السبت 10/مايو/2025

صراع الحقائب الوزارية في الحكومة الصهيونية الجديدة

صراع الحقائب الوزارية في الحكومة الصهيونية الجديدة

برغم الإقرار بأن مساعي تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة باتت في ربع الساعة الأخير، إلا أن بعض الأطراف تتصرف وكأنها تبدأ كل شيء من جديد. فالوزن النوعي لعدد من الشركاء الائتلافيين وتراجع الوزن القيمي لرئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو وشريكه أفيغدور ليبرمان، قاد إلى مساومات كبيرة، حيث باتت كلمة السر هي توزيع الحقائب. وبدا واضحاً حتى يوم أمس أن نتنياهو، الذي كان يعتبر نفسه “وزير المالية الأعلى” يريد إيقاع حليفيه الجديدين في ورطة تسلم هذه الحقيبة وإبعادهما عن الخارجية والأمن.

ومن المعطيات المتوفرة حول المفاوضات الجارية يتبين أن رئيس حزب “هناك مستقبل” يائير لبيد لا يرغب في تسلم حقيبة المالية. ومن المؤكد أن انعدام الرغبة هذه تعود أساساً لإدراك متزايد بأن الظروف الاقتصادية في المرحلة المقبلة لن تكون مريحة خصوصاً وأن معالم تفاقم الأزمة الاقتصادية بادية للعيان.

وبديهي أن زعيم حزب صاعد لا يطمح في الغرق في مستنقع الأزمة والظهور أمام الجمهور، وكأنه العاجز عن تخليص الاقتصاد من مشاكله. وربما هذا بالذات هو ما دفع نتنياهو إلى التخلي، صادقاً أو مرغماً، عن هذه الحقيبة. ولكن ليس مستبعداً أن يكون التخلي عن هذه الحقيبة الإشـكالية والأساسيـة نابعـا كذلـك من رغبـته في إبعاد مطالب “هناك مستقبل” و”البيت اليهودي” عن وزارتي الخارجية والدفاع.

ومعروف أن وزارة الخارجية موعودة لزعيم “إسرائيل بيتنا” وشريك نتنياهو، أفيغدور ليبرمان. وأثار وعد نتنياهو هذا لليبرمان مشاكل قانونية يبحثها المستشار القضائي للحكومة، فضلاً عن مشاكل سياسية داخل الليكود وداخل الائتلاف الحكومي.

ففي “هناك مستقبل” و”البيت اليهودي” يقولون إن منح وزارة الخارجية لزعيم “إسرائيل بيتنا” الذي يملك 11 مقعداً في الكنيست، وهو الحزب الخامس لجهة القوة بعد الليكود و”هناك مستقبل” وحزب العمل و”البيت اليهودي”، يوجب منح قادة هذه الأحزاب مناصب أرفع من منصب ليبرمان.

وهناك في الليكود من يعتبر أن آخر من يصلح لقيادة الديبلوماسية الإسرائيلية هو ليبرمان الذي قاد، بفظاظته، الديبلوماسية الإسرائيلية نحو العزلة. لكن الأمر لا يتوقف عند الدوافع الجوهرية فهناك مطالبات ذات طبيعة شخصية في الليكود بهذا المنصب.

وكثيرون يعتقدون أن الليكود حرم في الولاية الحكومية السابقة من المناصب الهامة، حيث كانت الخارجية لليبرمان والدفاع بيد إيهود باراك. ويبدو أن وزارة الدفاع ستكون شبه مضمونة لنائب رئيس الحكومة الليكودي الحالي الجنرال موشي يعلون.

ويرى كثيرون أن الأجواء العامة في الليكود هي أجواء خيبة. فالحكومة الجديدة، وفق المعيار، الذي يسعى تحالف “هناك مستقبل” و”البيت اليهودي” إلى فرضه بغرض تحديد عدد الوزراء، لن ينال الليكود أكثر من سبعة وزراء من بينهم نتنياهو نفسه، أي أقل من عدد وزراء الليكود في الحكومة المنصرفة.

وكل هذا إذا لم يصر “هناك مستقبل” و”البيت اليهودي” على مطلب تحديد عدد الوزراء وقصرهم على 18 وزيراً، حينها لن ينال الليكود سبعة وزراء بل أقل من ذلك. ولكن ليس مستبعداً أن تتشكل الحكومة الجديدة من 24 وزيراً كنوع من الحل الوسط بين الحكومة المقلصة والحكومة الواسعة. ويؤكد قادة في الليكود أن نتنياهو “يفهم أنه مضطر لتقليص حاد في عدد الوزراء في ائتلافه المقبل، لكنه لن يقبل بـ18 وزيراً كما يطالب يائير لبيد”.

وإلى جانب ذلك هناك الصراع الطبيعي في الليكود على المناصب المتراجعة بين الوزراء الحاليين والطامحين الجدد بتولي حقائب ممن فازوا في الانتخابات الداخلية. وكان الليكود قد وعد في حملته الانتخابية بعدم التخلي عن حقيبتي الإسكان والتعليم. إلا أن الحقيبتين التنفيذيتين تشكلان مطمحاً وغرضاً لكل من “البيت اليهودي” و”هناك مستقبل”.

وتكثر التعليقات في إسرائيل حول الوزارات المتقلصة لليكود والخيبة المتزايدة في صفوف أعضائه. وكما سلف ينصب الاهتمام حول توزيع الحقائب. ويرى الليكوديون بخيبة كيف أن الحقائب التي كانوا يحلمون بها تتسرب من بين أيديهم إلى الحلفاء الجدد. وفي البدء كانت وزارة المالية، لكن لا يبدو أن ثمة ما يلبي شهوة يائير لبيد سوى وزارة الخارجية. وسبق لصحف إسرائيلية أن أشارت حتى إلى اتفاق “التحالف الثلاثي” (هناك مستقبل والبيت اليهودي وكديما) على المطالبة بوزارة الدفاع لشاؤول موفاز.

ومن الوجهة العملية يتفرغ نتنياهو حالياً إلى حل مشاكله مع “هناك مستقبل” و”البيت اليهودي” تاركاً أمر حل مشاكله الداخلية مع أعضاء حزبه إلى حين اتضاح الصورة وخريطة توزيع الحقائب الوزارية. ويعتقد كثيرون أن نتنياهو، مهما فعل، سيواجه مشكلة داخلية ليست صغيرة سواء مع من سيبقيهم من الوزراء أو مع من سيتخلى عنهم. وتزداد ورطة نتنياهو بتعهده بحوالي أربعة وزراء لحلفائه في “إسرائيل بيتنا”.

عموماً، وحتى اللحظة الأخيرة، هناك اتهامات متبادلة بين “الليكود بيتنا” و”هناك مستقبل” و”البيت اليهودي”. وتنصب الاتهامات أساساً على الليكود، ومحاولات فض الشراكة بين يائير لبيد ونفتالي بينت. ومع ذلك، وكما هو معروف، لا يبدو في الأفق أن هناك خيارا آخر سوى تشكيل الائتلاف وخلال الأيام القليلة المقبلة.

هآرتس، 10/3/2013

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات