الجمعة 09/مايو/2025

النموذج الأنسب لكفاح الشعب الفلسطيني

النموذج الأنسب لكفاح الشعب الفلسطيني

تفيد خبرات حروب حركات التحرر الوطني بضرورة تحاشيها تعريض قواها لضربات قاسية، وتجنّب عدوها حين يكون مستنفراً ومستفزاً، إدراكاً منها أنها تخوض حرباً سياسية، طويلة الأمد، ينبغي كسبها بالنقاط وليس بالضربة القاضية، وبالغلبة بالوسائل والمعطيات السياسية وليس بالوسائل العسكرية فقط، ولكن تجربة حركة التحرر الوطني الفلسطينية أظهرت تناقضاً مع هذا النهج السليم واتسمت بوتيرة عالية من عمليات المقاومة غير المتكافئة من حيث التضحيات والنتائج.
من بين التجارب الفلسطينية تبرز اثنتان ليس لهما علاقة بتجربة الكفاح المسلح هما:
(1) التجربة النضالية لفلسطينيي مناطق 48، التي اعتمدت الوسائل السياسية والسلمية، للبقاء في الأرض، وصدّ محاولات التهويد، وتنمية الهوية الوطنية، والانتماء العروبي. ولم تحاول أي مجموعة سياسية، وازنة، انتهاج الكفاح المسلح ضد “إسرائيل”، في حين تبنّت غالبيتهم النضال المدني/السلمي لمواجهة سياسات “إسرائيل” التمييزية، على مختلف الصعد، وضمنها العمل داخل المؤسسات التشريعية (الكنيست مثلاً)، واستثمار هامش الديمقراطية المتاح، لتطوير أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وإقامة الأحزاب السياسية والتجمعات التمثيلية، بما يحفظ هويتهم الوطنية والعربية، ويطوّر وجودهم.
 (2) الانتفاضة الشعبية (في الأراضي المحتلة 1987- 1993) حيث لم يلجأ فلسطينيو الأراضي المحتلة عام 67، في مقاومتهم لمختلف تجليات الاحتلال الإسرائيلي، للكفاح المسلح لتأكيد اعتبارهم، وفرض وجودهم، وإنما لجأوا إلى أشكال عديدة من العصيان المدني، والانتفاضات المتوالية، التي توجت بالانتفاضة الكبرى الأولى (1987-1993)، والتي انتهجت (على الأغلب) أساليب العصيان المدني والاشتباكات بالحجارة وبالوسائل البدائية، مع ممارسة محسوبة لبعض عمليات المقاومة المسلحة ضد المستوطنين والعسكريين الإسرائيليين في الضفة والقطاع.
كانت تجربة الانتفاضة الشعبية (1987- 1993)، من بين كل التجارب الفلسطينية، هي الأكثر تناسباً مع ظروف الشعب الفلسطيني وإمكاناته، والأجدى في مواجهة الاحتلال، فهي التي جلبت الاعتراف بالشعب الفلسطيني، وبحركته الوطنية، وعزّزت التعاطف الدولي معه، وهي التي خلقت الشروخ في المجتمع الإسرائيلي، ونمّت مداركه بشأن عدم جدوى الاحتلال والاستيطان، وهي التي أجبرت “إسرائيل” على مراجعة أساطير الصهيونية التقليدية، المتعلقة بفكرة “إسرائيل” الكبرى، أو تغييب الشعب الفلسطيني.
الغريب أن يتم تجاهل هذين النموذجين من الكفاحية الإبداعية، التغني التغنّي والافتخار بهما، وبدل أن يجري العمل على إغنائهما وتكريسهما، باعتبارهما الشكل الأكثر نجاعة لإظهار “إسرائيل” على حقيقتها كدولة استعمارية عنصرية متغطرسة، وباعتبارهما الأكثر تناسباً مع إمكانات الفلسطينيين والمعطيات المحيطة بهم.
بالمقابل كانت التجربة العسكرية الفلسطينية (لم تقتصر على مقاومة الاحتلال) ورغم كل التضحيات والبطولات التي تضمنتها، تميّزت بالعفوية والمزاجية والفوضى، وهي السمات نفسها التي ميّزت مجمل التجربة الفلسطينية المعاصرة (السياسية والتنظيمية والدبلوماسية، وكذلك تجارب المفاوضة والانتفاضة وتجارب بناء المنظمة والسلطة والفصائل)، في ظل غياب إدارة عقلانية أو استراتيجية سياسية واضحة لها.
الغريب أيضاً أنه لم تتم مراجعة جادة حتى الآن للتجربة العسكرية الفلسطينية وتجريدها من هالة القدسية التي ترافقت معها رغم كل ما اعتراها من مثالب خطيرة دفع ثمنها الفلسطينيون غالياً في الأردن ولبنان.
صحيفة الوطن القطرية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

شهيدان باستهداف الاحتلال في نابلس

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مقاومان بعد خوضه اشتباكاً مسلحاً - مساء الجمعة- مع قوات الاحتلال الصهيوني التي حاصرته في منزل بمنطقة عين...