دير ياسين.. للذاكرة والأجيال!

في الذاكرة الوطنية الفلسطينية – العربية، تعتبر المذبحة الجماعية التي نفذتها القوات الصهيونية ضد أهالي بلدة دير ياسين الأخطر والأشد تأثيراً على مجريات حرب 1948 أحادية الجانب ونتائجها، حيث استثمرها القادة الصهاينة في نشر الإرهاب والرعب وتهجير الفلسطينيين، ورسخت هذه المذبحة في ذاكرة الكبار بوصفها نقطة تحول استراتيجي في أحداث فلسطين والنكبة، بينما راهن قادة الصهيونية على نسيان الصغار من الفلسطينيين، ونحن اذ نستحضر تفاصيل هذه المذبحة وغيرها، كي لا تنسى الأجيال… وكي لا ينسى الصغار. فقبيل بزوغ فجر يوم الجمعة التاسع من نسيان عام 1948 وتحت جنح الظلام توجه أكثر من 100 مسلح من عصابات الأرغون والهاغاناه الصهيونية، مسلحين بالرشاشات والبنادق الأوتوماتيكية والقنابل اليدوية والمدى للقيام بمهمة أمر بها الإرهابي المعروف مناحيم بيغن، تتمثل في إفراغ قرية دير ياسين من سكانها العرب والقضاء عليهم أو في أحسن الاحتمالات، إجبارهم تحت وابل النيران على الفرار التماساً للنجاة، وضحّى هؤلاء بعنصر المباغتة عندما أرسلوا في مقدمتهم سيارة عسكرية مصفحة ومسلحة، حيث دخلت القرية وطلبت من أهلها عبر مكبر الصوت إخلاء قريتهم، لكن المواطنين تصدوا للسيارة وأمطروها بوابل من النيران جعلها تنحرف لتقع في خندق عند مدخل القرية مؤذنة بنشوب المعركة.
كانت المقاومة العربية الفلسطينية كما أوردت صحيفة جيروزاليم بوست فوق توقعات العصابات الصهيونية التي كانت تنوي مع سبق الإصرار، إخلاء القرية وقتل من فيها، وما بزع الفجر حتى صعّد هؤلاء هجومهم وعملياتهم العسكرية محاولين التقليل من الإصابات في صفوفهم عن طريق نسف مداخل البيوت الحجرية بالقنابل ثم مداهمتها وإزهاق أرواح الموجودين، وانضم إلى هؤلاء فيما بعد أعضاء من عصابات بالماخ، حيث قاموا بقصف الطريق المؤدية إلى القرية لردع الجنود العرب الذين جاءوا من عين كارم لنجدة القرية مستعملين “أي العصابات” قنابل المورتر لإسكات مصادر المقاومة الفلسطينية في القرية.
ووصلت المعركة إلى نهايتها بعد الظهيرة، وسيطر اليهود على القرية، وتؤكد بعض الروايات أن عصابات الأرغون وليحي كانوا يتوقعون عند دخول القرية أن يغادر أهلها منازلهم، لكنهم فوجئوا بالمقاومة العنيفة وإطلاق النار من كل منزل تقريباً، إلى أن رجحت كفة العصابات بعد معركة استمرت من الخامسة صباحاً حتى الثانية بعد الظهر، وكانت القرية أشبه بقلعة محصنة وتم الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر هي التي مكنت أهل القرية من الصمود كل تلك المدة، وانتشرت أقوال بـ”إن الفظائع التي ارتكبت خلال تلك المجزرة تجل عن الوصف حيث شوهدت الجثث ممثلاً بها، والمدنيون قتلوا طعناً بالسكاكين والمدى، وثبت أن حالات إعدام حصلت بعد انتهاء المعركة بوقت طويل.
كما جاء في وصف المجزرة: “بدأ الهجوم والأطفال نيام في أحضان أمهاتهم وآبائهم، وقاتل العرب كما يقول مناحيم بيغن في حديثه عن المذبحة “دفاعاً عن بيوتهم ونسائهم وأطفالهم بقوة”، فكان القتال يدور من بيت لحم، وكان اليهود كلما احتلوا بيتاً فجروه، ثم وجهوا نداء للسكان بوجوب الهروب أو ملاقاة الموت، وصدق الناس النداء فخرجوا مذعورين يطلبون النجاة لأطفالهم ونسائهم، فما كان من عصابات شتيرن والأرغون إلا أن سارعت بحصد من وقع في مرمى أسلحتهم، وبعد ذلك أخذ الإرهابيون يلقون القنابل داخل البيوت ليدمروها على من فيها، في صورة همجية قل ما شهدت مثلها البشرية إلا من حثالات البشر، وكانت الأوامر تقضي بتدمير كل بيت، وسار خلف رجال المتفجرات إرهابيو الأرغون وشتيرن فقتلوا كل من وجد حياً، واستمر التفجير بهذه الهمجية حتى ساعات الظهر من يوم 10 نيسان 1948، ثم جمعوا الأحياء إلى جانب الجدران وحصدوهم بالرصاص”، ثم جاءت وحدة من الهاغاناه بقيادة بنشورين شيف “فحفرت قبراً جماعياً دفنت فيه مئتين وخمسين جثة عربية أكثرهم من النساء والأطفال والشيوخ”.
ويروي الناجون من المذبحة شهاداتهم للسلطات البريطانية قائلين: “إن عائلات كاملة تم إيقافها بجوار الحائط ثم أطلقت عليها النيران من البنادق، بنات صغيرات تم اغتصابهن، امرأة حامل تم ذبحها أولاً ثم بقروا بطنها بسكين جزار، حاولت فتاة صغيرة أخذ الجنين من بطن المقتولة فتم إطلاق النار عليها، بعض أعضاء الأرغون أحالوا الجثث إلى قطع بسكاكينهم، ثم قطع أو جرح أيدي النساء وآذانهم لسرقة أساورهم أو خواتمهم”.
كلها تفاصيل مروعة مرعبة تحكي الحكاية النكبوية والبطولية الفلسطينية، والشهادات والروايات في هذا الصدد كثيرة جداً.. ففي كل بلدة وقرية فلسطينية هناك شهادات وروايات عن مذابح وفظائع الصهيونية التي لعبت دورا في تفريغ البلاد.. فحكاية دير ياسين وأخواتها الفلسطينيات للذاكرة الوطنية للأجيال.. كي لا ننسى وكي لا ينسى الصغار…!
[email protected]
صحيفة العرب اليوم الأردنية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الحصاد المر لـ 580 يومًا من الإبادة الجماعية في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام نشر المكتب الإعلامي الحكومي ينشر تحديثاً لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية...

رامي عبده: خطة المساعدات الأميركية الإسرائيلية أداة قهر تمهد لاقتلاع السكان من أرضهم
المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، إن الخطة الأميركية‑الإسرائيلية التي تقضي بإسناد توزيع مساعدات محدودة...

قتلى وجرحى بتفجير القسام مبنى بقوة من لواء غولاني في رفح
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قتل عدد من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي وأصيب آخرين في رفح، اليوم الخميس، وفق وسائل إعلام إسرائيلية، فيما قالت كتائب...

شهيد وجرحى في سلسلة غارات إسرائيلية على جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مواطن لبناني وجرح آخرون، في سلسلة غارات شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على جنوبي لبنان، اليوم الخميس، على ما...

حصيلة الإبادة ترتفع إلى أكثر من 172 شهيدا وجريحا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم الخميس، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 106 شهداء، و367 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...

الادعاء الروماني يحيل شكوى ضد جندي إسرائيلي إلى النيابة العسكرية
بوخارست - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت مؤسسة “هند رجب” أن المدعي العام في رومانيا أحال الشكوى التي تقدمت بها المؤسسة ضد جندي إسرائيلي إلى مكتب...

الاحتلال يحول الصحافي الفلسطيني علي السمودي إلى الاعتقال الإداري
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام حوّلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، الصحافي الفلسطيني علي السمودي من جنين، شمالي الضفة الغربية،...