الإثنين 05/مايو/2025

توازن استراتيجي أم تفوق استراتيجي؟

توازن استراتيجي أم تفوق استراتيجي؟

ونحن نستذكر في هذه الأيام حرب أكتوبر 1973 التحريرية نتذكر أن النصر المبدئي الذي حصل عليه العرب في الجبهتين الشمالية (سوريا) والجنوبية (مصر) ما كان ليحدث (في العبور المصري وفي الوصول السوري إلى شواطئ طبريا)، إلا بامتلاك المعنيين العرب أولاً وقبل كل شيء حرية القرار واستقلاليته.
وأن التضامن العربي كان في مستوى المرحلة باشتراك عربي من العراق والأردن والمغرب والسعودية في معارك الجبهة الشمالية واشتراك الطيران العراقي في الجبهة الجنوبية. لقد تجاوز العرب حينذاك الخلافات وكانت رغبتهم أكيدة في تحقيق انتصار عسكري مهم على الكيان الصهيوني صاحب الجيش الذي كان (لا يمكن أن يقهر).
إذًا الحقيقة الأولى والدرس الأول هي امتلاك العرب ناصية القرار من باب، وثانياً التضامن بينهم والتنسيق بحيث يستطيعون تحقيق ما تصبو إليه الأمة.
لقد دخلت أسلحة كثيرة المعركة ضد الكيان الصهيوني وفي مقدمها النفط. استخدم العرب النفط سلاحاً في الحرب بحيث أثروا في العالم كله، وقدموا للعدو درساً نموذجياً في مدلولات التضامن واستخدام أوراق القوة أو بعض أوراق القوة التي يمتلكونها.
قيل حينذاك إن التوازن الاستراتيجي قد تحقق بين العرب وعدوهم الصهيوني. والحقيقة الأخرى هي أن هذا التوازن لا يعكس القدرات الحقيقية للعرب مجتمعين. إن العرب يستطيعون أن يمتلكوا التفوق الاستراتيجي وليس فقط التوازن الاستراتيجي مع هذا العدو. الجغرافية العربية والثروات العربية والجيوش العربية وإرادة الأمة العربية حين تتضافر فلا بد أن يمتلك العرب ناصية التفوق على عدوهم الصهيوني، ومن يقف معه من أميركا إلى الأوروبيين الغربيين.
ليس المهم هو امتلاك العدو للقدرات العسكرية المتطورة، ولا حتى الدعم غير المحدود من لدن الغرب؛ فتلك أمور يمكن لنا معالجتها والتصدي لها حين نمتلك أول ما نمتلك الإرادة الحرة في اتخاذ القرارات. ولا بد من أن تكون النوايا خالصة وصادقة لدى الجميع. في حرب أكتوبر 73 ربما كان لدى أنور السادات أجندته الخاصة التي لم يطلع عليها شريكته سوريا آنذاك. فبعد العبور أمر السادات بتوقف قواته على عمق لا يزيد على العشرين كيلومترا من القناة بعد ملحمة العبور. وهذا التوقف منح العدو فرصة التقاط الأنفاس من جهة والتفرغ للجبهة الشمالية من جهة أخرى. هذا ما عنيته حين تحدثت عن ضرورة توفر الإخلاص والصدق في النوايا.
ولا بد اليوم من أخذ العبر والدروس من تلك الحرب والإفادة منها تماماً، كما لا بد من التوقف عند انتصارات المقاومة العربية على العدو في الجنوب اللبناني، كما في قطاع غزة حين أكدت الأحداث والمعارك أن قضية تحرير فلسطين ليست أمراً مستحيلاً حتى مع امتلاك العدو الصهيوني القدرات العسكرية والرؤوس النووية.
إن فلسطين كلها صغيرة جغرافيا (27 ألف كيلومتر) والعرب من المحيط إلى الخليج يمتلكون الجغرافية والقدرات والإمكانات الهائلة إلى جانب التفوق البشري، والأمر المهم هو أن العرب على حق في تصديهم للعدو الصهيوني؛ لأن فلسطين لهم جميعا كما أنها للمسلمين في شتى بقاع الأرض.
الإمكانات العسكرية والجغرافية والثروة النفطية، والإرادة الحرة واستعداد الأمة، كلها للقتال والتضحية في سبيل فلسطين يضيف إلى القدرات الفلسطينية المقاومة ما يجعل النصر في حكم القائم.
العرب يمتلكون إمكانية التفوق الاستراتيجي على العدو الصهيوني، وهذا يعني إمكانية قهره. وأهم سلاح هو التمتع بحرية القرار والإرادة الصافية والنيات الصادقة والإيمان بالأمة، وبما تتمتع به من روح معنوية عالية، ومن استعداد للبذل والعطاء في سبيل تحقيق أهدافها.
ونحن ننظر اليوم إلى الطاقات العربية المعطلة والإرادة المشلولة أو الموجهة نحو الشقيق لا العدو، والقدرات التي تذهب في الاتجاه المعاكس نتألم ونتمنى لو أن العرب يفيدون من الدروس والتاريخ ويتصرفون كأمة واحدة.
كاتب فلسطيني
[email protected]
صحيفة الوطن العمانية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات