الكيان الصهيوني والقرار الأوروبي: الاعتراف بحدود الـ67 أو خسارة المليارات

برغم ردة الفعل الأولية الإسرائيلية على «البند الإقليمي» في القرار الأوروبي بخصوص المستوطنات في الضفة الغربية، فإن حكومة بنيامين نتنياهو تقف الآن أمام معضلة. وتتلخص المعضلة في أن القبول بالقرار الأوروبي يعني فعلياً الاعتراف بخطوط حزيران العام 1967، وأن المستوطنات موجودة خارج الدولة العبرية، في حين أن رفضه يعني خسارة مليارات من الدعم فضلاً عن تضرر المكانة السياسية.

ووجد مجلس الأمن القومي الإسرائيلي نفسه في اليومين الأخيرين يدير نقاشاً موسعاً حول القرار وسبل التعاطي معه. وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن القلق انتقل من المستوى السياسي إلى المستوى الأكاديمي والعلمي، وخصوصاً بشأن مشروع الأبحاث العلمية الأوروبي الهائل والمسمى «هورايزن 2020». وأشارت «يديعوت» إلى أن نائب رئيس الجامعة العبرية في القدس البروفيسور شاي اركين قلق من القرار الذي ستتخذه الحكومة الإسرائيلية بشأن هذا المشروع.

ويؤكد أركين أنه «اذا لم ننضم إلى المشروع فإن الدولة ستصبح قرية نائية لا صلة لها»، مضيفاً أن «الشركات الاسرائيلية ستغلق ابواب الاسواق الاوروبية في وجهها، وسيتم تسريح العاملين وسنخسر أموالا كثيراً، ولن نتمكن من استخدام البنية التحتية العلمية، وسنبعد عن مشروع محفز الجزيئيات في سيرن في سويسرا».

ومعروف أن «هورايزن 2020» هو مشروع بحث وتحديث للاتحاد الاوروبي ويمتد بين العامين 2014 و2020، واسرائيل هي الدولة غير الاوروبية الوحيدة التي نالت حق المشاركة فيها.

واذا انضمت اسرائيل عملياً إلى المشروع فسيتعين عليها تحويل 600 مليون يورو الى الاتحاد الاوروبي في السنوات السبع المقبلة، لكنها ستحصل في المقابل على حوالي مليار يورو ستحول الى هيئات بحث اسرائيلية عبر التمويل والمنح للمشاريع في مجالات تكنولوجية عديدة. وعملياً ستسترد إسرائيل على كل بحث تنقله الى المشروع حوالي يورو ونصف.

وفي أعقاب التعليمات الجديدة التي أصدرها الاتحاد الاوروبي والقاضية بعدم التعاون مع هيئات بحثية اسرائيلية تعمل خلف الخط الاخضر، فإن نتنياهو يعيش هذه الايام في معضلة كبرى: اذا انضمت اسرائيل الى الخطة فانها ستقبل على نفسها البند الإقليمي الذي معناه الاعتراف بحدود العام 67.

ويتخذ وزير الاقتصاد نفتالي بينيت ونائب وزير الخارجية زئيف الكين موقفاً صقرياً يقضي بتحويل اسرائيل الـ600 مليون يورو مباشرة الى هيئات البحث الاسرائيلية بدلاً من تحويلها الى الاتحاد الاوروبي. أما وزير العلوم يعقوب بيري فيحث نتنياهو على الدخول في مفاوضات مكثفة مع الاتحاد الاوروبي لايجاد حل ابداعي.

ونشرت «يديعوت» فحوى رسالة بعث بها بيري لنتنياهو يحذر فيها من عواقب مقاطعة المشروع الأوروبي. وجاء في الرسالة أن «الضرر المالي المباشر الناجم عن عدم انضمام إسرائيل إلى هورايزن 2020 سيصل إلى 30 في المئة من ميزانية الأبحاث في دولة إسرائيل».

وأضاف أنه «لا يمكن حساب الضرر غير المباشر الذي قد يصيب هذه المؤسسات أو الدولة مع مرور الوقت. وفضلاً عن ذلك، ثمة خشية من عدم وصول خبرات تكنولوجية إلى الشركات الإسرائيلية». وطلب بيري من نتنياهو أن يمتنع الوزراء من إطلاق أي تصريحات بشأن القرار الأوروبي لأنها قد تمنع الحكومة من بلورة حلول عملية و«حكيمة» للوضع.

وتجدر الإشارة إلى أن إدارة التعاون الإسرائيلي الأوروبي (ISERD) أوضحت في تقريرها للعام الحالي أن المشاريع الراهنة للتعاون العلمي تلقت من الاتحاد الأوروبي منحة أبحاث بقيمة 698 مليون يورو، بينما دفعت إسرائيل 535 مليون يورو، ما يعني أن مكسب الاقتصاد الإسرائيلي المباشر بلغ 163 مليون يورو، في حين بلغ الربح غير المباشر 28 ضعف المبلغ.

ويبين التقرير أن عدم الانضمام إلى المشروع الأوروبي سيكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسارة غير مباشرة بقيمة 185 مليارات يورو. ويقول البروفيسور أركين إن إسرائيل ما كان بوسعها تطوير أدوية وخضروات لو أن الأمر كان قصراً على السوق الإسرائيلية الصغيرة.

يديعوت أحرونوت، 3/9/2013