الأحد 11/مايو/2025

الأسير مصعب سرور.. انتظار للمحاكمة واضطراب في العائلة

الأسير مصعب سرور.. انتظار للمحاكمة واضطراب في العائلة

تتجول مريم ابنة العامَين في كل أرجاء المنزل، تبحث عن صورة والدها الأسير في زواياه، لتحدثه بأحاديث طفولتها.. فهي، ومع عمرها الصغير، تعرف والدها وأين هو.. فتحرص، ببراءة طفولتها، أن تبقى على تواصل معه ولو بالخيال وعن طريق الصور التي تمسكها وتتحدث معها.
 
هذا ما قالته أم محمد، زوجة الأسير مصعب سرور من بلدة نعلين قضاء مدينة رام الله عن ابنتها البكر مريم، التي تجسد بعقلها البريء معنى الحب والوفاء للأب المغيب في سجون الاحتلال.
 
الأسير مصعب سرور من مواليد (28-12-1984)، نشأ وتربى في بلدته نعلين التي عرف عنها تصديها ومقاومتها بمسيراتها السلمية ضد الاحتلال الصهيوني وجدار الفصل العنصري.

درس مصعب وأنهى الثانوية العامة ونجح فيها، ثم التحق بجامعة بيرزيت ودرس فيها الرياضيات، وأكمل فيها دراسة الماجستير أيضًا وتخرج منها عام 2011، وعمل مدرسًا، ثم تزوج وأنجب مريم، وعندما اعتقل كانت زوجته تحمل بابنه محمد.

اعتقاله
 اعتقال مصعب ترويه الزوجة لمركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، وتقول: “كنت حاملاً بابني محمد عندما علمت باعتقال زوجي من مدينة رام الله مع مجموعة من الشبان، وذهلت من شدة الخبر، وكان ذلك اليوم بطوله مُرًّا عصيبًا علي لأنني لم أكن أتوقع أنني سأسمع مثل هذا الخبر، وأنا وزوجي ننتظر ولادة محمد”.

وتضيف أم محمد: “لم يكتف الاحتلال باعتقال مصعب نهارًا، فداهمت مجموعة من جنود الاحتلال “الإسرائيليين” منزلنا في نعلين في اليوم ذاته في منتصف الليل، وشنت فيه حملة تفتيش كبيرة وصادرت منه بعض الأجهزة الإلكترونية، وعندها أخذت وبغضب أقول للجنود: ألا يكفي أنكم اعتقلتم مصعب؟.. ماذا تريدون بعد؟.. وبعد التفتيش الرهيب في منزلنا، أذاقنا فيه الاحتلال الرعب والخوف، غادر الجنود المكان، وبقينا نحن نخمن ماذا سيحصل لمصعب في سجنه”.
 
مولود يفتقد أباه
بعد مرور أشهر، جاء محمد، والأب لا يزال في الأسر، يتنقل من سجن لسجن ومن مركز تحقيق لآخر، والمصير غير معلوم.. في ذلك اليوم الذي أنجب فيه محمد، خيمت غيمة من الحزن على العائلة لعدم وجود مصعب بينهم.. بل كان ما يضاعف ألمهم هو عدم التمكن من زيارته والاطمئنان عليه ومعرفة ظروفه الاعتقالية.
 
وعندما أصبح عمر محمد شهرين، تمكنت الزوجة من أخذه للزيارة، وسمح لمصعب بإدخاله إليه واحتضانه.. وهي الدقائق التي لا تنسى في السجن لمصعب وزوجته.. فهو في سجنه والزوجة تنظر إليه وابنهما من بعيد، ولا تملك الدخول ومشاركة زوجها مولودهم الجديد، بل ولا تملك حتى مصافحة زوجها بسبب القيود الصارمة التي يفرضها الاحتلال أثناء الزيارة.. وانتهت الدقائق بسرعة البرق وعاد محمد إلى أحضان أمه وأعيد مصعب إلى سجنه.
 
والآن محمد بلغ من العمر عامًا.. لكنه يعرف والده، وكما تقول والدته إنه وبالرغم من صغر سنه لكنه في الزيارة يبدي تواصلاً مع والده من وراء الزجاج ويبادله الضحكات والإشارات.. وهو أمر رفع من معنويات والده كثيرًا في سجنه.
 
محاكمة لا تنتهي
وتشير أم محمد، إلى أن المحكمة الصهيونية، التي عقدت لزوجها عشرات المرات، طلبت لزوجها بالسجن 36 شهرًا بتهمة الانتماء إلى حركة حماس، والمشاركة في بعض الأنشطة الفاعلة فيها، إلا أن الحكم لم يثبت بعد، آملة بأن يخفض وأن يخرج لهم سالمًا.
 
وتؤكد أم محمد، أن زيارتها لزوجها ممنوعة منذ اعتقاله، بسبب حيازتها لما يسمى بتصريح أمني (أي تتم الزيارة للأسير فيه كل 6-7 أشهر فقط لمن يحمل هذا التصريح).
 
أما والدا مصعب، فيقومان بزيارته والاطمئنان عليه كلما حصلا على تصريح أمني، ويصطحبان معهما مريم ومحمد لرؤية أبيهما، ورغم المشقة والصعوبات الشديدة أثناء الزيارة، إلا أن ذلك اليوم وتلك الزيارة يكونان عربون طمأنينة لهما تجاه ابنهما.
 
والأسير مصعب سرور، وكما تقول زوجته، تحمل ظروف الاعتقال، وأبدى شجاعة وصبرًا في مقاومة التحقيق وأساليب الاحتلال في انتزاع المعلومات، فهو أسير سابق اعتقل عام 2006 لمدة 10 أشهر تعرض فيها لفترة تحقيق طويلة، وتعرقلت دراسته الجامعية بسببها، والآن يعيش تكرارًا لتلك الظروف في سجنه وينتظر المصير.
 
ويشير فؤاد الخفش مدير مركز أحرار، إلى قصة وقضية الأسير سرور والكثير من الأسرى الذين يعيشون حالة طول الانتظار قبل أن يحاكموا، وهي فترة تخلق جوًّا من الاضطراب النفسي للأسير وعائلته أيضًا، وتبقي الأسير في حالة من اللا استقرار والتخبط في سجنه، فهو يقبع مع أسرى محكومين، بينما حكمه غير واضح، وهو ما يعد انتهاكًا لهؤلاء الأسرى الذين يتم اعتقالهم واحتجازهم لفترات طويلة دون تحديد مدة الحكم لهم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات