الخميس 08/مايو/2025

مروان والوثائق الإسرائيلية

مروان والوثائق الإسرائيلية

نشرت السلطات الإسرائيلية هذا العام مجموعة من وثائق حرب أكتوبر 1973، ونلاحظ فيها دور أشرف مروان صهر عبدالناصر ومدير مكتب السادات في حرب المخابرات بين مصر و”إسرائيل” أثناء التحضير للحرب.
لكن الوثائق الرسمية الحكومية الإسرائيلية، التي أشارت إلى مروان باسمه الكودي، وهو “الصهر” أو “الملاك”، لم تصدر إلا بعد اغتياله في لندن منذ سنوات عدة. إن لهذا الأمر دلالة كبرى، إذ أعتقد اعتقاداً راسخاً أن هذه الوثائق التي تذكر دور مروان في أخبار رئيس “الموساد” تسيفي زامير، فجر يوم السادس من أكتوبر، بأن المصريين والسوريين سيشنون الهجوم في السادسة مساء اليوم نفسه، إنما هي وثائق تحتوي على تزييف يهدف إلى أمرين: الأول الإيحاء بأن مروان كان عميلاً ل”إسرائيل” يخدمها بإخلاص، وبالتالي فإن المصريين هم الذين اغتالوه في لندن عقاباً له. الأمر الثاني، إثبات نجاح المخابرات الإسرائيلية وقدرتها على اكتشاف أي هجوم عربي مزمع وقوعه، وتأكيد أن هذه المخابرات لم تفشل في توقع هجوم 1973، بدليل مزعوم، وهو أن مروان أخبرها بموعد الهجوم وإن جاء إخطاره لها متأخراً.
إن الهدف في تقديري، هو تطبيق “خطة الانتقام الاستراتيجي من حرب أكتوبر”، وتدمير ثقة العرب في حصانة قيادتهم في أي حرب مقبلة على “إسرائيل”. والإيحاء الواضح هنا، هو أن “الموساد” الذي استطاع اختراق قيادة السادات قادر في المستقبل على تكرار ذلك!
وفي الوثيقة التي نشرت هذا العام وموضوعها لجنة آجرانات التي تشكلت للتحقيق في أسباب الهزيمة الإسرائيلية، نلاحظ أن حواراً بين الفريد عايني، مساعد رئيس “الموساد” آنذاك، تسيفي زامير، وأعضاء لجنة التحقيق حول مدى إخلاص مروان ل”إسرائيل”، وهل كان بالفعل يعمل لمصلحتها، أم لمصر كجاسوس مزدوج؟
المعلومة التي يراد تأكيدها من خلال النقاش في الوثيقة، هي أن مروان سافر من القاهرة إلى لندن، ومن هناك طلب حضور رئيس “الموساد” ليخبره بموعد الهجوم في اليوم نفسه. وحولها يدور نقاش بين المحقق في اللجنة إسحق نيبتسنال وبين عايني. فالمحقق يرى أن مروان تعمد التأخير في إبلاغ المعلومة وكان بمقدوره توفير 24 ساعة مهمة ل”إسرائيل”، لو أرسل برقية يحدد فيها موعد اندلاع الحرب بدلاً من استدعاء رئيس “الموساد”.
هذا بينما تأتي إجابات عايني لتؤكد إخلاص مروان ل”إسرائيل”، وأنه كان بمقدوره ألا يغادر مصر أصلاً دون أدنى تعرض للشك من “الموساد”، للظروف القاهرة آنذاك. وينتهي الحوار بإقناع المحقق بإخلاص مروان ل”إسرائيل” رغم تخفيه في دور العميل المزدوج.
وفي تقديري أن هذا بالضبط هو المقصود من تأليف الوثيقة أو هذا الجزء، حيث المطلوب أن نصدق أن المخابرات الإسرائيلية عرفت المعلومة في الوقت المناسب، وإن كان متأخراً. والسؤال: لماذا لم يوجه الطيران الإسرائيلي ضربة إجهاضية للمطارات المصرية والسورية مع طلوع الشمس، وهو ما كان سيمكنه بعد ذلك من تدمير الدفاعات الأرضية ضد الطائرات، وبالتالي يضع القوات السورية والمصرية في وضع مكشوف مثلما حدث عام 1967؟ الإجابة في تقديري، أن مروان لم يسافر للندن وأن “إسرائيل” فوجئت تماماً بالهجوم، بعد أن باع لها مروان لسنوات الوهم، وهم أن السادات لن يصدر قط قراراً بالحرب لخوفه من الهزيمة.
صحيفة الاتحاد الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات