كيف تعامل الكيان الصهيوني مع الانقلاب في مصر؟

قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن عودة الجيش للمشهد السياسي خبر سار لـ»إسرائيل»، مشيرة إلى أن المستفيد الأول من عدم الاستقرار في مصر هي «إسرائيل»، وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن مبعوثا إسرائيليًّا يقوم بزيارة مصر حاليا عقب الإعلان عن الانقلاب العسكري على الشرعية المتمثلة في د. محمد مرسي لإجراء مباحثات أمنية مع قادة الجيش. وتوقعت الصحيفة أن تكون العلاقات أفضل بين مصر و»إسرائيل» عقب الانقلاب على «مرسي»، لافتة إلى أن الرئيس الشرعي محمد مرسي لم يتحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مطلقا طوال العام المنصرم.
من جانبها قالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أن الانقلاب العسكري وعزل الرئيس الشرعي د. محمد مرسي عن الحكم لن يؤدي إلى الهدوء في مصر، مؤكدة أن المعارضة لن تستطيع حكم مصر حتى وإن جاءت أحداث 30 يونيو في صالحها. من جانبه أكد رئيس الاركان السابق في الجيش الإسرائيلي أن الأحداث المصرية بعيدة عن النهائية متخوفا من وقوع خطر أكبر ضد «إسرائيل» نتيجة الاضطرابات الأمنية في الشارع المصري.
ورغم التعليمات التي فرضها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على المسؤولين الإسرائيليين بخصوص التعليق على التطورات التي تشهدها الساحة المصرية، غير أن رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، ووزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان كسر هذا الحظر، واعتبر في مقابلة له مع موقع «يديعوت أحرونوت»، أن مصر لم تقل كلمتها الأخيرة، وأن القضية لا تزال بعيدة عن النهاية، مشيراً الى أنه على إسرائيل عدم التسرع في اتخاذ موقف علني مما يجري.
قلق قائم
ورأى ليبرمان، في أول تصريح لمسؤول إسرائيلي بحسب ما ذكر موقع «يديعوت» حول ما يجري في مصر، أن «الإخوان المسلمين ليسوا الأشخاص الذين يقبلون بهدوء بعزل (الرئيس السابق محمد) مرسي»، مضيفاً إن ما يجري في مصر «يجب أن يقلقنا»، لجهة أن الأمر يدور حول «أكبر دولة من بين جيراننا، وأول من وقّع معنا على اتفاقية سلام، وبالتالي من الواضح أن عدم الاستقرار هناك سينعكس على المنطقة بأسرها». وتابع «نريد أن تستقر مصر وتسيطر على كل أراضيها».
في المقابل، اعتبر ليبرمان أنه بالرغم من عدم الاستقرار حالياً في مصر، إلا أنّه لا يرى أن هناك خطراً على اتفاقية السلام التي تم التوقيع عليها بين الدولتين قبل أكثر من 30 عاماً»، لافتاً الى أن «اتفاق السلام ليس في صدارة الاهتمامات حالياً، ولا يوجد علاقة لإسرائيل بما يحدث، لكننا جميعاً ندرك أن مصر لم تعد تلك الدولة، والجميع يطلق ردود أفعال وهناك مفاجآت».
وتطرق ليبرمان الى ردود أفعال دول المنطقة حول الانقلاب الذي حدث في مصر، بحسب تعبير الصحيفة، قائلاً «إذا نظرنا من حولنا، فسنجد عدم تناسب بين مواقف الدول والفصائل تجاه الأحداث، إذ كان أول من هنأ رئيس الدولة المؤقتة السعوديون. لكن ما يلفت النظر أيضاً التعليق التركي على الأحداث، إذ تكفي نظرة عابرة وسريعة الى وسائل الإعلام التركية لفهم أن هذا الموضوع بات يحتل الصدارة. كما أن أردوغان أيضاً تحدث في مؤتمر وتطرق إلى الانقلاب العسكري والتاريخ التركي».
وحول إمكانية رؤية صور مماثلة لما جرى في تركيا، اعتبر ليبرمان أن «التظاهرات الحاشدة موجودة في الواقع هناك، وأنهم في التظاهرات يرفعون لافتات مع صور أردوغان ومرسي». وبخصوص الموقف من إسقاط نظام الإخوان المسلمين في مصر، رأى ليبرمان أن القضية «ليست تفاؤلاً أو تشاؤماً، هذه مسارات عميقة ولا نريد أن نتدخل فيها، ليس لدينا موقف مؤيد أو معارض، نحن نرى أن الاستقرار في مصر سينعكس على المنطقة بأسرها، ومن الواضح أن كل ما يحدث في سوريا وليبيا لا يثير ارتياح إسرائيل، وتهريب السلاح الى غزة هو مجرد مثال واحد».
ولفت الى أن الأسباب التي دفعت الجماهير الى الشوارع في مصر ليست بالذات الإسلام، بل إن «الزناد هو الوضع الاقتصادي، وهذا لا يغير من يترأس الدولة، علمانياً أو إسلامياً تقياً». وفي ما يتعلق بحركة «حماس»، رأى ليبرمان أنها تواجه «أزمة خطيرة»، وخاصة بعدما ساروا مع الإخوان ضدّ الرئيس السوري بشار الأسد وراعيها السابق، إيران.
وأعلن وزير الأمن الداخلي في الحكومة الإسرائيلية اسحق اهرونوفتش، أن العلاقات الأمنية والمخابراتية بين إسرائيل ومصر، كانت في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي جيدة، وفي أعلى مستوياتها. ورأى أن مصير مرسي يشكل ضربة لحركة حماس.
وأضاف اهرونوفتش، إن بلاده “ستبذل كل جهد، للحفاظ على التنسيق مع الجيش، على الأقل في منطقة سيناء”. وأكد أن “إسرائيل تراقب عن كثب التطورات في مصر، وسيناء بشكل خاص”. وفيما رأى أن “مصير مرسي يشكل ضربة قوية لحركة حماس”، قال إن “الأمر الأهم بالنسبة إلى إسرائيل، هو الحفاظ على اتفاقية السلام ثم الهدوء في سيناء، في ظل العناصر التي قد تحول هذه المنطقة إلى بؤرة خطيرة على إسرائيل”.
وأشار اهرونوفتش في تصريح لصحيفة “معاريف” الإسرائيلية إنه “من المهم أن تبقى هذه الدولة صديقة لإسرائيل، وان تكون لنا حدود هادئة مع مصر، هذه دولة مهمة جدا للحفاظ على العلاقات معها، موضحاً أنه في ظل حكم الاخوان المسلمين كانت هناك علاقات جيدة تربطنا مع عناصر الامن والجيش والاستخبارات المصرية”.
إسقاط مرسي
وفي تصريح يعتبر كسرا للحظر الذي فرضه رئيس الوزراء الإسرائيلي على المسؤولين الإسرائيليين بعدم التعليق على الشأن المصري، قال أهرونوفيتش: “كان مهم لنا أن نحافظ على الحكومة التي كانت، ونحن نتابع بقلق اسقاط حكم مرسي بعد عام واحد فقط بانقلاب عسكري ولكن هذا شأن مصري داخلي، والوضع اصبح حساس جداً”.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية باللغة العبرية، عن مصدر أمني في تل أبيب قوله إن الجيش وأجهزة الأمن في الدولة العبرية، يقومون عن كثب بمتابعة التطورات الجارية في مصر، وتحديدا في شبه جزيرة سيناء، على حد تعبيره.
وتابع المسؤول عينه قائلاً إن التنسيق مع الجيش المصري وأجهزة الأمن المصرية، ما زال مستمرا، مشيرا إلى أن التحدي المتمثل الآن أمام الجيش المصري هو محاربة تنظيمات الجهاد العالمي، والتي زادت نشاطاتها في الأسبوع الأخير بسيناء، لافتًا إلى أن التقديرات تشير إلى أن الجيش المصري سيتصرف بشكل حاسم لاستعادة النظام وتثبيت الاستقرار في سيناء، على حد وصفه.
وبحسب المسؤول عينه، فإن ما حدث في مصر، أي عزل مرسي من الرئاسة، هو ضربة مؤلمة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وقدر أنْ تواصل حركة حماس الحفاظ على الهدوء خدمةً لمصالحها.
وقالت صحيفة “معاريف” العبرية إن الجنرال عبد الفتاح السيسى الذى خلع الرئيس محمد مرسي، دون استخدام طلقة نار واحدة ينظر إليه الجيش الإسرائيلى على أنه عبقرى وبطل، مضيفة فى تقرير لها إن المخابرات الإسرائيلية قامت قبل شهور بعمل بروفايل للسيسى، الرجل الوطنى، الشجاع، الذى يعرف كيف يتخذ القرارات.
وأضافت أن الاسم عبد الفتاح السيسي، كان اسمًا جديدًا على الجمهور الإسرائيلى، وذلك عندما عين منذ حوالى عام قائدًا للجيش ووزيرًا للدفاع، لكن بالنسبة لجزء من المنظومة الأمنية الإسرائيلية كان السيسى معروفًا بسبب الاتصالات التى أجريت معه عندما كان قائدًا للاستخبارات العسكرية. ولفتت إلى أن السيسى لم يتم إسقاطه كالنيزك على منصب قيادة الجيش، وإنما نبت من أسفل، من قوات سلاح المشاة، حتى وصل لقمة الهرم فى سن الـ58 فقط، وتم تعيينه وزيرا للدفاع على يد الرئيس الإخوانى بدلاً من بطل حرب أكتوبر الجنرال طنطاوي، كمتعاون مع الإسلاميين، لكن فعليًا اتضح أن السيسى يختلف عن ذلك تمامًا.
ولفتت إلى أن وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلى أعجبا خلال الشهور الأخيرة بقائد القوات المصرية الذى لا يتردد فى مواجهة مرسي، وتحت قيادة السيسى وبموافقة مرسي، أدار الجيش المصرى منظومة تنسيق قوية مع إسرائيل طول العام الأخير، وهو التنسيق الذى اعتبر أفضل بكثير حتى من نظيره فى عهد مبارك.
وقالت الصحيفة “الحقائق تتحدث عن نفسها، ففى الشهور السبعة التى مرت منذ عملية عمود سحاب فى قطاع غزة أثمر جهود الجيش المصرى عن إيقاف عمليات تهريب الصواريخ بعيدة المدى للقطاع، وخلال تلك الفترة لم تدخل صواريخ ذات أهمية لغزة، بدلاً من الأخرى التى تم تدميرها على يد سلاح الجو الإسرائيلي، خلال العملية العسكرية”.
أمن سيناء
ولفتت إلى أنه بالرغم من الفوضى التى لا تزال سائدة فى سيناء، إلا أن التنسيق الشديد تم التعبير عنه أيضا فى موافقة تل أبيب على إدخال الجيش المصرى فى شهر مايو 30 دبابة، من أجل العمليات فى شبه الجزيرة، للمرة الأولى منذ اتفاقية كامب دافيد للسلام مع القاهرة، وبالفعل الحديث يدور عن المرة الأولى التى تنفذ فيها عمليات مثل هذه، بتنسيق مع تل أبيب، ففور صعود مرسى للرئاسة تم إدخال دبابات لسيناء بدون مصادقة إسرائيل، واضطر المصريون لسحبها إلى ما وراء قناة السويس بضغط من الولايات المتحدة التى هددت بوقف المعونة.
وقالت “معاريف”، إن الثورة المصرية الأولى التى سقط فيها نظام مبارك كانت مفاجأة شديدة للمخابرات الإسرائيلية وأجهزة الاستخبارات الغربية، إلا أن الثورة الثانية كانت أقل إثارة للدهشة، وتل أبيب كانت لديها تقديراتها بأن نظام مرسى متهالك ومعلق بخيط رفيع ويوشك على الانهيار، لافتة إلى أن المشاكل الأساسية للاقتصاد المصرى لم تحل فى فترة مرسى بل تفاقمت، وكان متوقعًا أن يعود الشعب وينتفض.
وأضافت، أنه بالرغم من ذلك لم يتوقع أحد أن النظام الحاكم سيسقط بسرعة هكذا، وبتلك الطريقة الدراماتيكية، لافتة إلى أنه فى بعض النواح كان مرسى كنزًا لإسرائيل، فقد فرض على حماس وسائر المنظمات فى القطاع وقفًا لإطلاق النار.
ولفتت إلى أن العلاقات غير المباشرة مع إسرائيل والعلاقات المباشرة مع الولايات المتحدة كانت بالنسبة للإخوان المسلمين مسألة تكتيك، ولو كان مرسى قد بقى فى السلطة لفترة زمنية كافية لكان قد تخلص من كل الجنرالات فى النخبة العسكرية، وأسس ديكتاتورية مشابهة لحماس فى قطاع غزة، وكان سيشكل تحديًا أمام اتفاقية السلام مع تل أبيب إن آجلاً أو عاجلاً، ويطلب تعديلها، إن لم يكن إلغاءها.
وأشارت إلى أن بسبب ذلك لا يوجد لإسرائيل سببًا حقيقيًا للحزن على خلع نظام الإخوان المسلمين قبل آوانه ، والسؤال الذى دار فى أروقة الحكومة بتل أبيب مؤخرًا هو من يخلف الإخوان المسلمين فى الانتخابات التى ستجرى على ما يبدو بعد شهور، ولا يوجد تقييم شجاع بما يكفى لتقديم إجابة، فالوضع فى مصر معقد جدًا، لدرجة أنه بالنسبة للأعين الأمنية الإسرائيلية ما زال التوازن القادم غير واضح.
وقالت إن المؤكد هو أن الإخوان سيتلقون ضربة قاسية إذا شاركوا فى الانتخابات المقبلة، وليس من الضرورى أنهم سيتنازلوا عن السلطة بدون صراع أو سفك دماء، وحتى تتبين الصورة فإن السيسى هو بطل وعبقرى فى الأعين الإسرائيلية، ونجح فى خلع الرئيس بدون أن يقوم الجيش فعليا بانقلاب، وبدون استخدام النيران، وقام ببلورة جبهة مصرية واسعة تقف من ورائه، لا تضم الإخوان المسلمين.
معاريف، 26/7/2013
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاحتلال يقتحم مجمع المدارس في حلحول ويشدد إجراءاته العسكرية في الأغوار
الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب عدد من الطلبة بالاختناق، اليوم الأحد، جراء اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي منطقة مجمع المدارس في بلدة حلحول...

إصابة مواطنين برصاص الاحتلال في بنت جبيل جنوبي لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب شخصان برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، في بلدة مارون الراس الحدودية، قضاء بنت جبيل، جنوب لبنان....

حماس: الموقف العربي من حرب التجويع والإبادة لا يرقى لمستوى الجريمة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام شددت حركة "حماس" على أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب جريمة حرب مركبة في غزة، باستخدامها التجويع سلاحا ضد...

السلطة تقطع رواتب عدد كبير من الأسرى في سجون الاحتلال
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلام أقدمت السلطة على قطع رواتب عدد من الأسرى والأسيرات، والمحررين والمحررات، في خطوة أثارت استياء واسعًا في...

الأورومتوسطي: إسرائيل تقتل امرأة فلسطينية كل ساعة في قطاع غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل بالقصف المباشر على قطاع غزة ما معدله 21.3 امرأة...

الصحة تحذر من تسارع مؤشر النقص الحاد في الأرصدة الدوائية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وزارة الصحة من أن مؤشر النقص الحاد في الأرصدة الدوائية في "تسارع خطير"، فميا أفادت بأن مستشفيات القطاع استقبلت...

الأونروا تحذر من ضرر غير قابل للإصلاح مع إطالة أمد الحصار الإسرائيلي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن إطالة سلطات الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال المساعدات إلى...