الثلاثاء 13/مايو/2025

محنة الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت

د. أيمن أبو ناهية
يأتي إعلان الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت بدء اعتصام مفتوح داخل حرم الجامعة، وخوض إضراب عن الطعام، في ظل حملة الاعتقالات السياسية التي تشنها أجهزة أمن السلطة التي رفضت الإفراج عن قيادات الكتلة بالجامعة، إضافة إلى نقضها التعهدات التي قطعتها خلال المدة السابقة بوساطة لجنة الحريات، وتدور حول عدم التعرض لطلبة الكتلة الإسلامية، واعتقالهم على خلفية النشاط الطلابي داخل الجامعة.

إن التفاف الأجهزة الأمنية على التعهدات التي قطعتها على نفسها بعدم التدخل في شؤون الجامعة يعني عودة الأمور إلى سابق عهدها، وهذا يدل على أن الملف الأمني لم يغلق إلى اللحظة، والاعتقالات السياسية تسير على قدم وساق عملًا باتفاقية التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال، وإخلاصًا لها.

هذه ليست المرة الأولى التي يهين فيها أمن السلطة الكتلة الإسلامية ويعتدي عليها، فقد سبق أن احتجت الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت، واعتصمت في مقر الحرم الجامعي مرات عديدة، وخاضت إضرابات عن الطعام؛ احتجاجًا على سياسة تكميم الأفواه، والاعتقالات السياسية والاستدعاءات، التي تتبعها الأجهزة الأمنية في الضفة، وتدخلها المستفز في شؤون الجامعة والطلاب على مدار السنوات الخمس الماضية ولم تتوقف.

فبماذا تترجم الهجمة الجديدة من قبل الأجهزة الأمنية على الكتلة في بيرزيت، بعد أن التزمت السلطة وأجهزتها الأمنية بعدم ملاحقتها والاعتداء عليها، وعدم التدخل في شؤون الجامعة، وإغلاق ملف الاعتقال السياسي؛ حتى لا تتكرر المأساة مرة أخرى؟!، وهنا لابد من التوقف مع مجموعة من الأسئلة التي بحاجة إلى إجابة شافية: لماذا تختار الأجهزة الأمنية هذا التوقيت بالتحديد من كل عام لشن حملاتها على طلاب الجامعة؟، هل هي حقًّا لدواعٍ أمنية كما تدعي؟، أم للتضييق على الكتلة في ممارسة حقها في النشاط الطلابي وإضعافها في الانتخابات؟، أم هي لتعطيل الحياة الدراسية فيها؟، وهل أصبحت الكتلة والطلاب والجامعات الشغل الشاغل للأجهزة الأمنية التي تفرض عضلاتها عليهم بين الفينة والأخرى لتختبر قوتها وسطوتها؛ كي تبرهن على كفاءتها وتثبت مهاراتها وجدارتها لزملائها الإسرائيليين في دائرة التنسيق الأمني؟، أم تريد السلطة بالقوة إثبات أن الضفة كسنغافورة عبارة عن واحة من الهدوء والأمان والاستقرار؛ كي يحلو للمستوطنين العيش فيها بسلام وأمان؟، وإلا لماذا تريد من الاحتلال تزويدها بأسلحة جديدة؟، أم أن حملات الاعتقال ما هي إلا خطوة على طريق تعميق شرخ الانقسام والتهرب من المصالحة؟، فلو أن السلطة صادقة القصد تجاه تحقيق المصالحة لأوقفت كل أشكال التنسيق الأمني، وأعطت الطلاب الحرية في ممارسة حياتهم التعليمية العادية في مواسم الانتخابات وغير الانتخابات.

أعتقد أن حملة تطهير للعنصر “الحمساوي” في بيرزيت لوأده من الجامعة وملاحقته خارجها لم تأتِ أكلها، وقد ثبت عكس نظرية “قص العشب قبل أن يصبح شوكًا جارحًا” في العام الماضي، بل إن الكتلة الإسلامية اشتد عودها وقويت شوكتها، ولا يستطيع أحد قلعها من جذورها الممتدة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات