الثلاثاء 13/مايو/2025

ما وراء اشتداد القبضة الأمنية!

لمى خاطر
لم تكن الزيادة في وتيرة الانتهاكات الأمنية في الضفة الغربية مجرد ردّة فعل أعقبت حالة الابتهاج بالانقلاب الذي جرى في مصر، إنما ما زالت تؤكد مع تصاعدها على نية قيادة السلطة استنساخ تجربة القمع من جديد، وإحكام قبضتها الأمنية، ولكن في توقيت خاطئ، حيث حالة الاحتقان بلغت درجة عالية لدى الشارع الفلسطيني، وهي حالة يبدو أن رؤيتها لم تتح بعد لقيادة السلطة!

ولعلّ جريمة قتل الشاب أيمن عودة في مخيم عسكر أول أمس تشير إلى فقدان الثقة بالمؤسسة الأمنية حتى لدى بعض قواعد حركة فتح، فيما لا تبالي الأولى بخطورة مثل هذه الإجراءات وبما يمكن أن تفرّخه من بؤر متوترة، وقابلة للانفجار الشامل في أية لحظة.

ومع ذلك، لا زالت العقلية الأمنية مهيمنة على وعي قيادة السلطة في رام الله، أي الاعتقاد بأن الحلّ الأمني يمكن استخدامه في كل زمان ومكان، ولمعالجة أية إشكالية ميدانية أو سياسية، وآخرها مظاهرة رام الله أمس والتي حملت عنوان: (دماء شهدائنا ليست رخيصة).

وإن كان العامان الأخيران قد شهدا انفراجاً نسبياً في موضوع الحريّات في الضفة الغربية، مع تراجع في وتيرة الاعتقال السياسي، إلا أن ثمة (مكتسباً) تخشى قيادة السلطة من التضحية به في الوقت الراهن، وهو مسار التفاوض الذي نراها تحرص على إنجاحه وإدامته بغض النظر عن موقف الاحتلال وانتهاكاته الميدانية اليومية، وبغض النظر عن حالة الرفض الواسعة لهذا المسار في صفوف الفلسطينيين.

والحفاظ على هذا المسار يتطلب منها بالضرورة التوسّع في مساحة القمع، والتضييق على الحريات وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير وانتقاد السلطة، لأن المطلوب تمرير الحل القادم دون معيقات، وفي ظلّ أصوات رفض خافتة، ومع محاولة لتعزيز القناعة في صفوف العامة بأن ثمن الاحتجاج كبير وضريبة الرفض غالية، وهي وصفة تنتهجها كل المؤسسات الأمنية العربية ذات الخصومة مع شعوبها.

الغريب هنا، أن قيادة السلطة باتت غير مبالية بحفظ خطّ رجعة لنفسها، مع تيقّنها بحتمية فشل مسار التفاوض، وأن كل ما يمكن أن يفضي له هو إدامة عمر السلطة سنوات إضافية، وهي إضافة لذلك تبدو مطمئنة إلى أنه ما من مفاجآت مرحلية قد تغيّر المشهد بالكامل، وقد تكون بانتظار الشرارة فقط، ولذلك هناك حالة لامبالاة واضحة بتبعات مشهد القمع المتنامي للتحركات الشعبية في الضفة، وبتلك القيود المفروضة على الحرّيات، رغم أن حركة فتح؛ وجودها ومستقبلها ومصيرها الوطني، ستكون أول من يدفع ثمن هذه المرحلة إذا ما أفضت إلى أي تحوّل قريب!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات