منهاج فلسطيني وطني

المناهج التعليمية هي صراع الثقافة للأجيال القادمة بين ثقافتين، الأولى رسخت لمفاهيم صاغتها السلطة القائمة لصالح تسوية سلمية تنطلق من أن العيش مع الاحتلال أمر ممكن بل مؤكد من خلال تفهم تاريخ الطرف الآخر والتعاطي معه والتنازل عن الحقوق الوطنية بل تغيير الواقع وطمس التاريخ ليبدو الأمر مسلما به.

الثقافة الثانية المراد ترسيخها هي ثقافة وطنية خالصة تقوم على أن الأرض التي يتم احتلالها هي أرض مغتصبة وأن اللاجئ صاحب الحق والتاريخ والواقع ووريث الوطنية، بل مقاتل شرس يفتدي الأرض بالروح، ويتمنى العودة بالنضال كي تعود الحقوق لأهلها، وأن المحتل قاتل مغتصب عنصري.

أسجل فخر كل فلسطيني لجهد وزارة التربية والتعليم في غزة بوضع منهج تعليمي وطني يرسخ ثقافة وطنية واضحة قائمة على مواجهة الاحتلال ومقاومة الاستيطان، مستمدة من تاريخ الشعب الفلسطيني.

ما ضمه كتاب التربية الوطنية للصفوف الثامن والتاسع هو مصدر فخر واعتزاز وما ضمه من معلومات عن تاريخ الشعب الفلسطيني ونضاله في وجه الاحتلال والمؤامرات التي حيكت ضده، والشخصيات الوطنية الفلسطينية التي ناضلت في تاريخ القضية وخاصة عز الدين القسام وياسر عرفات وأحمد ياسين وفتحي الشقاقي مع صور لهم.

كذلك ما ضمه المنهج من معلومات عن انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى وفصائل المقاومة الفلسطينية ودورها في مقاومة الاحتلال والصمود الشعبي الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي خلال العدوان على غزة عام 2008-2009، و2012.

المنهج الجديد لطلاب المدارس يربط الشعب الفلسطيني بتاريخه المقاوم ونضاله وجهاده الحالي وخاصة التاريخ الحديث وهو ما عجزت عنه المناهج السابقة بالشكل الذي يليق بالشعب الفلسطيني ونضاله.

للأسف بإلقاء نظرة على منهج التربية الوطنية السابق وفي فصل كامل تحت عنوان القضية الفلسطينية والعملية السلمية، حيث جيش الاحتلال هو الجيش الإسرائيلي وفلسطين التاريخية هي المحتلة عام 1967 والقدس هي القدس الشرقية، وغيرها الكثير، وهو ما أراده الاحتلال وأجبر الرئيس الراحل ياسر عرفات على تغيير المناهج لمحو كل ما يمجد المقاومة ويجرم الاحتلال.

ما يميز المنهج الحالي أنه ركز بشكل أساسي على اغتصاب فلسطين من قبل الاحتلال الإسرائيلي وجرمه ومجد المقاومة الفلسطينية وما زالت هناك حاجة لتعميم التربية الوطنية على كافة المستويات الدراسية لزرع الثقافة الحقيقية التي تتواءم مع تاريخ الشعب الفلسطيني وهي مقاومة الاحتلال لاستعادة الحقوق الوطنية، لنكرر شكرنا للتربية والتعليم على جهدها الوطني في هذا الشأن.