الثلاثاء 13/مايو/2025

حماس والمستحيل الأمريكي

مصطفى الصواف

يبدو أن ملف حركة المقاومة الإسلامية حماس في الإدارة الأمريكية يتولاه جاهل بحركة حماس، ومن هنا جاء تصريح الناطق باسم وزارة الخارجية والذي طالب فيه حركة حماس حتى تحظى على شرعية من الولايات المتحدة أن تعترف بشروط الرباعية والقاضية بالاعتراف بـ (إسرائيل) وبالاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية و(إسرائيل) ونبذ الإرهاب ( المقاومة ).

هذا الموقف الأمريكي الذي سبق زيارة وزير الخارجية جون كيري للمنطقة يريد أن يوصل رسالة إلى حركة حماس هذه الرسالة تقول إن على حماس أن تغير من موقفها تجاه (إسرائيل) حتى يتم القبول بها أمريكيا وأوروبيا وتكون جزءا من مشروع التسوية السياسية الذي تسعى الإدارة الأمريكية بقيادة اوباما في نسختها الثانية طرحه في المنطقة، وتناست الإدارة الأمريكية الموقف المعلن من قبل قادة حركة حماس وعلى لسان كل قادتها وهو عدم الاعتراف بـ ( إسرائيل ) وأن فلسطين كل فلسطين هي ارض للشعب الفلسطيني وان وجود ( إسرائيل ) هو وجود غير شرعي يجب أن ينتهي.

الموقف الأمريكي المعلن بين يدي زيارة كيري جاء أيضا في أعقاب إعادة انتخاب خالد مشعل رئيسا للمكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس في أعقاب المرحلة الأخيرة من الانتخابات التي جرت الأسبوع الماضي في القاهرة ، ويبدو أن هناك من أوعز للإدارة الأمريكية أن بقاء مشعل في رئاسة المكتب السياسي حماس سيلقي بمرونة عالية على مواقف حماس السياسية وأن مشعل سيكون الرجل الذي سيغير من ثوابت حماس ومواقفها السياسية وان الرجل لديه ليونة وبرجماتية عالية وقابلية للانخراط في المشروع السياسي في المنطقة والقائم على أساس حل الدولتين.

وهذا جهل ثانٍ من قبل الإدارة الأمريكية تجاه خالد مشعل، وفي اعتقادي أن مشعل أكثر راديكالية -لو صح هذا الوصف على بعض قيادات حماس- من كل قادة حماس السياسيين وخاصة في الثوابت والاستراتيجيات، لأن ثابت عدم الاعتراف بـ ( إسرائيل ) ليس ثابتا سياسيا بل هو ثابت عقدي ، والثابت العقدي هو جزء من العقيدة والتنازل عنه هو تنازل عن العقيدة الأمر الذي ستجد الإدارة الأمريكية أن مشعل أكثر تمسكا بهذا الثابت.

الإدارة الأمريكية عندما تشترط على حماس القبول بشروط الرباعية حتى يجري حوارا معها أو تكسب شرعية تكون قد طرحت المستحيل خاصة أن مواقف حماس من الثوابت معروفة لدى الإدارة الأمريكية والتي توصلت إليه من خلال لقاءات جرت بين حماس والعديد من وسطاء للإدارة من سياسيين سابقين ودبلوماسيين ورؤساء سابقين، أو من عرابين لها في المنطقة هو ان ثوابت حماس غير قابلة للتغيير وأنها ثوابت عقدية لا تتبدل أو تتغير وإن اختلفت تكتيكات تحقيق هذه الثوابت من قيادة عن قيادة، وهذا عيب ثالث أوقع الإدارة الأمريكية في وهم أن حماس قابلة للتغيير وهذا الوهم ناتج عن خلط في المفاهيم ما بين الاستراتيجي والتكتيكي.

الإدارة الأمريكية ومشروع كيري السياسي لن يكون طعما لحماس لأن حماس تدرك أن أمريكا لا تحمل أي مشروع بخدم الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ولا يوجد لديها أوهاما في هذا السياق كتلك التي يعيش عليها محمود عباس وحركة فتح، لأن حماس تدرك أن أمريكا لازالت منحازة بالكلية لـ (إسرائيل) وأن أي مشروع مقدم هو محاولة لإنقاذ (إسرائيل) من نفسها وإطالة عمر هذا الكيان غير الشرعي بضع سنين أخرى، كما أن حماس لديها قناعة تامة وهي تعمل على تحقيق هذه القناعة أن إسرائيل إلى زوال لأنها مشروع باطل والباطل إلى زوال.

حماس نعتقد أنها ثابتة على مواقفها وهي تستمد شرعيتها من الشعب الفلسطيني ومن تمسكها بثوابتها من مقاومته التي من حلالها يمكن لها أن تحقق حقوق وتفرض ثوابت وان على الإدارة الأمريكية أن تعيد النظر في مواقفها وأن تغير وتبدل في هذه المواقف المنحازة، وإن لم يحدث هذا التغيير في القريب العاجل سيكون في قادم الأيام هذا التغير وفي المقابل ستبقى حماس على ثوابتها ولن تغير او تتنازل عنها حتى يتم تحقيقها من أقوال إلى أفعال على ارض الواقع.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات