الإثنين 12/مايو/2025

سباق في مضمار المجازر!

لمى خاطر

أغلب الظن أن النظام السوري حين نفّذ مجزرته بالغاز الكيماوي على مناطق الغوطة في دمشق صباح أمس لم يتوقّع سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا، ليس لأن حدة إجرامه أخف وطأة من احتمال قتل نحو ألف ضحية في يوم واحد، بل لأنه أراد استغلال فرصة وجود لجنة تحقيق دولية على أراضيه لاتهام المجموعات المسلحة باستخدام الغازات السامة!

هناك من يظنّ أن في هذا النظام بقية من عقل سوي، فيرى أنه لا يمكنه أن ينفذ مجزرة بالغازات في ظل وجود اللجنة، رغم أن النظام قد يكون ارتكب المجزرة لهذا الهدف تحديد، أي لكي يخرج من يقول إن تنفيذ المجزرة الآن ينافي المنطق ولا يخدم النظام؟!

ولكن منذ متى اهتم النظامّ السوري بما يخدمه إعلاميا؟ ما دام مطمئنا لاصطفاف قوى كبرى إلى جانبه وهي ستمنع انهياره مهما كلفها الأمر، لأنها تسانده بالفعل لا بالكلام، وفي ظلّ تأكّده من أن أية قوة أخرى لن تتحرك لوقف مجازره أو حتى التقليل منها. فأكثر من عامين على بدء المجازر كافية جداً لطمأنة النظام إلى أن في حوزته شكاً مفتوحاً يمكنه ملؤه بالقدر الذي يريد من أعداد الضحايا!

الأمر ذاته يمكن أن ينسحب على مصر، التي مضى أسبوع على المجزرة المروعة فيها بحق معتصمي رابعة والنهضة، ثم ها هي الأيام تمضي وكأن شيئاً لم يكن، وكأن آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين مروا في فيلم سينمائي طويل، ما لبث أن انتهى!

لقد كان واضحاً أن نظام الانقلاب في مصر يسير على خطى النظام السوري في منهجيته، إن على مستوى التوسّع في القتل وانتهاك أبسط حقوق البشر، أو على صعيد الخطاب الإعلامي المغرق في فجوره وإفكه، أو ما يتعلّق بإدارة الظهر لكل العالم ولكل وسائل الإعلام التي تكشف الانتهاكات، ومعها منظمات حقوق الإنسان وما توثّقه من جرائم!

ثم ها هو النظام السوري يستفيد من منهجية (شقيقه) المصري، في التجرؤ على ما كان يراه آخرون من المحرّمات التي يصعب الإقدام عليها، وها نحن نشهد تسابقاً في جنون القتل والتصفية، وكأن المطلوب حسم الأمر في كلا البلدين بأسرع وقت وأكثر الخسائر البشرية، مع رسالة لعامة الشعوب تقول إن ثوراتكم مشروع خاسر، وإن خيارات العرب محصورة بين حكم الاستبداد، أو الفوضى والدم. أما الحرية والكرامة فدربهما ضائع ولا سبيل للاهتداء إليه!

لكن قانون الطغاة لن يصمد أمام قانون السنة الإلهية، والتحول التاريخي، حتى لو بدا أنه أخذ وقتاً أطول من اللازم، واستنفذ كل سبل إجرامه. لأن هناك في المقابل ضرورات لتمحيص صفوف من يتصدّرون مشهد مواجهته، ويجتهدون في تحصيل حرية خالصة، لا مجتزأة ولا خدّاعة!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات