الأحد 11/مايو/2025

انشغال صهيوني بتزايد ظاهرة الانتحار بين جنوده بمستويات غير مسبوقة

انشغال صهيوني بتزايد ظاهرة الانتحار بين جنوده بمستويات غير مسبوقة

أفادت شعبة القوى البشرية في الجيش الصهيوني أنّ الانتحار ما زال السبب المركزي للوفاة في صفوف الجنود، وإن كانت الظاهرة تراجعت خلال العام المنصرم، كاشفةً أنّ عام 2012 شهد 14 حالة انتحار، فيما قتل 8 في حوادث مرورية، و3 خلال تدريبات عسكرية، و2 ماتا غرقاً، و5 توفوا جراء المرض، وبقيت حالة وفاة واحدة غامضة دون تفسير، فيما قتل 5 جنود خلال عمليات عسكرية.

وأضافت: يستدل من لوائح الأرقام أن ظاهرة الانتحار في صفوف الجيش تصاعدت في السنوات الأخيرة، ففي 2007 انتحر 17، وفي 2008 ارتفع العدد إلى 20، وفي 2009 انتحر 23، وفي 2010 بلغ عددهم 28، وفي 2011 انخفض العدد إلى 21 جنديا، ويبلغ عدد الجنود الذين انتحروا في العقد الأخير بين عامي 2002-2012، ما يقرب من 278 جنديا.

وقال خبير نفسي صهيوني إنّ الأرقام الرسمية أقل من العدد الحقيقي، إذ إن الجيش يحجب جزءا من الحقيقة لاعتبارات أمنية، وحفاظاً على دافعية الالتحاق بالجيش، إضافة لمراعاة مشاعر المجموعات اليهودية المحافظة، مشيرا إلى أنّ “إسرائيل” كرست في العقود الثلاثة الأخيرة جهودا كبيرة لتقليص هذه الظاهرة المتفشية. وأضاف: مرد الظاهرة أسباب كثيرة منها اتساع الفجوات الاقتصادية الاجتماعية، وارتفاع البطالة والفقر، وارتفاع نسب الطلاق، تأثير تفشي داء فقدان المناعة المكتسب (الإيدز)، تفشي الكحول والسموم، الاكتئاب المرضي، الاعتداءات الجنسية، استخدام الإنترنت، ازدياد وسائل الانتحار كالسلاح والسيارات.

وهذا ما يؤكده ضابط محجوب الهوية قال إنّ الجيش يبذل مساعي كبيرة لخفض حجم الظاهرة بفعاليات وقائية واسعة، وأبرزها تجنيد اختصاصيين نفسيين في صفوف الجيش، مرجحا أن “السلاح المتاح بين أيدي الجنود يسهل عملية الانتحار”، ويفيد بأن نسبة المنتحرين لدى الجنود أعلى منها بقليل لدى الصهاينة بشكل عام، ويلمح إلى أن واقع الاحتلال والخدمة العسكرية في الضفة الغربية -التي تميزها حالة من الرتابة والملل- يساهم في رفع حالة الاكتئاب والاندفاع نحو الانتحار، رغم أنه محظور وفق تعاليم الديانة اليهودية.

وتشير المحافل العسكرية إلى أنّ ظاهرة انتحار الجنود في الجيوش المختلفة بالعالم خلال أوقات السلم هي السبب المركزي لموت الجنود فيها أيضا، مشيرة إلى أنها ما زالت واسعة كما هو الحال لدى المجتمع الإسرائيلي والمجتمعات الغربية.

الخدمة العسكرية

وأشارت دراسة جديدة صادرة عن مركز العلوم في الكنيست إلى أنّ “إسرائيل” تشهد 400-500 حالة انتحار كل عام، ثلاثة أرباعها بين الذكور والمسنين، وأن الانتحار ما زال سبب الوفاة الثاني لدى جيل الشباب (15-24) كما في الدول الأوروبية.

فيما قال الناطق بلسان الجيش إن نسبة المنتحرين بين الجنود انخفضت العام المنصرم، مقراً أن الظاهرة كانت ستزداد أكثر لولا العمل الواسع والمتواصل الذي تقوم به وحدة الخدمات النفسية داخل الجيش، ويتابع نحن نولي الموضوع أهمية بالغة، ونكرس فعاليات وقائية متنوعة لتقليص الظاهرة. وأضاف: “إسرائيل” لا تختلف من هذه الناحية عن سائر الدول الغربية، لكن قائد هيئة الأركان السابق “دان حالوتس” أصدر تعليماته لقادة الجيش عام 2006 ببذل كل ما بوسعهم لمواجهة الظاهرة، رغم أن الكثير من حالات الانتحار مرتبطة بالخلفيات الخاصة للجنود ولا علاقة لها بالخدمة العسكرية، وفي هذا السياق، أمر بتقليص كمية السلاح المتوفرة لدى الجنود في محاولة للتقليل من ظاهرة الانتحار، عملا بواحدة من توصيات لجنة مهنية عالجت الموضوع.

من جهته، أكد د.”يردين كتسير” من جامعة “بار إيلان” أن الالتحاق بالجيش يؤجج أسئلة الشباب حول هويتهم الذاتية، ويعرضهم لمواجهة ضغوط عسكرية لم تكن موجودة من قبل، وبخلاف المواقف الرسمية للجيش يؤكد أن الضغوط الناجمة عن الخدمة العسكرية بعد الافتراق عن الأسرة، والانطلاق في طريق جديدة، تفضي لزعزعة البنية النفسية، وانسجام الفرد مع ذاته.

وبين أن الخلل المصاحب لتشكل هوية الجندي فور التحاقه بالجيش مرتبط بخوف شديد وإحباط وحالات عاطفية غير مستقرة، مما يزيد من احتمالات اللجوء للانتحار كآخر حل في مواجهة الأزمة.

ويضيف: الجندي المنتحر هو مراهق ذو هوية غير متبلورة يحس بالفراغ والاغتراب وبالعزلة داخل البيئة العسكرية الجديدة ومقابل قادته، فيما ينتزع من بين أحضان عائلته، ويغدو بعيدا عنها خاصة إذا كانت هي الأخرى غير متماسكة.

فيما يؤكد الصحفي العسكري “عامير ربابورت” أن الظاهرة تقتصر على المجندين الشباب، وأن انتحار الضباط البالغين حالة نادرة، وهي ظاهرة طالما لازمت الجيش، لكنها كانت حبيسة التعتيم الإعلامي وإهمال الصحافة لها، لافتاً إلى تراجع نسبتها في الجيش في السنوات الأربع الأخيرة لتزايد الانتقادات الموجهة للجيش، وتكريسه جهودا أكثر نجاعة في مواجهتها بدلا من “كنسها تحت السجادة”.

مجلة “بمحانيه” العسكرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات