومة، أعلن أنه سيضع حدّاً لتعلم الإسرائيليين عن النكبة. وفي إشارة للمنهاج المدرسي، قال: “إن أول ما سنفعله، هو مَحْوُ النكبة”.
وبعد ثلاث سنوات، أقرت حكومة نتنياهو قانوناً يحظر على المؤسسات، بما فيها المدارس والمكتبات العامة، تلقي أموال حكومية، إذا أشارت إلى النكبة.
وقد استعدى بروز “زوخروت” المتصاعد، ونزعتها إلى الصدام في التشكيك في رواية “إسرائيل” التقليدية عن حرب 1948، استعدى عليها الحكومة وأنصارها.
ففي العام الماضي، طوقت الشرطة مكاتب “زوخروت” في “تل أبيب” في اليوم الذي يحتفل فيه “الإسرائيليون” بـ”استقلالهم”، ويحيي فيه الفلسطينيون ذكرى النكبة، لمنع أعضاء “زوخروت” من حضور احتفال، كانوا سيسردون فيه أسماء القرى الفلسطينية المدمرة، في ميدان مركزي عام. وقد اعتقلت الشرطة ثلاثة من أعضاء “زوخروت”.
ويأتي في طليعة مهاجمي “زوخروت”، حركة شبابية يمينية تُعرف باسم “إمْ تِرْتسو”. وقد قالت بونشتاين، إن الجماعة كانت تعمل بتنسيق وثيق مع الحكومة، في صياغة قانون النكبة.
كما أظهرت التحقيقات الإعلامية الإسرائيلية، أن جزءاً من تمويل تلك الحركة يأتي عن طريق “الوكالة اليهودية”، التي تتمتع بوضع شبه حكومي في “إسرائيل”. ومن المعروف أن الحركة وثيقة الصلة بوزراء بارزين في الحكومة، من بينهم وزير الداخلية، جدعون سار، الذي كان المتحدث الرئيس في مؤتمرها السنوي في 2012.
وقد ذكِر أن الجماعات اليمينية المتطرفة، ومن بينها “إم ترتسو”، حرضت متحف أرض “إسرائيل” على إلغاء مؤتمر “زوخروت”، بما في ذلك شن حملة لمقاطعة المتحف في حال انعقاد المؤتمر.
وقد عملت جماعة يمينية متطرفة أخرى، هي “مراقبة المنظمات غير الحكومية”، مع الحكومة عن كثب، على محاولة الوقف التام لمصدر التمويل الرئيس، من الحكومات الأوروبية، للمنظمات اليسارية ومنظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية.
في هذه الأثناء تتعرض الحكومة لانتقادات شديدة في الآونة الأخيرة، لسماحها لجماعة يمينية متطرفة أخرى، هي معهد الاستراتيجيات الصهيونية، بتعديل الكتب المستخدمة في المدارس لتهيئة التلاميذ لامتحان شهادتهم الثانوية، كجزء من جهود ترمي إلى جعل المنهج قومياً على نحو سافر.
ولكن المعركة الرئيسة كانت حول مساقات التربية المدنية، وهي الجزء الوحيد من المنهج، الذي يعالج قضايا مثل الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والمساواة ومبادئ المواطنة الشاملة.
ففي العام الماضي، تم إنهاء خدمة المشرف العام على منهج التربية المدنية في وزارة التربية، “ادار كوهين”، على الرغم من عريضة وقعها مئات معلمي التربية المدنية، معارضة للقرار.
وكان قد تعرض لانتقاد اليمين بسبب قيامه بنشر كتاب دراسي جديد، يتضمن إشارات إلى تقرير غولدستون، مبعوث الأمم المتحدة لتقصي الحقائق، الذي انتقد “إسرائيل” على ارتكاب جرائم حرب، أثناء الهجوم على غزة في شتاء 2008- 2009.
وقد طالب أفيغدور ليبرمان، رئيس لجنة الخارجية والأمن في “الكنيست” (البرلمان) الإسرائيلي السلطة الفلسطينية بإجراء تعديلات جذرية للمناهج التعليمية الفلسطينية، لإنشاء ما أسماه “جيل السلام”.
وقال ليبرمان “يتعين على إسرائيل أن تطالب السلطة الفلسطينية بتعديل جهازها التعليمي بصورة جذرية”، مشيرًا إلى أن “الكتب المدرسية الفلسطينية لا تتضمن أي خارطة لدولة إسرائيل ولا تتطرق بالمرة إلى المحرقة النازية”.
وكرر وزير الخارجية الإسرائيلي السابق موقفه المستبعد للتوصل إلى اتفاق سلام دائم مع السلطة الفلسطينية، وقال “ما من جدوى في السعي الآن إلى تسوية دائمة مع الفلسطينيين، ويجب التركيز على تعزيز التعاون مع الفلسطينيين في المجالين الاقتصادي والأمني”، مشيرًا إلى أن “عباس ليس شريكًا لتحقيق السلام”.
وشدد ليبرمان على أنه “لن يكون من الممكن الشروع في مفاوضات حقيقية حول تسوية دائمة، إلا بعد بدء الفلسطينيين بتربية الجيل الناشئ على السلام”، على حد تعبيره.
الخليج، 5/11/2013
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

سجن جندي احتياط إسرائيلي لرفضه القتال في الضفة الغربية
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جندي احتياط إسرائيليا سجن 5 أيام بعد رفضه المشاركة في القتال في الضفة الغربية...

رفض حقوقي للخطة الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام عبر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان عن رفضه التام للخطة الجديدة التي تروج لها الولايات المتحدة الأميركية، بالتنسيق مع دولة...

33 شهيدًا و94 إصابة بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وصول 33 شهيدا، منهم 29 شهيدا جديدا، و4 شهيد انتشال)، و94 إصابة، إلى مستشفيات غزة خلال...

أبو عبيدة: الإفراج عن الجندي الأسير عيدان ألكساندر اليوم الاثنين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قرارها، الإفراج عن الجندي الصهيوني الذي يحمل...

16 شهيدا بينهم أطفال بمجزرة إسرائيلية في مدرسة تؤوي نازحين في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجزرة فجر اليوم الاثنين، بعدما استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في جباليا البلد شمال غزة،...

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...