إصرار على البقاء، والتصاق بالأرض التي عاشوا عليها منذ القدم، حكاية صمود يعيشها سكان قرى “مَسافر” شرق يطا التي يهددها الاحتلال بالهدم والمصادرة وترحيل أهلها، مستخدما لعبة القضاء المنحاز لأطماع المؤسسة الصهيونية، ومستعينا بعربدة وبلطجة مستوطنيه الذين يعيثون في الأرض خرابا.

ثماني قرى فلسطينية هي (الفخيت، والحلاوة، والمركز، وجنبا، وخروبة، ومجاز، والتبانة، وصفي)، تقع داخل حدود عام 1967، وهي من أراضي مدينة يطا الواقعة أقصى جنوب مدينة الخليل بالضفة المحتلة، صدر بحقها في أغسطس من العام 2012 قرار من وزير حرب العدو الصهيوني إيهود باراك يقضي بإخلاء أراضي هذه القرى وترحيل سكانها، وذلك من أجل استخدامها “لأغراض عسكرية”.

حرب تستهدف السكان

الحاج زياد محمد يونس مخامرة (61 عاما) قال لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”: “مسافر يطا” مساحتها شاسعة تمتد على أكثر من 60 ألف دونم، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 10000 نسمة، ويعيش جميع سكانها من تربية المواشي وزراعة الأراضي والعمل في أراضي فلسطين المحتلة.

وأضاف أبو طارق إن أراضي المسافر تتعرض لعملية ممنهجة وتطهير عرقي وحرب بمعنى الكلمة، وذلك من خلال المخططات الصهيونية المتتابعة التي تستهدف طردنا من أرضنا وإجبارنا على الرحيل، من أجل التمدد الاستيطاني وإقامة المزيد من البؤر الاستيطانية على قمم التلال التي تميز غالبية أراضي المسافر.

ولفت، أن الاحتلال يعمد إلى استخدام القوة المفرطة والسلاح من أجل تنفيذ مخططاته الاغتصابية، متجاوزا بذلك كل القوانين العالمية.

إصرار على البقاء

بدوره يقول الحاج إبراهيم حامد الحمامدة “نحن نتحدى قرار الاحتلال القاضي بطردنا وهدم خيامنا وكهوفنا؛ فقبل أسبوعين تحدينا مخططات الاحتلال وافتتحنا أربعة صفوف مدرسية في خربة المجاز، بالتعاون مع أهالي الخرب القريبة منا وألحقناها بمدرسة المسافر الأساسية المختلطة”.

وأضاف “نحن نبني والاحتلال يهدم؛ ففي كل يوم لنا قصة مع الاحتلال، وفي كل يوم لنا مواجهة مع المستوطنين، فالاحتلال يوميا يعطينا قرارات بالهدم والإخطار والمصادرة للمنازل والعرش والآبار الارتوازية، وكل يوم تقتحم كهوفنا وعرشنا ويخلط السكر بالملح والزيت بالسمن والحليب بتراب الأرض، ويحدد لنا مساحة الأراضي المخصصة لرعي الأغنام!”.

ويتابع “نستيقظ على أصوات أزيز الرصاص وصوت القنابل الصوتية ورائحة الغاز، نعم نصحو على أصوات الطائرات التي تنزل الجنود بين منازلنا من أجل التدريب غير آبهين بنا وبأطفالنا وغير آبهين بوجودنا، آدميتنا لا وجود لها في قاموس الاحتلال”.

وأوضح “يريدون منا أن نرحل … لا لن نرحل؛ فأنا مصاب بسرطان العظم، وبالرغم من ذلك لن أرحل إلى المدينة لأعيش في بيت مفروش وعلى سرير مريح، سأبقى صامدا لأزرع في أبنائي حب الوطن، وأن الأرض هي العرض، ولا يستطيع أحد أن يفرط بعرضه”.

وختم بقوله “سأموت هنا وأدفن على تراب أرضي ولن أخون أجدادي الذين سلموني طابو الأرض ومفتاح العريشة، ولن نعيد النكبة والنكسة مرة أخرى …”.

رفض الالتماس 

واستمرارا لقرار المصادرة والترحيل وطرد السكان؛ فقد رفضت محكمة الاحتلال بالقدس المحتلة الالتماس الذي قدمه، أهالي مسافر يطا في الثالث من سبتمبر من العام الجاري (2013)، والقاضي بإبطال قرار جيش الاحتلال الصهيوني، بمصادرة وهدم وإخلاء القرى لاستخدامها لأغراض الجيش المتعلقة بالتدريب العسكري.

فقد ردت المحكمة الالتماس الذي قدمه محامي أهالي القرى المهددة بالمصادرة والمخطرة بالرحيل ورفضته، غير أن رئيس المحكمة العليا الصهيونية، اقترح على الأهالي اختيار قاضٍ متقاعد، للوساطة بينهم وبين النيابة للتوصل لحل حول الالتماس، بوقف قرار وزير الجيش السابق إيهود براك بمصادرة وإخلاء القرى الثماني.

إلا أن النيابة العامة العسكرية رفضت بشدة مقترح رئيس المحكمة وأصرت على تنفيذ القرار، لأنه وحسب ادعائها أن إلغاء أمر الإخلاء يعني أن القوات التي تتدرب في المنطقة ستضطر إلى التدرب في مكان بعيد الأمر الذي سيكلف أموالا ووقتا.

وأكد الأهالي إنهم مصرون على البقاء في أراضيهم وقرارهم والمناضلة حتى النفس الأخير لإبطال قرار النيابة والجيش. جدير بالذكر ان المحكمة الصهيونية أمهلت الأهالي والنيابة العسكرية للتوصل لحل يرضي الطرفين، وإلا؛ فإنها ستعقد في الـ 7-10-2013م، جلسة ختامية للبت في مستقبل القرى الثماني.