بعد 20 عاما… ماذا جنى الفلسطينيون من أوسلو؟!

عشرون عاما مضت على توقيع “اتفاق المبادئ” بين منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة حركة فتح وبين الاحتلال الصهيوني برعاية أمريكية واحتضان عربي في العاصمة النرويجية، عرف بـ “اتفاق أوسلو”، لم يجن الفلسطينيون منه سوى خيبة الآمال التي حاول صانعوه أن ينعشوها في قلوب الشعب الفلسطيني لحظة توقيعه.
اللقاء “الحميم والبروتكولي” الذي تم بين ياسر عرفات وإسحق رابين الذي صاحب توقيع الاتفاق في البيت الأبيض الأمريكي بتاريخ (13 أيلول/ سبتمبر 1993)، أعلن عنه “اتفاق مرحلي” ينتهي في عام 1999م، يمهد الطريق لإقامة دولة فلسطينية على أساس “حل الدولتين”.
لكن ساسة الاحتلال حولوه إلى حل دائم، وتم استثماره لتمرير مخططهم الهادف لاستكمال تهويد الأرض، والحيلولة دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وبقي الفلسطينيون يعيشون الأمل على أوهام “أوسلو”، أملا منهم في إقامة الدولة.
“أوسلو” تفريط بحق العودة والأسرى
الحاج محمد رصرص (94 عاما)، يقطن في بيت متواضع في مخيم الفوار للاجئين الفلسطينيين جنوب مدينة الخليل، يستذكر معاناته بعد الأمل الذي عاشه بعد اتفاق أوسلو، فيقول: “كنا من الرافضين لأوسلو، لأنه ببساطة تجاوزٌ لحق اللاجئين بالعودة، وبعد عشرين عاما على أوسلو ما زلت أعيش في المخيم وعلى كرت التموين والوكالة، نعم عشرون عاما ولم يعد لي من وقع أوسلو واعترف بـ “إسرائيل” أرضي التي طردت منها.. عشرون عاما ونحن مضحوك علينا..”.
وأضاف في حديثه لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”، “في كل مناسبة من عمر أوسلو نعيش المأساة، نستذكر حق العودة ونستذكر الكوشان وطابو الأرض ونحلم بالعودة والدولة المستقلة، لكن يا بني، إحنا انضحك علينا، وللأسف إحنا بنتقن فن تحويل الهزائم إلى انتصارات”.
90 أسيرًا ما زالوا إلى اللحظة يعيشون منذ أكثر من 20 عاما، أمل الإفراج والتحرير بعد أن تجاوزهم من وقع أوسلو ولم يطالب بهم مهندسوه، وما زالت عائلاتهم تعيش المحنة ولوعة الفراق والمأساة حتى اللحظة.
ومن بينهم عائلة الأسير ناجح محمد بدوى مقبل (53 عامًا)، من مخيم العروب لللاجئين الفلسطينيين شمال الخليل المحتلة، التي تعيش أمل الإفراج عن ابنها الوحيد بعد الوعود التي أطلقها رئيس السلطة عباس بعد جولة المفاوضات الجديدة، التي انطلقت في منتصف أغسطس من العام الجاري.
وتقول مريم جوابرة والدة المعتقل “مقبل”: ابني هو الوحيد من الذكور وله أربع أخوات، مات والده وهو داخل السجن، واعتقل بتاريخ (10ـ7ـ1990م) في مدينة القدس، وأتمنى أن يفي السيد عباس بوعده ويفرج عنه لأحتضنه قبل أن أموت.
وتضيف “قلبي يتقطع على حاله، فابني منذ 23 سنة موجود داخل السجن، وأنا محرومة من احتضانه، كان من المفروض أن يُصر أبو عمار على الإفراج عن ابني وزملائه، قبل التوقيع على أوسلو، خصوصا وأن ابني هو من شباب فتح”.
إقامة الدولة الفلسطينية:
بعد مرور 20 عاما على “أوسلو”، استثمرت سلطات الاحتلال الوضع وغيرت الوقائع على الأرض لتصبح أمرا واقعا؛ فازداد النشاط الاستيطاني وأقيم الجدار العازل “جدار الفصل العنصري”، وأصبحت فرص إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران من عام 1967م شبه مستحيلة.
ويعلق الحاج زياد مخامرة (60 عام)،لمراسلنا -والذي يعيش في خربة “بئر العد” في منطقة المسافر شرق يطا- على الوضع بعد “أوسلو”، فيقول: “بعد “أوسلو” أصبحنا مستأجرين للأرض بعد أن كنا مُلاكهَا؛ فنحن لا نستطيع البناء فيها، بالرغم من ملكيتنا لأرضنا، ونحن مُخْطَرُون بالترحيل والتهجير عنها، لاستخدامها لصالح الجيش الذي يتمدد على حساب الحق الفلسطيني الذي طوي بالنسيان بعد “أوسلو”.
ويضيف : “أوسلو” أكبر خطيئة في تاريخ القضية الفلسطينية، بعد “وعد بلفور” فقد تم بناء مئات المستوطنات وأقيم الجدار ومُزقت المحافظات عن بعضها بمعابر أشبه بالمعابر المقامة بين الدول “. ويتابع.. ” ليس هذا فحسب، بل اعترفنا بدولة الاحتلال وبحقها في الوجود ولم يعترفوا هم بالمقابل بحقنا في الحياة وإقامة دولتنا المستقلة”.
ورغم المعارضة الشديدة التي أبدتها غالبية الفصائل الفلسطينية وقطاعات عريضة من مكونات الشعب الفلسطيني عقب توقيع وإبرام اتفاق “أوسلو”، إلا أن حركة فتح دافعت عن موقفها، واعتبرته حينها أنه إنجاز وطني، ورأت أن ما عجزت بندقيتها من تحقيقه فإنه من الإمكان أن يحقق بالصلح والتفاوض، وهو ما ثبت عكسه على مدار سني توقيع أوسلو.
حيث وجد الفلسطينيون أنفسهم الخاسر الوحيد ضمن اللعبة الدولية، لأنهم الطرف الأضعف، ويبقى الرهان الوحيد على المقاومة التي حررت القطاع، على أنها الطريق الوحيد الذي أثبت شجاعته وحقق ما عجز عنه المفاوض الفلسطيني على مدار أكثر من عشرين عاما.
واليوم وبعد الفشل الذريع الذي عانى به الفلسطينيون من “أوسلو” وما تبعه من مفاوضات، لم تحقق للفلسطينيين سوى مزيدا من تراجع القضية في الاهتمام العالمي والعربي، تعود إلى الواجهة مفاوضات جديدة بين حركة فتح ودولة الاحتلال وبرعاية أمريكية، وكأن الواقع يعيد نفسه مع إقرار الطرفين بفشل المفاوضات قبل أن تنتهي .
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

المبادر المتخابر في قبضة أمن المقاومة والحارس تكشف تفاصيل
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشفت مصادر أمنية اعترافات عميل تخابر مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء "مبادر مجتمعي"، لجمع معلومات حول المقاومة...

6 شهداء وعشرات الجرحى والمفقودين بقصف محيط المستشفى الأوروبي بخانيونس
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام ارتقى 6 شهداء على الأقل، وأصيب عدد كبير بجراح مختلفة، فيما فُقد عدد من المواطنين تحت الركام، إثر شن طائرات الاحتلال...

حماس: قرار الاحتلال بشأن أراضي الضفة خطوة خطيرة ضمن مشروع التهجير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إنّ قرار الاحتلال الإسرائيلي إعادة تفعيل ما يُسمّى “عملية تسجيل ملكية الأراضي...

علماء فلسطين: محاولة ذبح قربان في الأقصى انتهاك خطير لقدسية المسجد
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام اعتبرت "هيئة علماء فلسطين"، محاولة مستوطنين إسرائيليين، أمس الاثنين، "ذبح قربان" في المسجد الأقصى بمدينة القدس...

حماس: إعدام السلطة لمسن فلسطيني انحدار خطير وتماه مع الاحتلال
جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الجريمة التي ارتكبتها أجهزة أمن السلطة في مدينة جنين، والتي أسفرت عن استشهاد...

تعزيزًا للاستيطان.. قانون إسرائيلي يتيح شراء أراضٍ بالضفة
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام تناقش سلطات الاحتلال الإسرائيلي في "الكنيست"، اليوم الثلاثاء، مشروع قانون يهدف إلى السماح للمستوطنين بشراء...

أطباء بلا حدود: إسرائيل تحول غزة مقبرة للفلسطينيين ومن يحاول مساعدتهم
المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت منظمة أطباء بلا حدود من تحوّل قطاع غزة إلى مقبرة جماعية للفلسطينيين ولمن يحاول تقديم المساعدة لهم. وقالت المنظمة في...