السبت 10/مايو/2025

وشم على ورق الزيتون

وشم على ورق الزيتون

ثمّة كهوف حالكة الظلام في تكوين الشخصية الصهيونية، تحتاج من الإعلام العربي إلى فضحها على أوسع نطاق عالمياً. إنها أبعد مدى من قتل الإنسان أو تعذيبه وتشريده. فعند تحليل الذهنية الإجرامية خارج نطاق الإنسان ووجوده، نكتشف أبعاداً أخطر من سفك الدماء: العداء للحياة والحقد على الطبيعة.
قتل الحيوانِ الحيوانَ، وقتل الإنسانِ الإنسانَ، وقتل الحيوان الإنسان، وقتل الإنسان الحيوان، أعمال لها مبررات غريزية وأخرى خارجة عن نطاق الغريزة. أمور نسبية. أما أن تدعي عصابة أنها دولة، وتضع ضمن أهداف وجودها القضاء على الحياة والطبيعة، بقطع أشجار الزيتون وتسميم المياه وتلويث البيئة، فهذا مرض نفسي عضال.
لا يوجد إبداع على وجه الأرض يفوق إبداع الطبيعة. وسيّد الإبداع عالم النبات. والنبات في نظري عالم عظيم العلم وسيّد الخبراء والمهندسين، ولكنه صوفي عارف بديع التجليات، أما علمه وخبرته ففي قدرته السماوية على تحويل الفضلات إلى ورود وثمار جنية، إلى أغذية عابقة تنعش الذوق وتنمي الأجسام. وأما صوفيته فتتجلى في ارتشافه النور وتحويله إلى كلوروفيل، وفي استنشاقه الضياء وتحويله إلى أنفاس خضراء تسرّ الناظرين. أليس عدواً للحياة من يهجم على شجر الزيتون في إبادة جماعية؟ اللعنة على أحزاب الخضر، عُمْي وعيونهم باصرة. «إنها لا تعمى»، ولكنّ على قلوبهم أقفالاً صهيونية.
الأشجار لا قدرة لها على مقاومة الهمجية المتوحشة لدى المغول الجدد. ولكنها تحمل في ذاتها وصفاتها ومكوّناتها، ميراث الإنسانية إلى جانب تراث الحياة والطبيعة. كيف لا تتحرك ضمائر العالم المسيحي ومشاعره، وهي ترى أشجار الزيتون تحرق وتجرّف وتستأصل؟ أم ترى نسي المسيحيون علاقة السيد المسيح بالزيتون؟ فكلمة مسيح آرامية: «مشيحا»، وتعني المدهون بزيت الزيتون. لأن الشجرة مباركة. هي غذاء وصيدلية. حتى مغلي أوراقها علاج للسكري. وهي رمز للتجذر الأصيل، تسعى العروق في العمق بمقاومة فريدة إلى أن تصل إلى الماء، وصلابة خشبها بلا نظير، وأوراقها قابلة للاحتراق حتى وهي خضراء.
لا أريد التطرق إلى عبثية التفاوض مع عصابات لا ترحم حتى الأشجار، وترى أن الطبيعة عدوها اللدود، لأنها ينبوع الحياة السخي. فالغاية هي السعي الخائب إلى فهم مهزلة العقلية التي تؤمن بأن الهمجية يمكن أن تصبح ملاك سلام. هذا أيضاً مرض نفسي وعاهة ذهنية. ولا يمكن تصوّر صلاح الأمر، إلا إذا شطحنا إلى حد توهم إمكانية تحقق الخيمياء والسيمياء.
لزوم مايلزم: شجرة الزيتون تعمر قروناً، والخبر السار هو أن الكيان الغاصب ليس كذلك
[email protected]
صحيفة
الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات