الثلاثاء 13/مايو/2025

الأمم المتحدة وازدواجية المعايير

حسام الدجني
بعد أن أعلن الاحتلال اكتشافه نفقًا يمتد طوله إلى 2.5 كيلو متر، ويصل من خان يونس إلى العين الثالثة داخل فلسطين المحتلة، خرج جيفري فيلتمان نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية بتصريح يكشف سياسة ازدواجية المعايير التي تنتهجها الأمم المتحدة في القضايا المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي، وتحدث فيلتمان خلال اجتماع مجلس الأمن عن التسوية الشرق الأوسطية قائلًا: إن حفر الأنفاق يتناقض هو واتفاق الهدنة، الذي وضع حدًّا للمواجهة بين حماس و(إسرائيل) العام الماضي”.
وأضاف فيلتمان: “ندين بناء هذه الأنفاق التي تعد خرقًا لاتفاقية وقف إطلاق النار، التي توصل إليها في نوفمبر عام 2012م، إذ تستخدم لإنشاء النفق مئات الأطنان من الإسمنت الضروري للأغراض السلمية في غزة، ما يثير أيضًا قلقًا عميقًا”.

اتفاق التهدئة الذي يتحدث عنه فيلتمان وتم برعاية مصرية وبمباركة أمريكية تنص الفقرة (ج) فيه على: فتح المعابر وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع، وعدم تقييد حركة السكان أو استهدافهم في المناطق الحدودية، والتعامل مع إجراءات تنفيذ ذلك بعد ٢٤ ساعة من دخول الاتفاق حيز التنفيذ.

ونذكّر الأمم المتحدة أن الاحتلال لم يلتزم بذلك، وأن عشرات الفلسطينيين سقطوا ما بين قتيل وجريح بعد استهداف قوات الاحتلال لهم، وأن حواجز الاحتلال شبه مغلقة ولا تدخل منها كل الاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة، كما جاء في اتفاق التهدئة، وكان قد أعلن أن الاحتلال سيلتزم بالسماح للصيادين بدخول ستة أميال، وكذلك لم يلتزم بذلك، إذ تتعرض بحريته للصيادين الفلسطينيين كل ليلة بإطلاق النار والمطاردة.

كل ما سبق وما رافقه من شهادات أممية عن الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة، التي كان من أهمها ما تحدث به منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جيمس راولي في أبريل المنصرم بشأن قلقه الشديد من تأثير الإجراءات المقيدة التي فرضها الكيان العبري حديثًا على السكان في قطاع غزة، وحذر راولي من عواقب استمرار هذه المعوقات بما قد تسبب تأثيرًا خطيرًا على سكان القطاع، مشيرًا إلى أن هذه التدابير تؤدي إلى استنزاف المخزون من اللوازم الأساسية، وتقويض سبل العيش وحقوق العديد من العائلات في غزة؛ تلك التصريحات والمواقف من داخل المنظمة الدولية نفسها لا تحرك ساكنًا للضغط على الكيان العبري لوقف انتهاكاته بحق البشر والشجر والحجر في غزة، مع التزام الفصائل الفلسطينية بوقف إطلاق القذائف المحلية على الاحتلال.

ومن هنا إننا ندعو الأمم المتحدة ألا ترى الأشياء بعين واحدة، وأن تتعامل مع القضية الفلسطينية ضمن منطلقاتها ومبادئها السامية، وأن تعمل فورًا على إنقاذ قطاع غزة من كارثة إنسانية متمثلة بوقف محطة توليد الطاقة عن العمل، وما يترتب على ذلك من مخاطر بيئية وصحية وإنسانية، وأن تضغط على الاحتلال للالتزام باتفاق التهدئة، ورفع الحصار الكامل على قطاع غزة، وحينها سيلتزم الفلسطينيون بهذا الاتفاق، ولكن الاحتلال هو من يرفض كل قرارات الشرعية الدولية الخاصة بفلسطين، ويضرب عرض الحائط بالقانون الدولي الإنساني، لذا على الأمم المتحدة وعلى فيلتمان إدانته، ومعاقبته، وتحمل مسئولياتها تجاه اللاجئين القاطنين بغزة؛ حتى يثق الجميع بتلك المؤسسة الأممية، ولكن في حال استمر نهج ازدواجية المعايير إن ذلك من شأنه مزيد من فقدان الثقة بها، وهذا سيضعف تأثيرها في الشارعين العربي والإسلامي.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات