الثلاثاء 13/مايو/2025

المفاوضات مع نتنياهو: خطوة للأمام وثلاث للخلف

المفاوضات مع نتنياهو: خطوة للأمام وثلاث للخلف

لم يتغير الكثير في مسيرة السلام الاسرائيلية الفلسطينية منذ اشتغل بها المبعوث الاميركي مارتن اينديك إذ كان مسؤولا رفيع المستوى في ادارة كلينتون في تسعينيات القرن الماضي. فقد كانت موضوعات التباحث متشابهة وبقيت الفروق عميقة كما كانت، بل بقي أكثر اللاعبين في الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني في الملعب. لكن أصبح يوجد في 2013 تويتر بخلاف ما كان في تلك السنوات.

قبل ان يستقل اينديك الرحلة الاولى الى اسرائيل منذ تعيينه لمنصبه بوقت قصير، أرسل تغريدة من حساب التويتر خاصته. “أقلع من نيويورك الى اسرائيل في اول رحلة في مهمتنا السلمية”، كتب. “وقد تمنى لي ضابط الجمارك في نيوجرسي النجاح”.

لم تمر ساعات كثيرة منذ هبط اينديك في مطار بن غوريون الى ان تبين له على جلده أنه لم يتغير شيء. فما زالت العجلة المتعثرة لا تسير في الصعود. وقد بدأت حتى قبل اللقاء في القدس في يوم الاربعاء لعبة الاتهامات وأصبح الطرفان يتبادلان الضربات الكلامية ويرسلان رسائل ويهددان بأزمة. وبرغم ذلك حاول الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومع وزيرة القضاء تسيبي ليفني ومع رئيس الدولة شمعون بيرس أن يوحي بالتفاؤل. لكن سيكون لقاء اينديك المهم حقا مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وقد كان يفترض ان يلتقي الاثنان اليوم لكن الآلام التي عاناها نتنياهو الذي يتماثل من جراحة، يبدو أنها ستؤخر اللقاء الى ايام تالية هذا الاسبوع.

يحتاج اينديك الى هذا اللقاء مع نتنياهو كي ينظف الطاولة من التوترات التي كانت بينهما في الماضي ولفتح صفحة جديدة، والى ذلك يجب على اينديك ان يحاول ان يفهم أين يوجد نتنياهو – وبأي قدر توجد عنده رغبة حقيقية في التقدم، وهل الحديث فقط عن حيل تكتيكية لازالة الضغط الدولي، أو بعبارة اخرى هل اجتاز نتنياهو الروبيكون حقا.

يعتقد مسؤول اسرائيلي كبير مقرب من نتنياهو والعاملين معه ان نتنياهو لم يجتز النهر الى الآن. فقد دخل الماء من جهة وبدأ يسير الى الضفة الثانية، لكنه ينظر كل بضع ثوان الى الوراء ومع كل خطوة الى الأمام يدع التيار يرجعه ثلاث خطوات الى الخلف.

على سبيل المثال توصل نتنياهو الى تفاهمات مع الاميركيين على بناء 1200 وحدة سكنية جديدة فقط في الكتل الاستيطانية وفي القدس في اثناء التفاوض. لكن تم فجأة الدفع قدما بخطة اخرى لبناء مئات الوحدات السكنية في مستوطنات متفرقة. وأجاز نتنياهو في شجاعة قرارا في الحكومة على الافراج عن 104 سجناء فلسطينيين ثم خشي الانتقاد وأعلن بخلاف ما تم الاتفاق عليه أنه سيطلب ان يطرد عدد من السجناء الى غزة أو الى الخارج.

لكن الأكثر سخافة هو الرسالة التي أعلن ديوانه أنه أرسلها الى وزير الخارجية جون كيري في نهاية الاسبوع في حين كان يعاني آلاما شديدة اقتضت جراحة عاجلة لفتق في بطنه. وفي الرسالة سحب نتنياهو ورقة الجوكر الثابتة التي تتعلق بالتحريض الفلسطيني. ولكي يزعم نتنياهو ان الفلسطينيين لا يريدون سلاما بالغ حتى بلغت الى كلمات أغنية المغني في لعبة كرة القدم بين برشلونة ومنتخب فلسطين في كرة القدم. اذا كان نتنياهو يزور استاد تيدي بين الفينة والاخرى فسيتبين له أن مشجعي بيتار يفضلون صيحات الموت للعرب على “أغنية للسلام”.

يزعم ناس يتحدثون الى نتنياهو ان سلوكه وتردده وتعوجه تنبع من عدم ثقته بعباس. ويقولون ان نتنياهو مستعد لاجتياز النهر لكنه يريد ان يعلم ان عباس سيفعل الشيء نفسه. وهو يخشى انه في الوقت الذي سيقفز فيه الى الماء الطاغي المملوء بدوامات سياسية في الأساس، سيبقى عباس على الضفة ويدعه يغرق وحده.

اذا كان نتنياهو يريد ان ينظر اليه الاميركيون والفلسطينيون والجمهور الاسرائيلي أكثر من الجميع بجدية فيجب أن يدع وراءه التكتيكات القديمة وان يترك الحماسة والحيل الدعائية وحيل الاعلام الجوفاء وألعاب الاتهامات وأن يدخل محادثات السلام دون نظر الى الخلف.

هآرتس، 11/9/2013

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات