الأحد 11/مايو/2025

نقاش صهيوني لفرضيات اندلاع الانتفاضة الثالثة: أسبابها وكوابحها ونتائجها المتوقعة

نقاش صهيوني لفرضيات اندلاع الانتفاضة الثالثة: أسبابها وكوابحها ونتائجها المتوقعة

قال الجنرال الصهيوني السابق “شلومو بروم”،  إنّ الجمود في العملية السلمية مع الفلسطينيين يؤكد أنّ هذا المسار لن يؤدي في نهاية المطاف لإقامة دولة فلسطينية، ومن غير المعقول أن يُوافق الفلسطينيون على مواصلة العيش تحت الاحتلال دون تحديد فترة زمنية لإنهائه، وبالتالي، من المفترض، في ظل هذه الأوضاع أنْ تندلع انتفاضة كل عدة سنوات، كما الانتفاضتين الأولى والثانية.

ولفت إلى أنّ السلطة الفلسطينية تعيش أزمة خانقة وعميقة، وتواجه مشكلة عويصة في قضية شرعيتها، وليست نابعة من عدم إجراء الانتخابات في موعدها، بل بسبب فقدانها للأجندة السياسية، فمنذ بداية عملية “أوسلو” كان الاتفاق يرتكز على إقامة دولة بعد مفاوضات مع “إسرائيل”.

لكن عدم وجود عملية سلمية بين الطرفين، يُبقي محمود عباس بدون سلم أولويات سياسي، علاوة على إظهار ضعفه الشديد مقارنة بخصومه من حركة حماس، الذين يطرحون بديلاً ثانيًا يتلخص بعدم الاعتراف بـ”إسرائيل”، واللجوء لخيار المقاومة المسلحة.

كما أن حماس يُمكنها القول إن اللجوء للخيار العسكري يؤكد إمكانية تحقيق إنجازات على الأرض، كما هو الحال في قطاع غزة، والحصول على شرعية سياسية منذ أحداث أسطول الحرية عام 2010، وصفقة تبادل الأسرى، وعملية “عامود السحاب” الأخيرة، كما أن أحداث “الربيع العربي”، وسيطرة قوى إسلامية على مقاليد الحكم في عدة دول عربية، زادت كثيرا من قوة حماس السياسية في الشارع الفلسطيني أيضاً.

وأضاف: بالنسبة لعباس، فإن توجهه للأمم المتحدة، والحصول على اعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في المنظمة الأممية أثبت أنها خطوة تُثير الشفقة، لأنه بات واضحًا للجمهور الفلسطيني بأن الاعتراف لم يُغير أي شيء على أرض الواقع، بل بالعكس، فإن الوضع بات أسوأ مما كان عليه قبل تشرين الثاني نوفمبر من العام الماضي.

أكثر من ذلك، فإن السلطة الفلسطينية تُعاني من أزمة اقتصادية صعبة جدًا، بسبب انخفاض المعونات الأوروبية، والتحسن في اقتصادها الذي بدأ مع انتهاء الانتفاضة الثانية انتهى، وقرار “إسرائيل” بتجميد أموال الفلسطينيين، لمعاقبة السلطة على توجهها للأمم المتحدة، زادت من حدة الأزمة الاقتصادية.

فالرواتب لا تُدفع في موعدها، مما يُبعد الموظفين كثيرا عن دعم السلطة، ويُقلل كثيرا انتماء أفراد الأجهزة الأمنية برام الله، لأنه من الطبيعي أنْ تتراخى الأجهزة الأمنية عن وظيفتها، وتقوم بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الصهيونية في ظل عدم وجود أمل في المستوى السياسي، أوْ على الصعيد الشخصي بسبب تأخر الرواتب.

* التنسيق الأمني

وقال: من غير المستبعد بالمرة أنْ يؤدي حادث عيني، كحادث طرق في الانتفاضة الأولى، واقتحام “شارون” للمسجد الأقصى في الانتفاضة الثانية، إلى اندلاع الانتفاضة الثالثة واسعة النطاق، رغم عدم القدرة على تحديد السبب الذي سيؤدي لإطلاق شرارتها.

لكنه يستدرك بالقول: رغم العوامل آنفة الذكر، فلا نرى في الأفق القريب احتمالاً لاندلاع انتفاضة ثالثة، للأسباب التالية:

1- عباس ينبذ العنف، ويتعهد مرارًا وتكرارًا بعدم السماح لانتفاضة ثالثة.

2- التزامه بهذا المبدأ سيقوى كثيرًا بعد زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة.

3- الركوب على “نمر” اسمه غضب الجماهير لن يوصله لأي مكان، وقد جرب ذلك بداية الانتفاضة الثانية، عندما حذر وبذل جميع الجهود لإقناع عرفات بوقفها.

4- تلقت الأجهزة الأمنية الفلسطينية أوامر صارمة لمنع أي تصعيد.

5- نشطاء “فتح” يُشاركون في المظاهرات لاحتوائها من ناحية، ومن الناحية الأخرى توجيه رسالة لـ”باراك أوباما”، وعدد من اللاعبين بأن الجمود في العملية السلمية بات خطيرًا للغاية.

ويتساءل “بروم”: هل ستتمكن السلطة من احتواء المظاهرات، أمْ أنها ستفقد السيطرة عليها وعلى حجمها في الضفة الغربية، لأن الأحداث حتى الآن أثبتت أنها قادرة على احتوائها، فحجمها ما زال قليلاً، وعدد المشاركين ليس أكثر من بضع المئات، ولا تلوح في الأفق نية للتصعيد.

أكثر من ذلك، فإن السبب الرئيسي في هذا التصرف، مرده عدم انجرار الفلسطينيين للفوضى التي عمت الضفة خلال وبعد الانتفاضة الثانية، وفقط في السنوات الأخيرة شهد الفلسطينيون نوعًا من النمو الاقتصادي، وبالتالي فلا يريدون العودة لإشكالية الانتفاضة، وما يترتب عليها من تداعيات وإسقاطات، ورغم الأوضاع الاقتصادية السيئة فإن الأجهزة الأمنية ما زالت تُسيطر على الشارع في الضفة الغربية.

* نتائج مأساوية

وأوضح أنه يُمكن استخلاص 3 نتائج مهمة:

1- من الضرورة بمكان استغلال زيارة “أوباما”، وتشكيل حكومة جديدة في “إسرائيل”، لتحريك العملية السلمية، والتوضيح بأنها عملية حقيقية، وتكون لها نتائج على أرض الواقع، لأن الفلسطينيين سئموا من الأقوال ويبحثون عن الأعمال، وسيرفضون الدخول في العملية السلمية من أجلها فقط.

2- أنْ تكون العملية السياسية مرنة، وعدم وضع البيض في سلة واحدة كما فعل “إيهود باراك” في كامب ديفيد، لأن الفشل فيها ستكون نتائجه مأساوية، ويجب بناء تحالف إقليمي لتقدمها، وفي المقدمة الأردن ومصر، والتوصل لاتفاقيات جانبية بين السلطة و”إسرائيل” في الطريق للحل النهائي.

3- “إسرائيل” قامت في السنوات الأخيرة بإضعاف عباس عن طريق تصريحات لمسئوليها الكبار، وبالتالي لا يُسمح لها بالبكاء على الوضع الذي آلت إليه السلطة الفلسطينية وزعماءها، لأنها ساهمت كثيرًا في ذلك.

معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني، 6/3/2013

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات